طالعتنا جريدة المصري اليوم بتاريخ 13 نوفمبر 2014 صورة للسيد وزير الإسكان ومتحدثا عن أزمة الإسكان نقلا عن جريدة اليوم السابع (قادرون علي حلها خلال خمسة سنوات) فأصابنا الحبور للخطة ثم راحت السكرة وجاءت الفكرة لقد اختزل الوزير المعضلة إلي أزمة ولغويا الأزمة حالة طارئة تزول بسرعة بعد زوال الأسباب وكم من أزمات مرت علي مصر وزالت في شهور وليس في سنوات وعلي سبيل المثال أزمة في أنابيب الغاز تنتهي عند استيراد غاز من الخارج أو أزمة في سلعة من السلع تنتهي عند زيادة الإنتاج إذا كانت محلية الصنع أو استيرادها من الخارج. أما الإسكان فلم يكن في يوم من الأيام أزمة بل هو بدأ من الأول مشكلة لم تحاول أي حكومة من الحكومات المتعاقبة منذ ستة عقود حلها، بل إن كل حكومة تزايد علي الحكومة التي قبلها بأن تنفخ في نار المشكلة حتى تزيد النار اشتعالا ثم تأتي الحكومة التي بعدها فتقوم بزيادة الوقود حتى لا تخمد النار بل يعلو لهيبها فيحرق وجه الشباب الباحث عن سكن يأويه وفي نفس الوقت، يلفح اللهيب وجه باقي الشعب الذي اضطرته الظروف هو الآخر للبحث عن سكن يأويه لأسباب مختلفة علي سبيل المثال انهيار العقار الذي كان يسكن فيه من سنوات أو نقل عمله من مدينة لآخري أو بسب زلزال عام 1992 أو إخلاء الأسر التي تسكن في عقار آيل للسقوط ......الخ . من الأسباب العصية علي الحصر وظلت تلك المشكلة تتفاقم علي مدار السنين حتي أصلجت معضلة الإسكان والمعضلة في اللغة العربية هي المشكلة التي تفاحلت علي توالي السنين حتي أصبح حلها من المستحيلات حتي أن الحصول علي الغول والعنقاء والخل الوفي أسهل من حل مضلة الإسكان وحتى يتم تأصيل هذه المعضلة وكيف وصلنا إلي هذه الحالة المتردية فنعود للوراء ففي الأربعينات وأوائل الخمسينات فلم يكن هناك مشكلة علي الإطلاق فمحدودي الدخل يحصلون علي المسكن المناسب وبإيجار زهيد وكذلك الطبقة المتوسطة وبإيجار بسيط أما الطبقات الغنية فدائما ليست لديها مشكلة فهي تملك الأموال للحصول علي المسكن المناسب وفي هذا الوقت كانت تفضل السكن في القصور والفيلات وفي معظم الأحوال كانت تملكها. في هذه الفترة كانت هناك دائما لافتة ( شقة للإيجار) معلقة علي معظم العقارات وكان بعض أصحاب العقارات يتوسلون إلي المستأجرين حتي لا يتركوا الشقق التي يستأجرونها حيث التنقل بين الشقق كان ظاهرة بين المستأجرين طلباً لشقة أوسع في المساحة أو في عدد الغرف أو العقار في موقع متميز أو من الملل من الاستمرار في شقة واحدة لمدة طويلة وكان صاحب العقار يغري المستأجر إما بتخفيض الإيجار أو بإعادة دهان الشقة حتي يستمر في الشقة. هكذا كانت الأحوال في تلك الفترة ثم بدأت المشكلة تظهر بوضوح علي السطح بعد قيام الحكومة بإصدار قوانين لتخفيض الإيجارات عدة مرات وذلك تقربا للمستأجرين ونكاية في الملاك رغم أن الإيجارات في ذلك الوقت كانت بسيطة وفي متناول الجميع ومن الغرائب أن هذه الإيجارات بعد التخفيضات المتكررة مازالت كما هي حتي الآن لم تزد قرشا واحدا رغم أن جميع الأسعار في مصر المحروسة ارتفعت ارتفاعاً جنونياً طوال الستة عقود الماضية بل هي الآن أصابها السعار حتي أن بعض الشقق منذ الستينات حتي الآن والتي سري عليها عدة تخفيضات متوالية إيجارها أقل من رسوم النظافة التي يتم تحصيلها علي فاتورة الكهرباء. وبمناسبة ذكر الكهرباء فإن فاتورة استهلاك الكهرباء شهرياً لأي شقة أصبح يساوي عشرات المرات للإيجار الشهري الذي يحصل عليه صاحب العقار. وكذلك فاتورة استهلاك المياه والغاز وصار الإيجار الشهري للشقة الذي يحصل عليها المالك من المستأجر يساوي عشرة في المائة من قيمة ما يدفعه المستأجر للكهرباء والمياه والغاز ورسوم النظافة التي تحصل مع فاتورة الكهرباء رغم أنه لا يوجد نظافة والقمامة تملآ الشوارع والميادين والمستأجر بدفع مبالغ أخري لجامع القمامة التي ينقلها من أمام الشقة إلي صناديق القمامة القائمة بالشوارع العامل الثاني هو ارتفاع أسعار مواد البناء بشكل مخيف فالبندين الرئيسين في البناء هما الحديد والأسمنت صار السعر للطن يزيد في المتوسط 400% في السنة فقد كان الطن الواحد للحديد التسليح حوالي 60,00 جنيه في الستينات صار 6000,00 جنيه الآن والطن من الأسمنت يزيد في المتوسط 400% في السنة فقد كان الطن الواحد للأسمنت 5,00 جنيه في الستينات صار 1000,00 جنيه الآن والصنايعي يتقاضي أضعاف ما كان يتقاضاه في اليوم وذلك طبقاً لأن أسعار المعيشة زادت علي العمال أيضاً كما أن المواد المستوردة للبناء تم زيادة الجمارك عليها زيادات متتالية وهكذا أصبحت تكاليف كل عناصر البناء في صعود مستمر بل وأخيراً أصابها جميعاً سعار الأسعار. وترجمة لهذه الأحوال التي أصبح فيها ( معضلة الإسكان) طلع علينا المهندس مساعد وزير الإسكان للشئون الفنية في جريدة المصري اليوم بتاريخ 15 نوفمبر 2014 بالإعلان عن شقق للشباب ( الإسكان المتوسط) أسهب فيها عن تفاصيل هذا الإسكان المتوسط ولتأخذ منه أقل مساحة وهي 100 متر مربع في القاهرة الجديدة وسعرها أكثر من أربعمائة ألف جنيه والمقدم مائة وسبعة عشر ألف جنيه والقسط الشهري ألفان من الجنيهات لمدة عشرين عاماً. هل هذه الأسعار للشباب ومن هؤلاء الشاب؟ الذين يستطيعون شراء هذه الوحدات. وبالقطع يقصد أبناء الطبقة المتوسطة لذا سمي الإسكان المتوسط . وفي الشرح أن هذه الوحدة ستعطي لمن مرتبه الشهري 5000 جنيه فهل يستطيع شباب الطبقة الوسطي استيفاء هذه الشروط وغيرها وما خفي أعظم. وليشرح لنا معالي وزير الإسكان والسيد مساعد الوزير من هذا الشاب الذي ينتمي للطبقة الوسطي الذي يستطيع شراء هذه الوحدة بتلك الشروط المعلنة في الصحف لقد غلق الفهم علينا. وياريت لو يتم نشر تكاليف الوحدة بالتفصيل أعلانا للشفافية فأسعار الوحدات علي وجه العموم أسعار فلكية لا يقدر عليها المتوسطين في الغني . رحم الله شعب مصر اللهم أهدنا جميعا سواء السبيل واحمنا من الظلم والظالمين أنك سميع مجيب يا رب العالمين. المشهد..لاسقف للحرية المشهد..لاسقف للحرية