شهدت الأيام الأخيرة سجال واسع و مخاوف غير طبيعة راودت النخبة المثقفة إيذاء تهميش دورهم في تشكيل الدستور للمرة الثانية مما اعتبره مبدعو وأدباء مصر إقصاءا متعمدًا لضمير الأمة متمثلا في نخبتها المثقفة. بدأ الأمر ببيان من الكاتب الكبير محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر أعرب فيه عن ارتياحه للمسار الذى يتخذه التشكيل الجديد للجنة التأسيسية للدستور، بعد الحكم القضائي بإلغاء تشكيلها السابق المعيب، الذى استحوذ على أغلبيته أعضاء البرلمان من التيارات الدينية، التي أعطت نفسها حق الترشح والانتخاب الذاتي، داعيًا البرلمان أن يأخذ في الاعتبار نسبة معقولة تمثل الأدباء والمثقفين داخل تأسيسة الدستور، وبين مد وجذب كان تجاهل البرلمان لمطلب الاتحاد شبحًا يطارد المبدعين بصفة عامة خوفًا علي حرية الإبداع في ظل التيارات الدينية المسيطرة علي تأسيسة الدستور بشكل كبير. أما عن الخطوة الجادة والتي اتخذها وزير الثقافة محمد صابر عرب تجاه إقصاء المفكرين من تأسيسة الدستور جاءت مشمولة بغضب شريحة كبيرة من المثقفين لترشيحه خمسة أسماء وصفت بالاختيارات الفلولية التي لا تملك من الأدوات ما تعبر به عن حال الثقافة وحرية الإبداع في تأسيسة الدستور، لذلك وجد بديلًا سريعًا لتلك الأسماء بطرح نادي القلم المصري من جانبه أسماء شخصيات مثل بهاء طاهر وعواطف عبد الرحمن وفتحى إمبابى وهالة البدري وعلاء عبد الهادي، لأن يكونوا ممثلين فى اللجنة التأسيسية للدستور. الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد رئيس نادي القلم الدولي أكد في تصريحات خاصة "للمشهد" أن بيان نادي القلم كان يعد له من قبل أن تعلن تفاصيل اختيارات اللجنة التأسيسة، حتى لا يغلب عليها الطابع الديني متمثلا في " الإخوان والسلفيين". وأضاف عبد المجيد أنه غير متفائل بشأن الاهتمام بالأسماء المرشحة من قبل نادي القلم، معتبرًا تجاهل البرلمان لمطالب اتحاد الكتاب دليلًا واضحًا علي إقصاء ما رشح نادي القلم من أسماء لتمثيل الأدباء و المثقفين داخل تاسيسة الدستور. في وقت نفسه اكد عبد المجيد ان الثورة لا زالت قائمة ولا غيرها امام النخبة المثقفة حال تجاهل رغباتهم في تمثيل الثقافة داخل تأسيسة الدستور.
الشاعر والكاتب "حزيِّن عمر" ،أكد أن التهميش متعمد من قِبل طرفين أولهم المثقفين أنفسهم بسبب تمزقهم بين السعي إلي الصغائر والبحث عن المصالح الشخصية الضعيفة وعدم وجود كيان حيوي يمثل هذه الشريحة بشكل واقعي وواضح مما صبغ عددًا كبيرًا من المثقفين بقلة الوعي على حد وصفه. أما الطرف الثاني من وجهة نظر "عمر" وحسب قوله كانت الجماعة التي تسمي نفسها المسلمين وتفعل كل شئ ضد جوهر الإسلام لتنفذ فكرة التوريث علي ارض الواقع وبشكل عملي سريع بعد استيلائهم علي مجلس الشعب والشوري. وأضاف "عمر " في سرد لما قام به الإخوان والسلفيون علي مدار عام ونصف العام بداية من فكرة تعديل الدستور، الدستور أولا ، انتهاءً بمحاولتهم السيطرة علي تأسيسة الدستور للاستيلاء معها علي الصحف القومية أحدث محاولات التيارات الاسلامية لتحقيق مصالحهم الذاتية التي وصفها " عمر" بالمحاولات الخالية من أي موقف وطني علي مدار تاريخ تواجدهم منذ 80 عام. أما عن تشكيل الدستور أكد " عمر" أنه أُعدم مع سبق الإصرار من خيال الكيانات الدينية التي تسعى لتدمير مصر وتحويلها إلى إمارة تتبع الخلافة السعودية. وأضاف " عمر" تعليقًا عن الأسماء الخمسة المرشحة من قبل وزير الثقافة، هناك سيدتان ممن رشحوا لا أعرفهن علي الإطلاق كل من دكتورة" ليلي جلال ، إيناس عبد الدايم"مؤكدًا أنه ليس لهن أي دور في الحياة الثقافية. أما الكاتب الكبير بهاء طاهر والكاتب و المفكر السيد ياسين أكد " عمر" أن لاشك في قيمتهما الكبيرة مرحبًا بأختيارهم سواء من الوزير أو البرلمان.
من جانبه أكد الشاعر الكبير سيد حجاب أن المعايير التي تأسست عليها تاسيسة الدستور جاءت مغلوطة لا تمثل توافق المجتمعي مع الأحزاب الرسمية، داعيا أن يكون هناك تناسب بين جميع الأحزاب المصرية مع التوافق المجتمعي حتي يتم التخلص من استبعاد الشعب تفاديًا لصنع ديكتاتور جديد. وأشار حجاب إلى ضرورة التخلص من هذه اللجنة التي قامت على أسس حزبية حتي لا تتم على حد تعبيرة مؤامرة المجلس العسكري مع النخب الحزبية القديمة لتأسيس دستور يكرَّس للاستبداد الديني العسكري، مؤكدًا أن بناء علي هذه المعايير سيرفض كشريف مصري أن يبيع مجتمعه مقابل وضع اسمة في تاسيسة الدستور.
في الوقت ذاته رفض الروائي فؤاد قنديل الانقسام حول الأسماء المرشحة لتمثيل المبدعين داخل تأسيسة الدستور سواء كانت من قبل الوزارة أو تم ترشحيها من قِبل نادي القلم الأدبي، داعيًا النخبة المثقفة للاتفاق حول الأسماء التي تم ترشيحها بدلًا من الاختلاف والانقسام حول كل كبيرة وصغيرة. وأضاف قنديل: إن ما هذه الأسماء تملك العديد من المواهب والخبرات وليس هناك ما يأخذ عليها، وأبدى رغبته في الاتفاق بدلًا من تهميش القيادت السياسة لصوت المبدع في الحياة السياسة.
وصرح الدكتور زين عبدالهادي رئيس دار الكتب الأسبق ، أن اختيارات وزير الثقافة جاءت غير موفقه وليس لها أية قيمة ثقافية مؤكدًا أنها لا تعبِّر عن الثورة وروح التغيير. وأضاف عبدالهادي أنه رغم احترامه لكل الأسماء التي تم ترشيحها إلَّا أنه كان يأمل في تمثيل شباب الثورة المثقف داخل تأسيسة الدستور، معتبرًا هذه الاقتراحات سياسة أمر واقع وترشيحات من قِبل مؤسسات حكومية لا تعكس رؤى الشارع الثقافي.