دخلت التاريخ من أوسع أبوابه في سن صغير، حيث كانت أول امرأة تصدر مجلة فنية وبأسمها، اشتهرت روز اليوسف بقوة شخصيتها وذكائها الحاد، الذى علا بها إلى سماء الفن والصحافة إيضًا، وتخطت حدود المعقول على خشبة المسرح، فلم تتلك روز اليوسف، مجالًا إلا وطرقت بابه ودخلته حتى وإن كان مصنوعًا من حديد، وعلى الرغم أن خطها كان أشبه بخط طفل صغير فهى لم تكن تعرف الكتابة، ولكنها كانت قارئة ممتازة وذواقة رائعة للشعر والأدب العربى والإنجليزى، وكانت من أقوالها المشهورة: "كلنا سنموت، ولكن هناك فرق بين شخص يموت وينتهي وشخص مثلي يموت ولكن يظل حيًا بسيرته وتاريخه". نشأتها روز اليوسف هى ممثلة لبنانية من أصل تركي، ولدت في بيروت عام 1897، يتيمة الأم في أسرة مسلمة، وأبوها محيي الدين اليوسف تركى الأصل كان تاجرًا اضطر للسفر من بيروت وترك ابنته التي توفيت أمها عقب ولادتها في رعاية أسرة مسيحية كانت تدللها باسم روز، وعندما انقطعت أخبار الأب تبنت العائلة الطفلة الصغيرة وأخفت عنها حقيقة عائلتها، غير أنها علمت بالحقيقة عندما أكملت عامها العاشر، حيث رحبت الأسرة التي عاشت بينها بسفرها مع صديق للأسرة إلى أمريكا، وقتها أبدت روز الصغيرة اندهاشها من سهولة تفريط أسرتها فيها بهذا الشكل، فقررت مربيتها أن تطلعها على حقيقة أصلها وأن تخبرها بأنها مسلمة وليست مسيحية، وأن اسمها هو فاطمة وليس روز، فوافقت روز ظاهريًا على السفر مع صديق العائلة. وفى الإسكندرية، التي رست فيها السفينة التي كانا يركبانها، غافلته روز وهبطت في المدينة المصرية، اكتشفها الفنان "عزيز عيد"، وهو الذي أخذ بيدها في دنيا الفن وبدأت العمل ككومبارس حتي سنحت لها الفرصة، واختارها عزيز عيد لدور سيدة عجوز رفضته كل ممثلات الفرقة، وقد أدت دورها بعبقرية لاقت استحسانًا كبيرًا من الجمهور. حياتها في المسرح كان انتماؤها لفرقتي عزيز عيد وفرقة عكاشة، تمهيدًا جميلًا لكل ما بنته روز اليوسف بعد ذلك، حيث أدت أدورًا كبيرة على المسرح، كما أدت أيضًا مقطوعات موسيقية مع محمد عبد القدوس لتتعرف على المخرج المسرحي "اسكنر فرح" والذي علمها التمثيل وضمها إلى أسرته. ثم انتقلت روز اليوسف ومن الأسكندرية إلى القاهرة وعملت بفرقها المسرحية، فالتحقت بفرقة جورج أبيض عندما كونها عام 1912، وتألقت روز اليوسف أثناء عملها مع يوسف وهبي بعد أن كون فرقه رمسيس عام 1923 وكانت بطلة الفرقة، وبلغت ذروة المجد عندما مثلت دور "مارجريت جوتيه" في رواية غادة الكاميليا ونالت لقب "برنار الشرق". حياتها الصحفية لكنها تركت فرقة رمسيس بعد خلاف مع يوسف وهبي فاعتزلت التمثيل، واتجهت إلى الصحافة حيث أصدرت في أكتوبر 1925 مجلة فنية اسمها "روز اليوسف"، انتشرت ونجحت حتى تحول منهجها للسياسة التي جرت عليها الويلات "غدرا وتنكرا" وحروبًا وضوائق مادية متلاحقة بسبب المنافسة السياسية، وبعد عشرة أعوام من إنشاء المجلة وفشلها أصدرت صحيفة روز اليوسف التي كانت من القوة والانتشار بحيث هددت مكانة صحف كبيرة مثل الأهرام في ذلك الوقت، حتى رفض باعة الصحف بيعها بسبب اتجاهاتها السياسية وهذا ما أدى إلى تراكم الديون عليها وتعرضت لأزمة مالية خانقة. كما ساهمت روز اليوسف في حركة الأدب والثقافة بإصدار الكتاب الذهبي وسلسلة كتب فكرية وسياسية عام 1956، أصدرت كتابًا بمذكراتها هو "ذكريات"، ومجلة صباح الخير التي كانت رمزًا "للقلوب الشابة والعقول المتحررة"، فكانت بمثابة جامعة تخرج منها أكثر نجوم الصحافة في العصر الحديث. تخبطات في المعتقلات السياسية تحملت فاطمة اليوسف السجن والاعتقال في سبيل إعلاء كلمة الحق والصمود في وجه الفساد والظلم، وقامت بإصدار جريدة روز اليوسف اليومية؛ كي تبرهن أن روز اليوسف راسخة لا تضعف، ولما طلبت استكتاب عباس محمود العقاد رفض أن يعمل معها لأنها امرأة، حتى ابنها إحسان كان دائمًا يعتقد أن المرأة للبيت ، وكان يحاول أن يزيح عنها أعباء العمل، لكنها كانت ترد على ذلك بثقة تغلفها الطرافة "لو لم أكن سيدة لوددت أن أكون سيدة"، وقد كانت صحيفة روز اليوسف اليومية من أوائل الصحف التي برزت في ذلك الوقت في مجال التجديد الصحافي وخاصة في تبويبها،، فأخذت عن الصحافة الفرنسية نشر الأخبار في الصفحة الثانية مباشرة بدل جعل صفحتى الوسط في نشر الأخبار الداخلية. فقامت مؤسسة روز اليوسف العملاقة على أكتاف ثلاثة شخصيات السيدة فاطمة اليوسف، والصحافي الكبير الأستاذ محمد التابعي مؤسس مدرسة روز اليوسف الصحفية، والأديب الكبير إحسان عبد القدوس واضع الثوابت الرئيسية لاستمرار وتطور صرح روز اليوسف، فقد كان لهؤلاء الثلاثة دور بارز في نمو وتطور روز اليوسف حتى صارت مؤسسة صحافية عملاقة.