■ ثمة تفاهمات مهمة أنجزت بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن فى وسائل كثيرة مهمة، وفى مركزها تأتى مسألة الملف الإيرانى النووى، وهو الأمر الذى تولى له إسرائيل أهمية على نحو خاص، وعليه فقد بات رئيس الحكومة الإسرائيلية فى مأمن بشأن علاقته بالولايات المتحدة، التى باتت على حد وصف وزراء إسرائيليين حكومة «مستقرة ومتينة». وفى مقابل هذه الإنجازات والتفاهمات التى حققها نتنياهو أثناء زيارته واشنطن يريد أن يثبت حسن نواياه تجاه الملف الفلسطينى، محور التوتر الأخير فى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، خاصة بعد دعم الرئيس باراك أوباما لإسرائيل فى مسعاها إلى الانتقال إلى المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، وفى الملف النووى الإيرانى وسياسة الغموض النووى التى تنتهجها إسرائيل. ومن هنا، يسعى نتنياهو لبلورة رزمة تسهيلات وخطوات لبناء الثقة تجاه الفلسطينيين، بهدف تشجيع السلطة على الانتقال إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، ويأتى على رأسها المطلب الفلسطينى الأساسى المدعوم أمريكياً، وهو انسحاب الجيش الإسرائيلى من عدد من مدن الضفة الغربية، أو وقف نشاطه اليومى فيها، وتقل المسؤولية الأمنية عنها للسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى إزالة المزيد من الحواجز العسكرية فى أنحاء الضفة، وفى موازاة ذلك، فإن أوباما أكد لنتنياهو ممارسة الإدارة الأمريكية ضغطاً على السلطة الفلسطينية للانتقال إلى المفاوضات المباشرة، بشرط أن تكون خطوات نتنياهو لبناء الثقة أفعالاً وليست أقوالاً كما حدث قبل 4 أشهر من اندلاع الأزمة مع واشنطن على خلفية الإعلان الإسرائيلى عن بناء 1600 وحدة سكنية جديدة فى مستوطنة «رماث شلومو» شمال القدس. من بين الخطوات التى يدرس نتنياهو اتخاذها إلى جانب وقف نشاطات جيش الاحتلال فى المدن الفلسطينية فى الضفة الغربية، فتح 6 مراكز جديدة للشرطة الفلسطينية فى المناطق المصنفة «O» ويتركز دورها أساساً فى الحفاظ على النظام العام والقضايا الجنائية فقط، فى حين تبقى صلاحية «محاربة الإرهاب» بيد إسرائيل فقط، وتسليم السلطة مساحة كاملة لشق طريق للمدينة الجديدة «رواى» المزمع إقامتها شمال رام الله. غير أن رزمة التسهيلات هذه لا ترقى للحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، التى قللت من أهمية أى حوافز أمنية واقتصادية، خاصة أن الفلسطينيين استمعوا عشرات المرات فى الماضى إلى الحديث عن خطوات بناء الثقة ولم يتحقق منها شىء، لذا يصر الرئيس محمود عباس على الانتقال إلى المفاوضات المباشرة وإحراز تقدم فى موضعى الحدود والأمن، اللذين يجرى بحثهما فى المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلى بوساطة أمريكية. السلطة الفلسطينية بناء عليه أرسلت مع ميتشل ثلاثة أسئلة مهمة لإسرائيل الأول: هل هى مستعدة لاستئناف المفاوضات من النقطة التى توقفت عندها نهاية 2008؟ والثانى: هل تعترف بشرق القدس عاصمة للدولة الفلسطينية؟، والثالث: كيف تنظر إلى حدود 1967 وهل تقبل بها كأساس لحل الدولتين؟ غير أن إسرائيل لم تجب عن هذه الأسئلة، خاصة أن نتنياهو يصر على ألا يطرح أياً من مواقفه، فيما يخص قضايا الحل النهائى، إلا من خلال المحادثات المباشرة مع الفلسطينيين. وفى هذا السياق، فإن مصر انضمت إلى السلطة فى رأيها بأن الوقت لم يحن لعقد المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فحتى اللحظة لم يتحقق الإنجاز الكافى الذى يمهد لاتخاذ مثل هذه الخطوة، وحتى فلسطينياً وإسرائيلياً انتقد مفاوضون مخضرمون سير المفاوضات الحالية التى تعانى بطئاً مفتعلاً، ليس الآن وحسب، بل منذ 19 عاماً، فالتوتر المتصاعد مع إسرائيل بسبب بناء المستوطنات فى القدس «قنبلة موقوتة» تقضى على الثقة بين الجانبين، فالمحادثات المستقبلية يجب فى حال استئنافها أن تبدأ من حيث انتهت!!