كشفت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية اليوم الأحد عن وثائق سرية تؤكد أن جهاز الأمن الداخلي البريطاني (أم آي 5) خدع معارضي القذافى وزوّد عملاء الاستخبارات في النظام الليبي السابق بمعلومات استخباراتية وهواتف محمولة مؤمنة ومنزل آمن في أحد الأحياء الراقية في لندن، للتجسس على هؤلاء المعارضين المقيمين في المملكة المتحدة. وقالت الصحيفة إن جهاز (أم آي 5) خان معارضي نظام العقيد معمر القذافي الحاصلين على اللجوء في بريطانيا وقتها وتورط بعملية مشتركة سرية مع جواسيس ليبيين على الأراضي البريطانية، قدم لهم خلالها منزلاً آمناً في حي نايتسبريدج وسط لندن. وأضافت أن هذا الكشف غير العادي خرج المئات من الوثائق السرية التي عُثر عليها في أرشيف أجهزة استخبارات نظام القذافي بعد سقوطه، وتميط اللثام عن تكتيكات التخويف والإكراه ومخاوف عملاء الاستخبارات البريطانية من احتمال نشر تقارير عن ممارساتهم من قبل الصحافة في المملكة المتحدة. وأشارت الصحيفة إلى أن الوثائق تكشف عن لقاءات بين الاستخبارات البريطانية والليبية في كل من طرابلسولندن، وعن زيارات قام بها عملاء نظام القذافي إلى المملكة المتحدة للاتصال بمنشقين ليبيين في لندن ومانشستر في شهري أغسطس وأكتوبر 2006. وقالت إن الوثائق السرية تظهر أيضًا أن عملاء الاستخبارات الليبية نجحوا في إقناع بعض المعارضين لنظام القذافي الحاصلين على اللجوء في بريطانيا بالتعاون معهم، وأن جهاز الأمن الداخلي البريطاني (أم آي 5) أراد أن يجعل منهم مصدرًا للمعلومات لارتباطهم بالجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية التي كانت على صلة بتنظيم القاعدة الذي يمثل تهديدًا للأمن القومي للمملكة المتحدة. وأضافت نقلاً عن إحدى الوثائق، أن جهاز (أم آي 5) كان يعرف أيضًا أن قراره التعاون مع نظام استمر في تصفية وتعذيب خصومه رغم تخليه عن برنامج لأسلحة الدمار الشامل، كان مثيرًا للجدل وكان لابد من إبقائه رهن السرية. ونسبت الصحيفة إلى ديفيد ديفيز العضو البارز في حزب المحافظين البريطاني الحاكم قوله "هذه الوثائق تكشف عن أن وكالات الاستخبارات البريطانية فضحت الناس الذين حصلوا على اللجوء في المملكة المتحدة للجهات التي هربوا منها، وهذا يمثل خيانة مقلقة لالتزامات بريطانيا وتقاليدها بحماية اللاجئين". وكان عبد الحكيم بلحاج، قائد المجلس العسكري في طرابلس، حرّك الأسبوع الماضي إجراءات قانونية في لندن ضد وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو لمعرفة ما إذا كان أجاز تسليمه إلى نظام القذافي، وقام محامون بريطانيون يمثلونه بتسليم سترو أوراق الدعوى القضائية في أعقاب كشف تقارير صحفية بأنه سمّح بتسليمه للنظام الليبي السابق. ويتهم بلحاج عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) باعتقاله في تايلند وتسليمه إلى نظام القذافي عبر جزيرة دييجو جارسيا الخاضعة للسيادة البريطانية، ويزعم أن سترو كان متواطئًا في التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة والاعتداءات التي تعرض لها على يد عملاء تايلنديين وأمريكيين فضلاً عن السلطات الليبية. ويقاضي بلحاج (48 عامًا) وزوجته فاطمة أيضًا جهاز الأمن الخارجي البريطاني (أم آي 6) والحكومة البريطانية بتهمة تسليمهما إلى نظام القذافي عام 2004.