فى نموذج فريد من الاحتجاج، أعلنت الصحف الإيطالية، أمس، احتجابها عن الصدور، كما أوقفت جميع القنوات التليفزيونية الإيطالية نشراتها الإخبارية، وجمدت المواقع الإلكترونية أخبارها دون تحديث، فى إضراب شامل للإعلام الإيطالى دعت إليه نقابة الصحفيين بروما لمدة 24 ساعة، احتجاجا على مشروع قانون «التنصت» الذى يفرض قيودا مشددة على حرية الصحافة. قال بيان صادر عن النقابة إن «الصحفيين بالصحف اليومية سيضربون بدءاً من مساء أمس الأول (الخميس) وذلك لمنع صدور صحفهم فى اليوم التالى، بينما سيضرب العاملون بوكالات الأنباء، أمس (الجمعة)، من الساعة السابعة صباحا وحتى الساعة نفسها من اليوم التالى، أما الزملاء بالصحف الإلكترونية والمواقع المرتبطة بالصحف الورقية فسيضربون من السادسة من صباح الجمعة وحتى السادسة من صباح السبت». واستجابت جميع وسائل الإعلام الإيطالى للإضراب، بما فى ذلك مجموعة «ميديا ست» التابعة لرئيس الوزراء سيلفيو برلسكونى، حيث تم تجميد الأخبار على موقعها الإخبارى والتزمت بوضع إخطار الإضراب فى أعلى صفحتها الإلكترونية، مثلها فى ذلك مثل جميع المواقع الإلكترونية الإيطالية، سواء الخاصة بالصحافة المرئية أو المسموعة، فيما عدا مراسلى القنوات الأجنبية غير الإيطالية. وينص مشروع القانون، الذى أقره مجلس الشيوخ فى 10 يونيو الماضى، والذى لايزال بحاجة لموافقة مجلس النواب ليصبح ساريا، على الحبس شهرين وفرض غرامة يمكن أن تصل إلى نحو 465 ألف يورو على ناشرى الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة التى تنقل معلومات تتضمن تنصتاً أو تسجيلات سمعية أو فيديو خلال تحقيق قضائى. وكتبت صحيفة «لارينا» الإيطالية على موقعها الإلكترونى، أمس، «اليوم، ستخلو الأكشاك من الصحف، ولن نحدث أخبارنا على مواقعنا الإلكترونية، وسيتوقف بث وكالات الأنباء فى يوم صامت ستعيشه إيطاليا، استجابة للإضراب الذى أعلنه الاتحاد الوطنى للصحافة ضد مشروع قانون بشأن مشروعية التنصت والنشر». ووضعت جميع الصحف الإيطالية والمواقع الإلكترونية، بما فيها المواقع التابعة لمجموعة «ميديا ست» المملوكة لرئيس الوزراء الإيطالى، على رأس صفحاتها الإلكترونية نص البيان الصادر عن نقابة الصحفيين والذى يدعو للإضراب الكامل، فيما ظلت باقى أخبارها وتقاريرها على مواقعها تحمل تاريخ «الخميس 8 يوليو» دون تحديث. وقبل نحو أسبوع، تظاهر آلاف الأشخاص فى روما، احتجاجا على ما سموه «قانون تكميم الأفواه» الذى قد تدخل تعديلات كبيرة عليه خلال دراسته أمام مجلس النواب. ويدافع برلسكونى عن مشروع القانون باسم احترام الحياة الخاصة، إلا أن المعارضة اليسارية وغالبية وسائل الإعلام الكبيرة ترى فيها خطوة لإسكات الصحافة ومنع نشر معلومات قد تكون محرجة لرئيس الحكومة. وقال برلسكونى فى حوار له نشر قبل ساعات من الإضراب مع قناة تليفزيونية تابعة لمجموعته «ميديا ست»، عن قانون «تكميم الأفواه» الذى سيتم بموجبه فرض عقوبات وغرامات على من يقومون بكشف محتوى المحادثات الهاتفية التى يتم التنصت عليها أثناء التحقيقات الرسمية، إنه قانون «مقدس». وتابع: «أنا كنت ومازلت مقتنعاً بأن هذا القانون مقدس يتبع خطوط مشروع قانون آخر تم التصديق عليه بأغلبية ساحقة، عام 2007، عندما كان اليسار يسيطر على الحكومة». وأكد برلسكونى أن هذا القانون لن يضعف الدولة فى مكافحة المافيا وأن ما من حكومة أخرى فعلت «أكثر وأفضل» ضد الجريمة المنظمة خلال السنوات ال60 الماضية من الذى أنجزته حكومته. وحول خطة التقشف التى اقترحتها حكومته لتقليص عجز الموازنة العامة بمقدار 24 مليار يورو، أكد برلسكونى أنه «سيرحل هو وحكومته» إذا لم يصدق البرلمان على هذه الخطة، مشيرا إلى أن «الانتعاش الاقتصادى سار وسيكون أكثر صلابة، كلما ارتبط بسياسة صارمة على الحسابات العامة».