يأتي الأمر المُقلق وغير المتفق تماماً مع الوضعية الثورية في قانون مجلس النوَّاب الجديد، هو عدم حظر تولي الأعضاء المعينين المناصب التنفيذية داخل مجلس النوَّاب، فلك أن تتخيل أنه يجوز أن يكون رئيس مجلس النوَّاب أو وكيلا المجلس أو رؤساء للجانه النوعية أو وكلاؤها من بين الأعضاء المعينين! مع كل حساسية هذه المناصب وتأثيرها الفعلي في سير بعض القرارات الصادرة عن البرلمان أو لجانه، وهو ما يضرب تاريخه الرمادي في جذور الحياة البرلمانية المصرية خلال العقود الأخيرة! وكنا نرى كيف يعين رؤساء الجمهورية السابقين من ينتمي أغلبهم ولائياً إليهم، فكان الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب لسنوات في يعهد مبارك عضواً معيناً، وكان أغلب رؤساء اللجان الهامة أو وكلائها من الأعضاء المعينين وعلى رأسها مثلاً لجنة الشئون التشريعية المنوط بها أصلاً جوهر أعمال البرلمان كجهة إصدار التشريعات في الأساس، وكذا لجنتي الأمن القومي والعلاقات الخارجية! وما كان فرق في هذا بين حكم السادات أو مبارك أو حتى مرسي إخوان، فالجميع كان يعمل لصالح نظامه وسياساته مهما كانت ثقة الشعب فيه! فلم يضع القانون أية فروق بين الأعضاء المعينين والأعضاء المُنتخبين، بل تبع النص الدستوري على إطلاقه، بل نص على أن يكون لهم ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات المُقررة للأعضاء المنتخبين، مُقرِّراً انتخاب أعضاء مجلس النوَّاب في أول اجتماع لدور الانعقاد السنوي العادي رئيساً ووكيلين ورؤساء اللجان النوعية ووكلائها لمدة فصل تشريعي واحد، وكان بإمكان واضعيه الذين غلب عليهم الخبرة القانونية أن يضعوا انعطافة خاصة في ذا الشأن لا تُخالف الأحكام الدستورية، مثلما قرروا على سبيل المثال من بين شروط عضوية مجلس النوَّاب أن يكون متمتعاً بالجنسية المصرية منفردة، وهو ما لم ينص عليه الدستور، لكن الأمر في ظني راجع إلى الفقر الثوري في فكر هؤلاء وهو لا يضيرهم في شيء لأنهم لم ولن يُدركوه، بقدر ما قد يضر بمستقبل الحياة البرلمانية لمصر وشعبها! ولئن كان هذا في نظر واضعي القانون متوافقاً مع المنظومة الدستورية من جواز جلوس أعضاء معينين على مقعد رئيس مجلس النوَّاب أو وكيليه أو رئاسة اللجان النوعية أو وكالتها، إلا أن الموائمة السياسية والأعراف والتقاليد البرلمانية تخلق واجباً أدبياً أن يكون هؤلاء من بين الأعضاء المنتخبين لا المعينين، حتى يكونوا بحق قد أتوا بالإرادة الغالبة للشعب على اختلاف أطيافه وفئاته وليس بالإرادة المنفردة للحاكم وحدة، ممثلين للأمة كلها لا لرغبة شخص مهما كانت أهدافة صالحة!