طالعتنا الصحف السيارة في الأسابيع الماضية بأخبار اعلان تحالفات بين بعض الأحزاب السياسية وأخري بين أحزاب قد يتم الاعلان عن قيامها بين لحظة وأخري لم يعلن عن أهدافها ولا عن برامجها ومعظمها ينتمي الي بعض الشخصيات التي أنهت حياتها الوظيفية واحيلت الي المعاش وتريد أن تستثمر ما تبقي لها من العمر في العمل السياسي آخدة في الاعتبار أن الحياة تبدأ بعد الستين . وللوهلة الأولي يظهر الهدف من هذه التحالفات هو السيطرة علي مجلس النواب القادم وبالتالي تشكيل الحكومة طبقا للدستور المعدل والصادر 2014 رغم أن الوقت المتبقي علي انتخابات مجلس النواب لا يزيد عن شهر واحد يتداخل فيه مع شهر رمضان المعظم أعاده الله علينا بالخير والبركات ونسي أو تناسي هؤلاء أن الأحزاب السياسية لا يتم تكوينها بتلك البساطة فلابد من أيدولوجية لهذا الحزب يتبعها برنامج مفصل للحزب ولائحة لتنظيم الحزب وابراز هيكله التنظيمي وأعضاء يؤمنون بمباديء الحزب، وينضمون اليه ويمولون الحزب من جيوبهم وليس من جيوب غيرهم . هذا بخلاف الوقت الذي يستغرقه هذا العمل بالاضافة الي الوقت اللازم لاعلان ذلك علي الرأي العام حتي يتعرف المواطنون عليه والاقتناع بمبادئه وبقياداته ومن ثم الانضمام اليه . وليس الأمر أن من يستيقظ مبكرا يذهب الي السوبر ماركت ويشتري حزبا ثم يذهب الي الخطاط ليسجل عليه اسمه . ولقد بلغت تلك التحالفات أكثر من ستة تحالفات حتي هذه اللحظة هي تحالف بعض الأحزاب القديمة والمتهالكة وتحالف خمسون حزبا يسمي نفسه تيار الاستقلال وبالمناسبة هل مصر محتلة الآن ؟ وتحالف بعض الاحزاب اليسارية وتحالف بعض الاحزاب الدينية رغم أنها ضد الدستور وتحالف بعض العسكريين المحالين للمعاش وأخيرا تحالف للمراة المصرية . وهذه التحالفات ان دلت علي شيء تدل علي أن الحياة السياسية في مصر قد فشلت فشلا دريعا فلا يوجد حزب سياسي في مصر الآن يستطيع أن يقوم بالترشح للانتخابات لمجلس النواب في جميع الدوائر سواء الفردي أو القوائم المطلقة والمغلقة كما سبق لجميع الاحزاب أن عجزت عن تقديم مرشحا لرئاسة الجمهورية . رغم ان بعضها مضي علي انشائه أكثر من أربعين عاما وأحدها له تاريخ مضيء يرجع الي قرن من الزمان وتربع علي رئاسته زعماء مصر الخالدين، والأسباب علي هذا الفشل الواضح كثيرة أهمها أن الحكومات المتعاقبة علي مصر خلال ستة عقود مضت لم تكن صادقة النية في عودة الأحزاب الي الساحة السياسية فبداية تم الغاء الأحزاب السياسية لمدة ربع قرن من الزمن وتم استبدالها بما سمي الحزب الواحد ابتداء بهيئة التحرير ثم الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي العربي ثم مبادرة السادات بانشاء ثلاث منابر داخل الاتحاد الاشتراكي ثم حزب مصر العربي الاشتراكي ثم الحزب الوطني الديموقراطي الذي تم حرقه ثم تم حله بحكم القضاء بعد ثورة يناير 2011 وفي خلال حكم الرئيس مبارك ظهرت بعض أحزاب بموافقة الحكومة منها الوفد الجديد والعربي الناصري، وغيرها من الاحزاب الكرتونية التي كانت أساسا تتبع مباحث أمن الدولة قبل أن يتحول الي الأمن الوطني ومن الغريب ومن العجيب أن جميع وسائل الاعلام سواء الحكومية أو الخاصة تذيع نفس الاسطوانة المشروخة وهي ان الأحزاب الحالية جميعها ضعيفة وأنه يوجد أكثر من تسعين حزبا وياريت يتجمعوا مع بعض ويصبحوا خمسة أحزاب وكأن هذه الأحزاب مقلة لب وفول سوداني يمكن ضمهم لبعض في خمسة محلات مع أن الحكومة هي التي قامت بعمل هذا التسونامي من الأحزاب فبعضها علي أساس ديني وهذا مخالف لجميع دساتير جمهورية مصر العربية وبعضها تم انشائه عن طريق جهات أمنية وحتي القديم منها تم اختراقه، وبعضها تم حرقه وتم تسليم الحزب ومبناه ومقوماته لمن قام بحرقه. اننا ما زلنا حتي الآن وبعد قيام ثورة يناير 2011 العظيمة نفكر بنفس الطريقة التي كنا نفكر بها منذ أكثر من ستة عقود رغم تغير الزمن ورغم ثورة المعلومات التي قلبت العالم رأسا علي عقب. يا من بيدهم الأمورأنتم تريدون تفصيل مجلس نواب علي المقاس، تريدون ديموقراطية سابقة التجهيز .. لن تنجحوا في ذلك أبدا والماضي القريب خير مثال علي ذلك . بعد ثورة يناير 2011 قمتم باجراء استفتاء علي تعديل الدستور فيما سمي باستفتاء الجنة والنار ثم اصراركم علي اجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى قبل الرئاسة وقبل اصدار الدستور وذلك ضد ارادة الشعب وتم تسليم هذه المؤسسات للاخوان تحت الرعاية والعناية الأمريكية وفشلت التجربة ثم بعد الموجة الثانية للثورة في يونيو 2013 تم اعلان خريطة المستقبل وفيها الدستور أولا ثم انتخابات المجلس النيابي ثم انتخابات الرئاسة ، ثم حدثت تباديل وتوافيق لحاجة في نفس يعقوب وتم الاستفتاء علي الدستور ثم انتخاب رئيس الجمهورية والآن جاء الدورعلي انتخابات مجلس النواب ووقعت الفأس في الرأس. والساحة بانت وانكشفت . فاذا استمرت نفس الخطوات القديمة والمعتادة فسنصل الي نفس النتيجة كل هذا مضيعة للوقت وللجهد وللأموال التي نستدينها من الغير . اعلنوها صراحة أنكم لا تريدون ديموقراطية حقيقية أنتم تريدون ديموقراطية فك وتركيب تتاجرون بها علينا وعلي العالم الخارجي . ولكن بعد ثورة يناير2011 والتي أبهرت العالم لا يمكنكم العودة الي الوراء أو احياء الماضي فقد تم دفنه ولن يعود مرة أخري ولن يوافق الشعب علي عودة الدولة الفاشلة الي الحياة . اللهم اهدنا جميعا الي خير البلاد والعباد . انك سميع مجيب الدعاء يارب العالمين.