فاق مستوى عجز الميزان التجاري الياباني المستوى الذي كان من المتوقع أن يحققه في أبريل الماضي، فقد استمر نمو الصادرات بتحقيق مستويات ضعيفة، بينما واصل مستوى الواردات تسجيل مستويات عالية. وارتفع نمو الصادرات من 5.9% في مارس إلى 7.9% في أبريل على أساس سنوي، وهو أقل من المعدل الذي كان متوقعا والبالغ 11.8% بسبب ارتفاع سعر صرف الين. من ناحية أخرى، انخفض مستوى الواردات من 10.6% في مارس إلى 8.0% في أبريل على أساس سنوي، ولكن الواردات لا تزال عالية المستوى بسبب ارتفاع الطلب على الطاقة المعدنية، حيث لا تزال اليابان تحاول جاهدة أن تلبي احتياجاتها من الطاقة بعد إغلاق كل مفاعلاتها النووية ال 54. قال التقرير الأسبوعي لشركة الكويتية الصينية الاستثمارية بأنه حافظ تعلى توقعاتها من أن الميزان التجاري الياباني سيواصل تسجيل عجزاً خلال معظم عام 2012. ومن المتوقع أن يمكث نمو الواردات على مستويات مرتفعة تدفعه واردات الطاقة التي تستمر بالارتفاع، وعلى العطس، من المتوقع أن يبقى نمو الصادرات منخفضاً، إلا ذا انخفض سعر صرف الين وارتفع مستوى الطلب الأجنبي إلى معدلات الانتعاش العالية. في أبريل الماضي، زاد البنك المركزي الياباني ميزانية البرنامج المخصص لشراء الأصول بخمسة تريليونات ين (أي ما يعادل 62.6 مليار دولار) في محاولة لإخراج الاقتصاد من الدوامة الانكماشية، ليصل حجم برنامج شراء الأصول إلى 70 تريليون ين (أي ما يعادل 877.1 مليار دولار) في نهاية عام 2013. كما تأمل الحكومة أن يخفض البرنامج من سعر صرف الين وأن يدفع مستوى الصادرات للنمو. يقيس الميزان التجاري الفرق بين قيمة الصادرات والواردات للدولة. فعندما تشهد الدولة عجزا في ميزانها التجاري، فهذا يعني أنها دولة مستوردة، أي أن قيمة وارداتها تفوق قيمة صادراتها. وبالنسبة لليابان، فإن اقتصادها يعتمد اعتمادا شبه كلي على الصادرات، فخلال العشر سنوات السابقة لعام 2010، قادت الصادرات نمو نصف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليابان. ويمثل الميزان التجاري أيضا أحد مكونات الحساب الجاري الذي يسجل شراء وبيع السلع والخدمات، ويضم الميزان التجاري وصافي الدخل من الخارج (الأرباح المحولة للداخل، وتوزيعات الأرباح، ومدفوعات الفوائد) وصافي التحويلات الجارية (الحوالات، ومعاشات التقاعد، والمنح، والمساعدات الدولية). وخلال عدة عقود، كانت اليابان تتمتع بفائض في حسابها الجاري. ومن وجهة نظر الموازين المالية للقطاعات، لا يشكل العجز مشكلة، حيث يمكن لمدخرات القطاع الخاص الكبيرة أن تغطي عجزاً أكبر في القطاع العام. ومما يعطي هذه النقلة أهمية أكبر كون الميزان التجاري الياباني من المؤشرات القائدة (المؤشرات التي تسبق التغير الفعلي) للاقتصاد العالمي، وتأكيدا على هذا، أشار "جولدمان ساكس" مؤخرا إلى أن هنالك ارتباطا نسبته 90% بين "مؤشره القيادي العالمي" وبين الميزان التجاري الياباني تفرقهما فترة ثلاثة أشهر، بحيث قد يدل تدهور الميزان التجاري الياباني على تراجع في الزخم الاقتصادي العالمي على المدى المتوسط. مع موارد الطاقة البديلة على المدى القصير، من المتوقع أن تزيد واردات الطاقة أكثر. وهذا بدوره يمكن أن يسبب ارتفاع كبير في الصادرات النفطية من دول الخليج، مما سيزيد من حجم العجز الياباني، إلا إذا زادت الصادرات اليابانية بشكل أكبر من زيادة الواردات. ومع ارتفاع الواردات، يعتمد معدل النمو على السياسة الاقتصادية، ففيما يحافظ البنك المركزي الياباني على أسعار الفائدة ثابتة على مستوياتها المنخفضة تماما التي تتراوح بين 0% و0.1%، يبقى برنامج شراء الأصول هو الأداة الأساسية للتسهيل الائتماني. ويعزز حرص البنك المركزي الياباني على تحقيق معدل التضخم المستهدف البالغ 1% من الآمال نحو المزيد من التيسير. إلا أن في الاجتماع الذي عُقد الشهر الماضي، بيّن البنك المركزي الياباني أنه من غير المحتمل أن يزيد من حجم برنامجه بشكل تلقائي، وتم التأكيد على ذلك خلال الاجتماع الذي ناقش السياسة الاقتصادية في 23 مايو، عندما أبقى البنك المركزي الياباني مسألة التيسير النقدي قيد الانتظار حتى تبرز التطورات في أوروبا. فالاقتصاد الياباني الهش لا يزال معرض لمخاطر أزمة ديون منطقة اليورو، وبسبب زيادة الطلب على الأصول الآمنة من المخاطر سيستمر الين بالارتفاع، مما يؤدي إلى انخفاض الصادرات. ولهذا، من المتوقع وجود محفزات نقدية إضافية في الأشهر القادمة، من خلال برنامجشراء الأصول، إذا ما رغبت الحكومة بالابتعاد عن الانكماش، وتحفيز النمو الاقتصادي.