في مقهى يقع على مقربة من ميدان التحرير وسط القاهرة، وفي شارع يطل على مقر البورصة ويحمل نفس الاسم، يجلس طارق الخولي ليتذكر كيف شهدت طاولات هذا المقهى نضوج أفكار احتجاجية بين شباب اتفقوا على تغيير واقع البلاد السياسي الراكد. الخولي، المتحدث باسم حركة 6 إبريل (الجبهة الديمقراطية) وعضو ائتلاف شباب الثورة، أعرب عن حزنه من أن الثورة التي ضحى من أجلها ما يقرب من ألف مواطن تكتفي بدور المشاهد لبورصة مرشحي الرئاسة دون أن يكون لها أسهم فيها. يقول الخولي لسكاي نيوز عربية:" لا يوجد مرشح للثورة.. وللأسف هناك قوى تكتلت ضدنا لتحجيم دورنا في مصر ما بعد الثورة". ويرى الخولي أن نعمة عدم وجود قائد للثورة ما أدى لسرعة انتشارها، تحولت إلى نقمة بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك ودوران العجلة السياسية. ويقول:" الكيانات السياسية خاصة الإسلامية وتحديدا الإخوان المسلمين استغلت ذلك بما لها من تنظيم جيد لفرض نفسها على الشارع المصري". وبالرغم من وجود مرشحين أعلنوا ولاءهم لمبادئ الثورة، إلا أنهم لم يكونوا من الطليعة الثورية، حسب الخولي. ويتنافس في هذه الانتخابات 11 مرشحا يتراوحون في اتجاهاتهم بين الإسلامية والليبرالية والاشتراكية. ومثل الخولي، يؤكد زياد العليمي نائب البرلمان عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أحد قيادات ائتلاف شباب الثورة أن هذه الانتخابات تجري خارج الفلك الثوري. لكن العليمي لا يعترف بالعملية الانتخابية من الأساس حيث يراها مبنية على أساس دستوري خاطئ، وذلك لوجود المادة 28 من الإعلان الدستوري التي تمنع الطعن في نتيجة الانتخابات ما يجعلها مشوبة بكثير من الشك، حسب رأيه. ويقول العليمي لسكاي نيوز عربية إنه سيقاطع الانتخابات مع مجموعة أخرى من ائتلاف شباب الثورة، حيث يرى أن فترة الثلاثة أشهر المقبلة تحتاج إلى تحضير جيد للتعامل مع ما ستسفر عنه الانتخابات. "أرى أن هذه الفترة تحتاج تفرغا من أجل مواجهة أي رئيس يأتي من فلول نظام مبارك". ويعارض الخولي المقاطعة، مشيرا إلى أن الانتخابات أضحت واقعا سياسيا ويجب المشاركة فيها بشكل إيجابي، "وإن لم يكن لدينا مرشح رسمي، فعلى الأقل سندعم المرشحين الذين يتبنون مبادئ الثورة"، على حد تعبيره. ويرى أن الانخراط الايجابي في العملية السياسية يحافظ على تواصل الثوار مع الشارع وألا يظهرهم "وكأنهم يجلسون في برج عاجي بعيدا عن الواقع". محمد القصاص عضو الائتلاف يتبنى ذات الموقف ويرى في الانتخابات "معركة مفروضة على الثوار يجب أن يخوضوها"، مشيرا إلى " ثمة فرصة قائمة لنجاح مرشح وطني يطبق أهداف الثورة، وبالتالي ستكون الثورة قد نجحت في فرض إرادتها". وينشط القصاص مع مجموعة من الائتلاف في دعم مرشح إسلامي معتدل، فيما ينشط البعض الآخر في دعم مرشح ليبرالي، أما التيار الثالث فيقاطع الانتخابات لأنه يعتبر السياسي البارز محمد البرادعى هو المرشح الثوري الذي يجب أن يصل لكرسي الرئاسة. وانسحب البرادعى من سباق الترشح للرئاسة في يناير الماضي بسبب ما يرى أنها هيمنة من المجلس العسكري الحاكم على السلطة وعدم توافر أجواء ديمقراطية حقيقية لتسليم السلطة لرئيس مدني يعبر عن الثورة. ويرى القصاص، العضو في حزب التيار المصري، في حديث مع سكاي نيوز عربية أن تباين الخلفيات الفكرية هي السبب في انقسام المواقف داخل ائتلاف شباب الثورة. ويضم الائتلاف أعضاء ينتمون لتيارات ليبرالية ويسارية وإسلامية. ويؤكد القصاص على أن "الاختلاف في تلك المرحلة لا يمنع من الاتفاق بعد الانتخابات من أجل تحقيق أهداف الثورة". ويرى أن أهم معركتين سيتوحد فيها الثورة هما " معركة الرئاسة التي ستندلع إذا وصل مرشح محسوب على الفلول للكرسي، ومعركة كتابة الدستور الذي تهيمن عليه قوى إسلامية بحكم سيطرتها على البرلمان". ويتفق القصاص والعليمي والخولي على أن النزول للشارع سيكون الخيار الأوحد للثوار إذا جاءت الانتخابات برئيس ضد الثورة.