نادر فرجانى يكتب: شجون مبادرة السلام العربية..المُفرطون يفصحون عن نواياهم في حوار مع صحيفه "كورييري ديلا سيرا" الايطاليه الأحد الماضي قال عبد الفتاح السيسي أنه سيكون مستعدا لارسال قوات الي دوله فلسطينيه مستقبليه للمساعده علي استقرارها. وتابع نحو مستعدون لارسال قوات عسكريه لدوله فلسطينيه..سنساعد الشرطه المحليه، ونطمئن الاسرائيليين بشان دورنا كضامن".مؤكدل على أن القضية الفلسطينة، وليس الاحتلال والعدوان والإرهاب الإسرائيلي، هي سبب الإرهاب. واشار الي أنه تحدث عن الفكره مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. السلط\ة الراهنة في مصر وحلفائها في الخليج لا يعون دروس التاريخ، ولا الجغرافيا، ولا يستحون من توظيف القوات المسلحة لشعب مصر لحماية الدولة العنصرية الغاصبة، عدو العرب جميعا بل هم يعتبرون الصراع فلسطينيا إسرائيليا، وليس صهيونيا -عربيا. وفي البيان المشترك الذي صدر في ختام مباحثات الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، في العاصمة موسكو، نادى الجانبان ب”ضرورة تفعيل اعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة وغيرها من آليات التعاون الثنائي بين البلدين”، وبعد كل هذا ناقش الجانبان مجموعة من الملفات الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك الوضع في سورية والعراق وليبيا واليمن واخيرا، وهذا هو المهم، “الصراع الفلسطيني الاسرائيلي” هذه هي المرة الاولى، على حد علمي، التي يصدر فيها بيان مشترك لمباحثات وزير سعودي كبير في مكانة الامير الفيصل ويقول “الصراع الفلسطيني الاسرائيلي” وليس الصراع العربي الاسرائيلي. لاحظ أن السيسي استعمل العبارة نفسها قبل بدء جولته الأوربية بعد اللقاء السعودي الروسي مباشرة. القصد في الحالتين أن يُترك الشعب الفلسطيني وحيدا ليواجه الدولة الغاصبة والغادرة. ولو فهموا دروس التاريخ لعلموا أنهم يفرطون في الأمن القومي العربي، والمصري على حد سواء. وفي الشهر الماضي صدع مهللوا الإعلام رؤوسنا بتعظيم الرئيس الحاكم ومديح بطولته في عقد مؤتمر إعادة إعمار غزة في القاهرة. ولكن هذا التهليل الفج لا يصمد أمام النظر المتأني، فقد كان جوهر الموقف السياسي لرئيس الدولة هو إعادة طرحه لما يسمى مبادرة السلام العربية. والحق إن إعادة طرح هذه المبادرة مجددا يكشف عن تطابق توجهاتة الإقليمية في السياسة الخارجية مع نظام محمد حسني مبارك. فكلمة الرئيس في إفتتاح مؤتمر إعادة إعمار غزة، والمتركزة حول ما يسمى "مبادرة السلام العربية" ليست إلا تكرارا شبه حرفي لما كان يقوله محمد حسني مبارك في سنوات حكمه الأخيرة، في سياق ما يسمى "جبهة الاعتدال العربي"، أي نظم الحكم في البلدان العربية الموالية للولايات المتحدة. ولن استغرب إن كان من كتب له الكلمة هو نفسه من كان يكتب لمبارك. وإن لم يكن الشخص ذاته، فهو شخص ينتمي للمدرسة نفسها في السياسة العربية: سياسة الانبطاح أمام المشروع الصهيوني في المنطقة العربية، وتسمية الاستسلام للعدو سلاما. في المقابل، حسب "اليوم السابع" الموالية للحكم التسلطي الراهن بلا مواربة، أكد وزير الدفاع الإسرائيلى موشيه يعالون أنه لن تقام دولة فلسطينية فى الضفة الغربية وإنما حكم ذاتى منزوع السلاح. أي علم وشرطة تحمي أمن إسرائيل قبل أمن الفلسطينيين، وحكومة تستجدي المساعدات من العدو الغاصب لأرض فلسطين، في ظل هيمنة إسرائيلية تامة. هكذا كان دأب الحكام العرب دائما، يلهثون وراء إسرائيل للتفاوض بينما الدولة الغاصبة تتمنع وتزيد من انتهاكها للحقوق العربية باطراد. وليس أدل على ذلك من تتبع تاريخ قرارات القمة العربية بهذا الشأن. في دورة للقمة العربية (الرياض، 2007) قاطعت دولة عربية المؤتمر واتهم رئيسها القادة المؤتمرين، بالتآمر على الأمة العربية، خاصة فلسطين، وبالإعداد لمناهضة إيران، تنفيذا لتعليمات أمريكية. ولن يدهش القارئ أن تكاتف الحكام العرب، بغطاء من جامعة الدول العربية بقيادة السيد عمرو موسى حينئذ، بدعوة حلف شمال الأطلنطي، لإسقاط " أخيهم" هذا، عن معمر القذافي أتكلم، وليس دفاعا عنه أو عن حكمخ الاستبدادي الفاسد غلى حد العته. كماغاب عن الحضور في هذه القمة عدد من قادة بلدان المغرب. وأنحى الملك المضيف باللائمة في تردي أحوال الأمة العربية على تقصير القادة العرب. غير أن هذا الاعتراف المحمود، وإن جاء متأخرا، لم يجد سبيلا لأن تنتهي القمة بقرارات تقيل الأمة من عثراتها. فقد ركزت قرارات القمة على "إحياء" مبادرة السلام التي تبنتها قمة بيروت (2002)- والتي تقدم لإسرائيل الاعتراف والسلام والتطبيع الكامل لقاء العودة لحدود 1967، وهي تمثل تراجعا عن الحقوق العربية المشروعة لأنها تنطوي على التسليم بشرعية اغتصاب فلسطين فيما وراء حدود 1967، وعلى رأسها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين المُقر من الشرعية الدولية- للحق، تتضمن "المبادرة" نصا خجولا عن "حل عادل لمشكلة اللاجئين" مشروط بقبول إسرائيل له. ويتضح تداعي هذا الموقف العربي المتخاذل بالمقارنة بمقررات قمة فاس (مبادرة الملك فهد- 1982) على سبيل المثال- والتي رفضتها إسرائيل وقتها، كأساس لتفعيل عملية السلام. وخصوصا أن الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، كان قد أعلن "وفاة" مبادرة السلام في العام 2006، اي قبل القمة المذكورة بسنة. ومع ذلك كان رد إسرائيل على المبادرة العربية عند طرحها أول مرة التمنع، على اعتبار أن المبادرة تفرض شروطا مسبقة للتفاوض. ولكن رئيس وزراء العدو وقتها "تنازل" فزف بشرى استعداده للقاء ملك السعودية، مما يحقق لإسرائيل إنجازا جديدا في مطلبها الأساسي، ألا وهو تطبيع العلاقات مع الدول العربية، من دون تقديم أي تنازل- وكانت وسائل الإعلام قد تناقلت أخبار اجتماع سابق بين رئيس وزراء إسرائيل "أولمرت" ورئيس مجلس الأمن القومي السعودي في عمان. وبعدها مباشرة أعلن أولمرت أن إسرائيل لن تفكك أي مستوطنة لها، قبل أن ينبذ الفلسطينيون "الإرهاب". بينما تبارى بعض الحكام العرب في تقديم التنازلات حتي قبل أن تبدأ المفوضات. ثم حاول مؤتمر القمة العربية (الرياض، 2007) إحياء "مبادرة السلام العربية"، المرفوضة إسرائيليا، والتي كان أمين النظام الإقليمي العربي قد أعلن وفاتها سابقا. ولعل المغزى الحقيقي لإحياء مبادرة السلام العربية، في ذلك الوقت، ومن موقف ضعف نسبي باد للعيان، هو تأكيد أنظمة الحكم الراهنة على خيار التصالح مع المشروع الصهيوني، في مواجهة خيار الشعب، وقواه الحية، بتبني نهج المقاومة. الخيار الأول يعمق مسار الانحطاط- الهوان في المنطقة العربية، بينما الثاني يؤسس لمسيرة نهضة في المنطقة ذاتها. وهذان مساران يستحيل أن يتلاقيا. وكما حدث في المرة الماضية، قدمت السلطة الفلسطينة ودول "الاعتدال" العربية الغطاء المعتاد بقبول عرض متهافت لبدء مفاوضات غير مباشرة (عن قرب) للسلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل من خلال الوسيط الأمريكي جورج ميتشل، بعد أن تنازل رأس السلطة الفلسطينة عن شرط الوقف النهائي للاستيطان، وقبل هو ولجنة المتابعة لمبادرة السلام في جامعة الدول العربية، بوقف الاستيطان لمدة أربعة شهور عجفاء فقط. ومع ذلك فلم تحترم حكومة نتانياهو هذا التنازل الخطير. وقابلت وصول نائب الرئيس الأمريكي إلى فلسطينالمحتلة لبدء المفاوضات غير المباشرة بالإعلان عن بناء 1600 مسكن استيطاني في القدسالشرقية. وقبل أيام من انعقاد مؤتمر القمة العربية في ليبيا (2010) أعلن رئيس وزراء إسرائيل نتانياهو، في واشنطون ليس إلا، أن البناء في القدس، باعتبارها "عاصمة اسرائيل الأبدية"، "لم يتوقف منذ 3000 عاما"، ولا يختلف عن البناء في تل أبيب. ولن يتوقف. وتبع ذلك الإعلان عن عشرين بؤرة استيطانية جديدة في القدس ثم لمّح إلى أنه سيؤجل محادثات السلام لمدة عام. كل هذا بينما تتأكد الأنباء أن المسجد الأقصى أضحى معلقا في الهواء بفعل الحفريات المستمرة لسنوات طوال تحته وبات على وشك الانهيار أو التدمير القصدي.
وفي القمة العربية الثانية والعشرين، في "سرت" بليبيا في نهايات مارس 2010. وكما جرت العادة مؤخرا، غاب عن المؤتمر حكام عدد غير قليل من الدول العربية، بما في ذلك حاكما الدولتين العربيتين الأكبر، السعودية (لخلاف مع المضيف؟) ومصر (لأسباب صحية هذه المرة!). قبيل انعقاد القمة كان الموقف "المتشدد" الذي طالبت به السلطة الفلسطينة هو "تعليق" مبادرة السلام العربية، وأعلن أمين عام جامعة الدول العربية أن سحبها مطروح على جدول أعمال القمة. وعند بدء أعمال القمة ظهر أن سوريا و"حماس" طلبتا سحب المبادرة ولكن مصر والسعودية اقترحتا تمديدها لمدة عام (في مجاملة بادية لموقف نتانياهو المتعنّت؟). وتدل هذه المواقف المتهافتة وعديمة الجدوى (إذ لم تقبل إسرائيل أصلا مبادرة السلام العربية) على أن الأنظمة العربية لم تعِ درس التاريخ، الذي يجزم بأن أرضا محتلة لم تحرّر من دون مقاومة نشطة للمحتل تسند التفاوض، وإلا حسمت المفاوضات لصالح الطرف الأقوى. وتدل هذه المواقف أيضا على أن الدول العربية ما فتئت متراخية عن دورها في إنشاء ودعم استراتيجية لمثل هذه المقاومة، مكتفية باستصراخ المجتمع الدولي الذي لا يناصر من يقعدون عن مهمّاتهم التاريخية، وباستعطاف الولاياتالمتحدة التي لا ينتظرن موضوعيا، أن تتخلى عن الدعم غير المشروط لإسرائيل، وإنما يمكن أن تقدّم رشى تافهة لسلطة فلسطينية، وأنظمة حكم عربية "معتدلة"، كي تناهض خيار مقاومة الاحتلال وتقبل بالتفاوض(المحددة نتيجته سلفا) مع إسرائيل، ولو في ظل حكومة متطرفة ومتشددة. فعن أي مبادرة، وعن أي سلام ،ما زالوا يتحدثون، الرئيس وأبواقه المضللة، خاصة بعد الصمود الأسطوري لغزة في وجه آلة الحرب العاتية لإسرائيل الغاصبة مؤخرا؟؟؟ ##