أجمع العالم علي أن الانسان هو المخلوق الوحيد الذي له تاريخ . وهذه نعمة جليلة اختصها الله للانسان دون باقي الخلائق وأنزل علي رسله وفي كتبه السماوية تاريخ الأمم و ايضا تاريخ الأنبياء والرسل وما واجهوه من الكفار ومن الطغاة العتاه من تعذيب واضطهاد وما تحملوه في سبيل الدعوة لعبادة الله الأحد وفي مقدمة هؤلاء أولي العزم من الرسل سيدنا نوح وابراهيم وموسي وعيسي ومحمد عليه الصلاة والسلام وذلك حتي يعتبر الناس من دروس التاريخ ولا تتكرر أخطائهم وخطاياهم ولكننا للأسف الشديد في مصر المحروسة تناسينا بل وتجاهلنا تاريخنا رغم اننا أقدم شعب في العالم سجل تاريخه والمعابد المصرية والآثار في جميع أنحاء مصر خير شاهد علي حضارتنا القديمة التي لا تضاهيها حضارة في العالمويكفينا فخرا الأهرامات وأبي الهول . ولقد تلاحظ لنا وخصوصا المهتمين بالشأن العام والشان الخاص بتاريخ مصر أن هناك خطة ممنهجة تسير بخطي ثابتة لتشويه تاريخ مصر سواء البعيد أو القريب وقلب الحقائق واتباع سياسة التعتيم والتضليل والتدليس وذلك من عدة عقود مضت وذلك بغرض طمس وقائع التاريخ لصالح بعض الحكام وان ينسب اليهم أعمال عظيمة قام بها حكام آخرين . والأدوات الرئيسية في تنفيد تلك السياسة هي الاعلام والتعليم وأشباه المؤرخين الذين يستأجرهم الحكام لصب الحقائق المغلوطة في عقول المواطنين وأكبر دليل عي ذلك هو مناهج التاريخ في جميع المدارس في جمهورية مصر العربية وبالمصادفة أطلعت علي بعضها عند أحفادي ويا لهول ما قرأت من يؤلف هذه المناهج وخصوصا في التاريخ يرتكب جريمة في حق هذا الوطن ويلوي حقائق التاريخ بل ويعلم النشأ الكذب والضلال . ولنرجع الي تاريخ مصر الحديثة فمصر كانت ولاية تابعة للدولة العثمانية لمدة أربعمائة سنة تشمل مائة وخمسين سنة هي حكم أسرة محمد علي الالباني الأصل وهم جميعا تم تعيينهم بأمر السلطان العثماني ما عدا فترة تسعة سنوات كنت مصر فيهم تحت الحماية البريطانية وكانت سلطنة ولم تكن مصر دولة مستقلة الا ابتداء من 1923 بعد قيام ثورة 1919 وصدور دستور 1923 وهذا هو التاريخ الحقيقي. ولقد ابتلينا في هذه الثنائيات من واقع التاريخ الحديث منذ خضوع مصر للدولة العثمانية لهذه المدة المستطيلة فكان دائما صراع وانقسام بين المصريين هل نقيم الدولة المصرية المستقلة أم نستمر ولاية تابعة للدولة العثمانية حدث ذلك ابان الثورة العرابية وكذلك حدث أيام مصطفي كامل فقد كان مع التبعية للدولة العثمانية وأيضا محمد فريد كان يسير علي نفس النهج أما سعد زغلول فكان يدعو الي قيام الدولة المصرية الحديثة المستقلة . وتتابعت تلك الثنائيات بين سعد زغلول وعدلي يكنثم جري بعد ذلك ثنائية أخري وهي هل نحن مصريون أم نحن عرب . ثم بعد انقلاب يوليو 1952 كانت هناك ثنائية أخري محمد نجيب أم جمال عبد الناصر ثم ثنائية هل نريد جمهورية أم ملكية ولكنها في الحقيقة انتهت الي أن صارت جمهوملكية . ثم توالت الثنائيات القومية العربية أم الخلافة الاسلامية . ثم جاء عصر السادات فكانت الثنائيات هي الاشتراكية أم سياسة الانفتاح التي انتهت هي الاخري الي انفتاح السداح مداح. ثم في عصر مبارك ظهرت ثنائية جديدة اما نظامي الفاسد أو الاخوان كفزاعة للغرب وانتهت بأن الغرب أتي بالاخوان الي السلطة وذهب مبارك الي السجن . ثم في فترة حكم المجلس العسكري كانت الثتائية العجيبة شفيق أم مرسي أمران أحلاهما مر واحد دوبلير لمبارك والثاني استبن للشاطر وأخيرا وليس آخرا الثنائية الجديدة حمدين أم السيسي والاثنان يدعون الي نفس الاتجاه وهو سيطرة الدولة علي جميع الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعودة الحاكم الفرد في ظل نظام شمولي كما كان زمن عبد الناصر والسادات ومبارك ولكن بديكور حديث وفي موكب كبير يتقدمه حاملي المباخر وكدابين الزفة والمطبلاتية والمنافقين والدين يأكلون علي كل الموائدبل يأكلون مال النبي يمدحون ويهتفون لكل حاكم قادم ويلعنون كل حاكم مغادر وهؤلاء تفوقوا في النفاق وسيكون مصيرهم أن يكونوا قردة خاسئين . واما الثنائية الدائمة منذ أيام سيدنا موسي وبني اسرئيل فهي فول أم طعمية الغداء الرئيسي للشعب المصري منذ آلاف السنين وهما من مصدر واحد ففي الحقيقة ليس هدا اختيار . ففي بعض الاحيان يكون الاختيار بين سيء وسيء او الختيار بين سيء وأسوأ . فرغم أن الشعب المصري العظيم قام بثورة سلمية فريدة بين ثورات العالم ودلك في يناير 2011 وموجتها الثانية في يونيو 2013 ورغم مرور أكثر من ثلاثة سنوات ولم يتحقق هدف واحد من أهدافها الأربعة العبقرية ( عيش – حرية – عدالة اجتماعية – كرامة انسانية) فهل نطمع كمصريين علي الأقل في ثلاثية بدلا من الثنائية التي عشنا فيها أكثر من قرنين من الزمن حتي نشعر بالتغيير ونقول بحق أننا امامنا مجال للاختيار بين ثلاثية او رباعية بدلا من الثنائية التي أوصلت البلاد والعباد الي هده الحالة من التردي . اللهم اهدنا جميعا الي سواء السبيل . أنك سميع مجيب الدعاء يارب العالمين .