لقد حانت ساعة الحقيقة ، ساعة ينبثق فيها صبح جديد ، صبح تزف ساعة الخلاص، صبح مبشر بشروق عهد جديد، صبح يهلل لنصر قريب، فتقيم القدس صرحها فتراها، شامخة في العلياء، واقفة ملء قامتها، قدس كاملة مكتملة، لا تنفصم الى ضدين، قدس تطهرت من الدنس فعادت لسيرتها الاولى، على فطرتها، راضية على اهلها ، رضية على وصالها بأحبتها: ام انها مجرد اضغاث احلام، لان الاحلام نفسها تصادر في يومنا هذا، فتبقي الحرب شاملة و قائمة دون هدنة او صلح . فأما الكيان و اما فلسطين؟ ذلك هو محور الصراع، صراع طال امده دون امل او حلّ. فماهي عناصر الصراع و ما هي دواعيه؟ مدينة مقدسة مغتصبة و مسجد يصلي فيه تحت فوهات البنادق و بكراس شروط ، مدينة اهلها غرباء عنها و الغرباء اهلها. ان القدس اليوم تتعرض الى المصادرة و تعرض للبيع، فالمهندسون الإسرائيليون يقومون بمسحات على القدس لا خراج الاف الفلسطينيين بتوصية و تزكية من حكومة نتنياهو ، بينما الجرافات تهدم المنازل على رؤوس متساكنيها موازاة مع الاف الوحدات السكنية التي تقام على ارض القدسالشرقية لصالح المستوطنين ، باحات المسجد الاقصى و مصلاه تستباح من قبل الجنود الإسرائيليين ليلا نهارا .فماذا قدم العرب و المسلمون للقدس لا شيء ، فهل تركوا القدس " للأقدار" ام لمجلس الامن الدولي الذي حفظ القضية منذ زمن بعيد؟ و امام الصمت العربي المطبق و اللامبالاة الدولية فماذا بإمكانالفلسطينيين المنقسمين فعله؟ هل تقرع نواقيس الخطر امام اسرائيل و يعلن ميلاد انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية بدءا من المقدسيين و وصولا الى كل حساسيات المجتمع الفلسطيني؟ و هل تساند السلطة الفلسطينية هذه الخطوة ام انها ستتوجه الى مجلس الامن الدولي و تقدم شكوى على غرار الاردن ضد الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة؟ و ماذا سيقدم هذا الاخير؟ ان اسرائيل خبيرة و بارعة في التكتيك و المناورةنفدرءا للخطر و وأدا لانتفاضة ثالثة في الطريق و بإيحاء منها سيتدخل الطرف الامريكي لإفراغ الشكوى من مضمونها و تقديم مسكنات للطرف العربي عموما و للفلسطينيين خصوصا كتعهد اسرائيل بعدم ادخال تغييرات على المسجد الاقصى و ايقاف الاستيطان في القدسالشرقية. لاشك ان المسكنات لا تقضى على المرض و لا تحد من انتشاره، فأمام عدم تكتل العرب و تجانس مصالحهم، فان تحرير القدس يصبح ضربا من الوهم و يبقى الفلسطينيون بين عالمي الواقع و الخيال. الم يحن الوقت بعد للمسلمين و العرب ان يعترفوا بتقصيرهم في حق القدس و ابوابهم شبه المغلقة تجاه القضية ؟ و هل ستولد في اذهان الإسرائيليين "عقدة الذنب" ازاء استيطانهم غير المشروع في فلسطين في يوم ما خاصة بعد ان خاب ظنهم في الامن و الاستقرار الذي وعدوا به على ارض فلسطين؟ المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية