تصاعدت حدة ازمة "الشواذ" فى تونس مع ظهورهم للعلن ومطالبتهم ب"حقوقهم" تحت شعارات براقة مثل الحق في المساواة وحقوق الانسان وغيرها بدعم من الاتحاد الاوربى. وبرز تحدي "المثليين" للمجتمع التونسي من خلال اصدار مجلة الكترونية تحمل اسم "جاي توداي" التي هدد سمير ديلو عضو حركة النهضة والوزير المكلف بحقوق الإنسان بمنعها خلال برنامج على قناة حنبعل التونسية عن معارضته الشديدة للمثلية الجنسية، معتبرا أن "حرية التعبير لها حدود" ورغم اعترافه بوجود هذه الظاهرة في تونس، مشيرا الي ضرورة مراعاة الخطوط الحمراء التي يحددها تراثنا وديننا وحضارتنا. وقد اثارت تصريحات "ديلو " غضب منظمات حقوقية دولية وعلى رأسها منظمة العفو التي نددت بهذه التصريحات في رسالة موجهة إلى "ديلو" ورأت أنها "تقوض حقوق الإنسان" ودعت الوزير إلى "التراجع عنها والإعلان الصريح عن حفظ حقوق الإنسان لكل التونسيين. وبدأت فكرة هذه المجلة المتخصصة في "المثلية الجنسية" والموجهة أساسا إلى المثليين في الشرق الأوسط والمغرب العربي في التبلور منذ مارس 2011 وصدر العدد الأول العام الماضى لكنه لم يلفت انتباها كثيرا، خاصة أن الإعلام كان في ذلك الحين مشتتا وغارقا وسط طوفان من النشرات الجديدة والأخبار الواردة من كل حدب وصوب. ويقول محررو "جاي توداي " على موقعهم ": نريد أن نكون بيئة تفاعلية سليمة لمواجهة التحديات والدفاع عن حقوق الإنسان والتعامل مع المواضيع المختلفة من منظور المثليين أنفسهم" ويبدو أن المجلة تطمح إلى تقديم فضاء يتيح للمثليين التعبير عن آرائهم ومناقشة قضاياهم والاطلاع على أخبارهم إضافة إلى تغطية للأخبار المحلية والدولية الكبرى. وهذه التجربة التونسية هي الثانية في المغرب العربي إذ أصدرت مجلة مثلية في المغرب عام 2010. وفى العدد الثانى ظهر على غلافها صورة مغرية لفتى يلبس "الكوفية" العربية، مما ادى الي تفجير الازمة فى الشارع التونسي حيث شنت الصحف هجوما شديدا عليها وعلي من يقف وقالت صحيفة "المشرق" "في وقت تمنع فيه المنتقّبة من الدّراسة و التّدريس، صحيفة للشواذ جنسيّا في تونس" في إشارة إلى منع المنتقبات من حضور الدروس في الجامعات التونسية وكل ما نتج عنه من اضطرابات وصدامات. ولم يكتف "شواذ " تونس بهذه المجلة لكنهم اطلقوا أول إذاعة تونسية خاصة بالمثليين وهي في مرحلة اختبار منذ 3 أشهر وتبث برامجها على الإنترنت مرتين أو ثلاثة في الأسبوع لمدة 90 دقيقة. وزعم فادي مؤسس مجلة "جاي توداي " في حديث مع موقع "تونيزي هو ديبي" أن المجلة تحقق نجاحا كبيرا مشيرا الى ان هذا النجاح يقاس بعدد زيارات الموقع التي "تصل إلى 1400 زيارة يومية". وأكد بلال أحد مؤسسي الإذاعة "تونيزي هو ديبي" أنها ليست عملية إعلانية ولا تبحث عن استفزاز المحافظين بل تريد فقط "إيصال صوت المثليين التونسيين إلى العالم"، لكن سرعان ما يتساءل بلال عن الاهتمام الحكومي الجديد بالإعلام المثلي فيقول "نحن متواجدون منذ عام فلا نفهم سبب هذا الاهتمام المباغت بنا في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة صعوبات للسيطرة على المشاكل الاجتماعية والأمنية التي تمر بها البلاد، فهل هذا من قبيل الصدفة ؟" ويشير بلال بقوله إلى احتمال استغلال الحكومة التونسية لهذه المسألة من أجل إلهاء الناس عن القضايا المهمة التي تطرح اليوم في تونس. ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن شخص يدعى أمين قوله :"أنا أحتفي بحرية التعبير بصفة عامة ولا فرق عندي بين مجلة مثلية أو مجلة أخرى فبالنسبة لي كل فضاء يفتح إمكانية للتعبير أنا أرحب به، والمثلية الجنسية ظاهرة موجودة في تونس حيث يوجد أربعة أو خمسة مثليين في كل حي وعادة ما يتجاهلهم الناس رغم معرفتهم بالوضع، فأظن أن المجلة خطوة طيبة لأن الكثير من المراهقين يعانون من التكتم في المجتمعات العربية الإسلامية. لكن أرى من ناحية أخرى أن هذه الجرأة يمكن أن يدفع أصحابها الثمن باهظا إذ يعرض أصحاب المجلة أنفسهم لخطر التهديدات وربما الضرب أو الاعتقال لأسباب مفبركة. بالنسبة لي، يجب التحضير لإخراج المثلية الجنسية من السرية إلى العلنية بصفة استراتيجية ومضمونة على المدى البعيد. فالمجتمع التونسي ليس مستعدا لقبول هذه الظاهرة خاصة حاليا ونحن على أبواب انتخابات تشريعية يستغل فيها السياسيون مثل هذه القضايا التي يربطونها بالفسق، فأنا على قدرما أرحب بالمجلة على قدر ما أجدها مبادرة غير حذرة تعتبر بمثابة هدية من ذهب للإسلاميين الذين يغذون مشروع حكم مطلق". وقالت وكالة الانباء الفرنسية ان موقف حزب النهضة الإسلامي الفائز بأغلبية المقاعد في المجلس التأسيسي مازال يتخذ موقفًا متذبذبًا حيال المثليين فكانت تصريحاته توحي قبل الانتخابات بأن الملحدين والمثليين الجنسيين ليس لهم ما يخشونه من فوزه. وتؤكد حركة النهضة في شعارها على ضرورة احترام الحريات الفردية فتقول "إن الحرية وتكريم الذات البشرية هما جوهر رسالة الإسلام ومحور نضال حركتنا وتضحية رجالها ونسائها، ونؤمن بأن الإنسان خلق حرا ويجب أن يعيش حرا، ولا نقر بأي شكل من أشكال الإكراه في مجال الاعتقاد والتعبير وخيارات الأفراد والجماعات وفق مبدأ إسلامي أصيل "لا إكراه في الدين". حتى أن وليد البناني القيادي في حركة النهضة ونائب في المجلس التأسيس أكد أنه ضد معاقبة "الشواذ جنسيا"لكن سرعان ما تعالت الأصوات المنددة بأساليب التعاطي مع ظاهرة السلفية التي يرى فيها تشددا مقارنة بمسائل أخرى ومنها المثلية الجنسية فتساءل المحامي والناشط الحقوق فتحي العيوني رئيس حزب الأمانة خلال ندوة نظمتها إحدى الجمعيات "لماذا لا يتم التعاطي مع ظواهر اجتماعية أخرى تجتاح مجتمعنا مثل عبدة الشيطان والشذوذ الجنسي وغيرها؟ لماذا نهول ظاهرة ونقزم أخرى؟". ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن الناشطة الحقوقية بشرى بالحاج حميدة قولها: إنها لم تعد مستعدة للحديث في هذا الموضوع الذي "صار يوظف بصفة سطحية من أجل حملات انتخابية وأنا ضد استغلال مسألة حرية فردية لخدمة أغراض انتخابية، ولا يوجد اليوم أي حزب سياسي يملك الأخلاق اللازمة للنظر والحوار الهادئ والجدي في الموضوع". واشارت "بالحاج حميدة" إلى مقابلة مع رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي مع صحيفة لوموند الفرنسية في 18 أكتوبر 2011 أكد فيها أن أي مثلي جنسي "يمكنه الانخراط في حزب النهضة إذا احترم قوانينها ومبادئها. واضاف: نحن لن نتدخل في أفعاله الشخصية، لكن عليه أن يحترم كذلك مبادئنا التي تعارض تصرفاته، إن كانت مثلية أم أخرى". وعزز الجبالي هذا التناقض السلس مؤكدا أنه "لا توجد في تونس عقوبات خاصة بالمثليين. هناك قوانين جنائية يجب على الجميع احترامها. أظن أن القانون التونسي يعالج هذه المشكلة"، ويعاقب القانون التونسي ممارسة "اللواط" بالسجن ثلاث سنوات.