السؤال: توفيت أمي منذ أربع سنوات، ونحن أربع أخوات، وأبي عمره فوق الستين، وكانت ظروفنا المادية صعبة؛ لأننا كنا نجمع أقساط الكلية من أقاربنا، وكنا نسكن بالإيجار، وراتب أبي لا يكفي، وليس لدينا أخ، ولا نظن أن هناك بيت أحد من أقاربنا سوف يؤوينا؛ حيث إن سبب وفاة أمي بعد قضاء الله وقدره الظروف المعيشية، وأبي لم يكن يحسن التدبير، وكانت مشكلاته مع أمي بسبب ذلك، لا أعني الفقر، ولكنه لا يستغل الفرص، وينقاد وراء كلام الآخرين، ورغم أن جدي ترك لنا آلاف الأمتار من الأراضي، إلا أنه لم يحسن استغلالها، وحين توفيت أمي كان يريد الزواج، وكان أهل والدي يشجعونه، ويدعمونه، وعندما نطلب منه مصاريف الدراسة، ومصاريف المواصلات، يقول: ليس لدي شيء، وكان يريد منا أن نترك الكليات ونحن في السنوات الأخيرة، وعندما نقول له: من أين سوف تتزوج؟ يقول: أخي يساعدني، ويتكفل بذلك، ورفضنا ذلك بشدة، وعشنا أيامًا صعبة؛ لأن أبي عندما يتحدث مع أهله يقوم بافتعال المشاكل بسبب رفضنا، ولم يكن يفكر في كيفية عيشنا، والآن بعد خمس سنوات، تخرجنا من الكليات نحن الثلاثة - والحمد لله - وواحدة من أخواتي تزوجت، وقد أصررنا مع مساعدة أقاربنا في جمع ما تبقى من إرث جدي، وبشراكة معهم على شراء منزل، ونحن الآن نسكن فيه - والحمد الله -والآن زاد مرتب والدي كثيرًا عن ما كان عليه قبل الآن، وما زال يريد الزواج، ولكني وأخواتي نرفض، ليس من أجلنا، ولكن من أجل أختي التي لديها في العام القادم الثانوية العامة، وهي أصعب مرحلة، وهي ليست مستعدة للتغيرات في حياتها، ونريد أن نؤجل موضوع الزواج سنة ونصفًا تقريبًا؛ لأني أخاف أن تأتي زوجة أبي وتجعله يظلمها، أو تظلمها هي، وأريدها أن تكمل الدراسة؛ لأننا لا نملك أخًا، وأخاف عليها من غدرات الزمان، فيكون لها بيت يؤويها، وشهادة تعيش بها؛ لأن أبي كبير في السن، فما رأي الشرع في ذلك، وفي تأجيلي للموضوع مدة سنة ونصف؟ مع العلم أن أبي فترات يقتنع بكلامنا، وفترات أخرى يصر، وتحدث لنا مشاكل كثيرة من وراء ذلك، وهو - خصوصًا عندما يتحدث مع أهله - ينقلب علينا حيث إنهم يحدثونه أننا سوف نضعه في الشارع، وهل يعد ذلك عقوقًا؟ وأخاف أن أرضيه، وأظلم أختي التي لا تجد من يسندها، وعندما أرفض يسبب أبي لنا الكثير من المشاكل، أريد حلًّا، والرأي الشرعي في ذلك، علمًا أنه عند زواج أبي سوف يعمل أقارب أمي على تفكيكنا أنا وأخواتي الأخريات، ونحن لا نعلم من ستكون زوجه أبي ومن المحتمل أن تكون غير جيدة، وأبي من النوع الذي ينقاد. الفتوى: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فلا حق لكم في منع أبيكم من التزوج، وكل ما ذكرتم من الأسباب ليس مسوّغًا لمنعه من الزواج، بل الواجب عليكم إعانته على الزواج إن استطعتم؛ وانظري الفتوى رقم: 53116. وإذا منعتموه من الزواج، فتأذى من ذلك، فقد عققتموه، والعقوق من أكبر الكبائر. قال الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، أَيْ عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُتَأَذِّي. أما بخصوص النفقة على البنات، فالواجب على الأب الموسر أن ينفق على بناته حتى يستغنين بمال، أو زوج؛ وراجعي الفتوى رقم: 25339. فإن كانت البنت التي لم تتزوج محتاجة للنفقة، فعلى أبيكم أن ينفق عليها حتى تتزوج. وأما إن كانت مستغنية بمال، فلا يجب على أبيكم أن ينفق عليها. والواجب عليكم بر أبيكم، والإحسان إليه؛ فإنّ حقه عظيم، وبره من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي. والله أعلم. مصدر الخبر : اسلام ويب - فتاوى