يظل صفوت الشريف، أمين عام الحزب الوطنى، مدعواً إلى أن يشرح للناس ما الذى يقصده بالضبط من وراء الكلام الذى قيل على لسانه، صباح الأربعاء الماضى، حين التقى يومها مع برلمان الطلائع من الشباب. فالرئيس مبارك كان قد تدخل قبلها بشكل مباشر، فى صفقة بيع قرية آمون فى أسوان، وأصدر قراراً بإلغاء البيع، ثم إعادته من خلال مزاد علنى، وكان حين فعل ذلك، بوضوح، يتصرف كما يجب أن يتصرف رئيس الدولة، إزاء قضية من هذا النوع! وقد قيل كلام كثير، بعد قرار الرئيس، وهو كلام يتصل برجال فى السلطة هنا مرة، وهناك مرات.. ولكن، بما أنه مجرد كلام، ولا يستند إلى معلومات، فلابد من أن نتجاوزه، ولو مؤقتاً، إلى غيره! وحين تكلم أمين عام الحزب الوطنى مع الطلائع، بدا من كلامه وكأنه يقصد القضية التى تصدى لها الرئيس بقراره، دون أن يكشف الأمين العام، بصراحة، عما يقصده على وجه التحديد! لقد قال ما يلى: المناصب الوزارية مناصب سياسية فى المقام الأول، وليس شرطاً فى الوزير أن يكون متخصصاً، ولكن المفروض فيه أن يكون سياسياً، وأن يكون لديه البعدان السياسى والاجتماعى، والبرنامج الخاص بحزبه.. ثم أضاف، كما جاء فى صيغة «الأخبار» على لسانه: «رجل الأعمال مواطن مصرى، له كل الحقوق، وعليه كل الواجبات، وليس محرماً عليه تولى المناصب، بشرط الفصل الكامل بين الماضى، والمسؤولية السياسية الجديدة». هذا هو نص الكلام المنسوب إلى الرجل، وهو كلام، كما ترى، غير مباشر، ولا يستطيع القارئ أن يتبين منه، بالضبط، ما الذى يقصده، الأمين العام للحزب الحاكم! ولا تفوت فرصة إلا ويؤكد فيها صفوت الشريف، مرة بعد مرة، أن الحكومة القائمة هى حكومة الحزب، وأنها ملتزمة فيما تفعله، ببرنامج الحزب، وأفكاره، وتصوراته. وبما أنه أمين عام الحزب، الذى تحكم الحكومة باسمه، فلابد حين يأتى ليتكلم عن رجال الأعمال الخمسة الموجودين فيها، أن يتحدث بصراحة أكثر، وأن يقول لنا، بوضوح لا يحتمل اللبس، ما إذا كان يقصد أحداً بعينه، فى داخل الحكومة، وأن يسميه، ثم يقول لنا لماذا يقصده هو على وجه التحديد، دون غيره، وما هى ملاحظاته عليه! ثم إن هناك سؤالاً آخر هو: إذا كان أمين عام الحزب الحاكم، يطالب بالفصل الكامل، بين الخاص والعام، فى حياة رجل الأعمال، الذى يتولى مسؤولية فى الوزارة، أو الحياة السياسية عموماً، فما الذى يمنع الحزب الحاكم من المبادرة بإجراء مثل هذا الفصل وتنفيذه؟.. إننا جميعاً قد نطالب بما يطالب به صفوت الشريف، بل إننا نطالب بذلك فعلاً، ولكن هناك فارقاً أساسياً بيننا، وبين الشريف، حين نتكلم عن القضية نفسها، وهذا الفارق هو أن أمين عام الحزب الحاكم، يستطيع - لو أراد - أن ينقل ما يقول به، من حيز الكلام، إلى خانة الفعل فى لحظة، لأنه رجل مسؤول، بينما نحن لا نملك ذلك طبعاً! موقع الرجل يفرض عليه، والحال كذلك، أن يتكلم تصريحاً، لا تلميحاً!.. إذ لا يجوز أبداً أن تنطلق تصريحاته هكذا، فى العموميات!