اقترح الفقيه الدستورى الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ القانون بجامعة الزقازيق، منح منظمات المجتمع المدنى حق الطعن مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا على أى نص قانونى يخالف الضمانات الدستورية للحريات العامة. وأشار فرحات - فى لقاء نظمته مساء اليوم "الخميس" فى العين السخنة الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية - إلى أن هناك تحديين رئيسيين يواجهان القائمين على وضع الدستور الجديد، أولهما: كيف يمكن ألا يتم المساس بأى حرية تقررت ولو على المستوى النظرى؟ والثانى كيف يمكن أن تفعل الحريات المنصوص عليها فى الدساتير السابقة؟ وأوضح الفقيه الدستورى أن هناك فرقا بين "الدستور" و"الدستورية"، إذ أن الدستور هو مواد مكتوبة فى وثيقة دستورية تعلو كافة الوثائق القانونية للدولة، أما الدستورية فهى التزام فعلى من الدولة والمجتمع بتطبيق هذه النصوص. وقال "كان دائما لدينا دساتير، ولكن لم يكن لدينا فى أى عصر من العصور دستورية. فقد كانت الدساتير تكتب كواجهات وتستخدم كما يستخدم علم الدولة ونشيدها الوطنى كدليل على استقلالها دون أن يعكس ذلك مضمونا حقيقيا للعلاقة بين الحاكم والمحكوم". وأشاد فرحات بدستور 1954 الذى يراه دستورا فريدا من نوعه فى نضج الصياغة، وفى تعدد المواد الخاصة بالحريات، وفى إقامة توازن عبقرى بين الحريات المدنية والسياسية والحريات الاقتصادية والاجتماعية والثقافي. من جانبه، علق الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق على وثيقة الأزهر للحريات العامة وحقوق الإنسان التى وصفها بأنها "وثيقة تاريخية" حول مستقبل مصر أعدها الأزهر بالتعاون مع عدد كبير من المثقفين والمفكرين من مختلف الاتجاهات والانتماءات لتكون مجرد إطار يحمى أساسيات الشعب المصرى وثوابته، ويسترشد بها عند وضع الدستور الجديد، وميثاق شرف يلتزم به الجميع. وأشار الدكتور أبوطالب إلى الاتفاق فى هذه الوثيقة على دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التى تعتمد على دستور ترتضيه الأمة يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة ويحدد إطار الحكم، وذلك "غلقا للأبواق التى تنادى بأن مصر قادمة على أن تصبح دولة دينية إسلامية". وأوضح أن الوثيقة أشارت إلى أن "الإسلام فى تشريعاته وحضارته وتاريخه لم يعرف الدولة الدينية التى تسلطت على الناس وعانت منها البشرية فى مراحل التاريخ، فلم توجد دولة دينية بمعنى أن الحاكم يستمد سلطته من الله سبحانه وتعالى". كما أنها دعت إلى الالتزام بمنظومة الحريات وتأكيد مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية، بالإضافة إلى الاحترام التام لأداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار وضرورة اجتناب التكفير والتخوين واستغلال الدين واستخدامه لبعث الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين. وقال الدكتور حامد أبوطالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الوثيقة اعتبرت الحث على الفتنة الطائفية والدعوات العنصرية جريمة فى حق الوطن، كما أنها دعت إلى اعتماد الحوار والاحترام المتبادل والتعويل عليهما فى التعامل بين فئات الشعب المختلفة دون أى تفرقة فى الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين. واختتم حديثه بالقول "نؤمن إيمانا قاطعا أن الاختلاف بين الناس أمر أراده الله سبحانه وتعالى فى أن يكون خلقه مختلفين، فالاختلاف بين المسلمين وغيرهم أو بين المسلمين أنفسهم أمر طبيعى لا يستوجب الحرب أو القطيعة أو الكراهية والبغض". وكانت الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية قد عقدت مساء اليوم /الخميس/ فى العين السخنة لقاء فكريا بعنوان "الحريات والدستور" حضره نحو 250 شخصا من شباب الدعاة والقساوسة والإعلاميين والمبدعين.