في خطوة وصفها مراقبون ومحللون ب"الاستفزازية" لبعض دول الخليج كالسعودية والإمارات، بجانب مصر، تستقبل العاصمة السودانية غدا الأربعاء، أمير قطر الذي يزور البلاد لساعات فقط، ضمن جولة إقليمية شملت الأردن ، هي الأولى له منذ تنصيبه في يونيو الماضي خلفا لوالده حمد آل ثاني. وتأتي الزيارة في وقت تواجه فيه قطر عزلة محرجة بعد ان أقدمت السعودية والإمارات والبحرين على سحب سفرائها لدى الدوحة بسبب عدم "التزام" الدوحة بمقررات "تم التوافق عليها"، وتتعلق بالتوقف عن دعم الإرهاب والتحريض الاعلامي. وقد سبق ذلك قيام "تميم" بزيارة الأردن الأحد الماضي في زيارة سرعية أيضا استغرقت يوما واحدا، التقى خلالها الملك عبدالله الثاني، وبحسب البيان الملكي الصادر من الأردنفإن "الملك وأخاه الشيخ تميم أجريا مباحثات تركز على العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات". وتقول مصادر خليجية مطلعة أن الدوحة تسعى للبحث عن منافذ جانبية يمكن أن تخفف وطأة الحصار الذي فرضته عليها المقاطعة الخليجية. وفي هذا الإطار تندرج زيارة أمير قطر للأردن ومن بعده للسودان. من جانبه قال السفير السوداني في الدوحة ياسر خضر في تصريح لوكالة الأنباء السودانية "سونا": "أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيصل إلى الخرطوم الأربعاء المقبل في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، يرافقه وفد رفيع المستوى، وسيجري خلال الزيارة مباحثات مع الرئيس عمر البشير مباحثات تتناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، والقضايا ذات الاهتمام المشترك". وفي تعليقه على العلاقة بين الخرطوموالدوحة، قال خضر: "العلاقات السودانية القطرية متميزة ووصلت إلى حد الشراكة في كثير من المجالات، وفي مقدمتها الزراعة والتعدين والآثار، إلى جانب التنسيق في كثير من القضايا الدولية، وتأتي الزيارة تأكيداً للعلاقات الممتازة وترسيخاً وتعزيزاً لها". وترعى الدوحة منذ 6 أعوام مفاوضات سلام بين حكومة الخرطوم ومتمردين بإقليم دارفور غربي البلاد ونجحت في إبرام اتفاق سلام بين الحكومة وحركة مسلحة من بين 4 حركات رئيسية في يوليو 2011، وفي أبريل الماضي تكفلت قطر بدفع 500 مليون دولار خلال مؤتمر المانحين الذي استضافته لإعادة إعمار دارفور من أصل 3.65 مليار دولار التزمت بها 35 دولة مشاركة، وأعلنت قطر من قبل أنها تعتزم تأسيس بنك لتنمية دارفور برأس مال قدره 2 مليار دولار لكنها لم تعلن حتى الآن عن خطوات عملية. وقال مراقبون إن لجوء قطر نحو الأردن ثم لا حقا نحو الخرطوم يبين إلى أي مدى أصبح وضعها بالنسبة لعلاقاتها العربية يائسا، خاصة بعد أن تكشف وان كل تلك الصورة المضخمة التي حاولت ان ترسمها لنفسها من خلال الحرص على الظهور طيلة الأعوام الثلاثة الماضية كأهم داعم ل"ثورات الربيع العربي" كانت أوهى من بيت العنكبوت، وأن الخطوات الخليجية الحازمة كانت كفيلة بإرجاعها الى حجمها الطبيعي. وبلغ الانقسام في مجلس التعاون الخليجي ذروته بإعلان السعودية والإمارات والبحرين في 5 مارس الماضي، سحب سفرائها من الدوحة واتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وذلك بعد أيام من قرار الرياض تصنيف جماعة الإخوان المسلمين المدعومة من قطر، ك”جماعة إرهابية”. وتبلغ العمالة السودانية في الرياض نحو 200 ألف عامل بحسب إحصاءات سودانية رسمية لكن منظمات أهلية وخبراء يقدرونها بأضعاف هذا الرقم ويقولون أن كثير من السودانيين يعملون بطرق غير قانونية. يذكر أن الجيش السوداني يخوض منذ 2003 حربا ضد ثلاث حركات متمردة بإقليم دارفور، خلفت 300 ألف قتيل وشردت أكثر من مليوني شخص.