كيف يمكن أن تكون نظرتنا عن المغرب العربى سوى مجموعة من العرب المعلقين بين الهوية العربية التى لا ينتمون إليها والهوية الفرنسية التى لا يصلون إليها، فاللسان دائما ناطق بالفرنسية يتخلله بعض الكلمات العربية المفعمة بحرف القاف، والقلب أيضا ناطق بالفرنسية، لا أستطيع أن أنكر أنى وقعت فى هذا الفخ ورسمت الصورة النمطية لهم بأنهم مجموعة أضاعت ثقافتها وهويتها، وتعايشوا مع هذا الغزو الحضارى والثقافى. كان ذلك قبل أن أتجاذب أطراف الحديث مع أحد الأصدقاء عقب الحدث الكروى المشين بين مصر والجزائر، وما إن بدأ الحديث إلى أن تلقانى بصفعة قوية حين قال: نحن مقصرون فى حق هؤلاء. لوهلة أفقدنى شعورى المفرط بالقومية العربية وشعورى الزائف أنى كنت واحدة من المهتمين بهذا الوطن المهموم، لم أفكر فى الأسباب التى قالها، فهو تكلم عن الزيارات الدبلوماسية والبدلات الرسمية التى لا تفرق مع المواطن العربى كثيرا، لكننى تناولتها بمحمل آخر سألت نفسى: ماذا فعلنا نحن للتصدى للغزو الفرنسى للمغرب العربى؟ نعم، نحن أكبر دولة عربية ومعقل القومية العربى والهوية الإسلامية والقائد لهذا الوطن المفعول به، وهو ما يعنى أن الواجبات والمسؤوليات تقع على عاتقنا قبل القيادة. ماذا فعل الأزهر الشريف كأكبر مؤسسة دينية بما يملك من أمهات الكتب وأعرق المعلمين أمام طوفان الفرانكفونية وهو يجتاح مدارس وصحافة وفنوناً وأسماء شوارع المغرب العربى؟ قال لى صديقى: إن الاستعمار الإنجليزى همه لم الفلوس والاستعمار الفرنسى غاوى لعب بالنفوس، وتتجلى هذه الحقيقة فى خطاب شارل ديجول فى الجزائر، أعلن أن فرنسا تعتبر أن فى الجزائر فئة واحدة من السكان فقط تعتبركم كلكم فرنسيين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات. تتبنى فرنسا سياسة طبقها فى جميع الدول، التى استعمرتها وهى سياسة اختراق الهوية، فقد اخترقت هوية المغرب العربى من خلال تدنيس التعليم وهو ملمح خطير أخرج مجموعة من النخبة المثقفة التى تنتمى لفرنسا أكثر من انتماء الفرنسيين لها، وإعلاء قيمة فرنسا ولغتها ومواطنها كنموذج، وتلك السياسة الماكرة للأسف ممتدة إلى الآن. لكننا إلى الآن غارقون فى الصخب السياسى فى المشرق العربى ممزقون بين حصار الفلسطينين فى غزة وتبعات الحرب الأمريكية فى العراق، ونسينا أو تناسينا المغرب العربى. دينا على