بغية صدّ الحملات المضادة للسلفيين في مصر، وبخاصة في موقفهم من المرأة، عقد حزب "النور" مؤتمره "النسائي الأول" تحت عنوان: "دور المرأة المصرية في العمل السياسي" عصر السبت الموافق 15/10/2011 بالإسكندرية، وحضره عدد من قيادات الدعوة السلفية في الإسكندرية وابنها السياسي حزب "النور"، وقد تصدر المنصة الذكور دون النساء، وهو ما كان محل استغراب من المراقبين، وبرره حزب "النور" السلفي بأن المؤتمر موجه من الشيوخ والدعاة للنساء! اللائي حضرن بكثافة للاستماع لشيوخ دعوتهن! كان هدف المؤتمر هدفاً ذرائعياً تطمينياً للمتشككين في موقف السلفيين من النساء، وهو في سياق الإعداد للانتخابات التي تلته في نوفمبر، وفاز السلفيون في نهايتها ب 25% من مقاعد البرلمان الأول بعد الثورة المصرية، التي فجرتها نساء واستشهدت في سبيلها نساء، ولكن أتى ذكورياً بامتياز؛ إذ لم تزد نسبة تمثيل المرأة فيه عن 1% من المقاعد المنتخبة! رغم فتوى سابقة قبل الثورة بعام فقط أصدرتها الدعوة السلفية تحرم مشاركة المرأة في المجالس النيابية، التي كانت تحرمها على الرجال كذلك، حيث الديمقراطية كفر ولا زالت كفراً عند أمثال الأخ عبد المنعم الشحات، اضطر حزب "النور" السلفي لترشيح سيدات على قوائمه، اكتفى بصورة وردة مكان صورة بعضهن، وبصورة الزوج بديلاً عن زوجته المصون أحياناً، وتظل المرأة في العرف السلفي الذكوري المصري كائناً حراماً يستحق الاحتجاب والحجاب، ويُخشى عليه الاختلاط، ولكن تأتي مشاركتها بالتصويت والدعوة لحزب الدعوة السلفية من باب الضرورة كما هي الديمقراطية ضرورة كذلك قد يجوز أكلها كما يجوز أكل الميتة ولحم الخنزير، ولكن ليست حقاً إنسانياً أصيلاً وحضارياً كفلته الحضارة الإسلامية والتراث الفقهي والفكري الإسلامي، قبل أن نعرف دعاة وأدعياء السلفية المعاصرين، مع احترامنا للاختلاف معهم! فقد تحدث لنا القرآن عن بلقيس التي حكمت قومها، وكانوا يعبدون الشمس من دون الله، وذهبت مسلمة مستسلمة لنبي الله سليمان، بل هناك سورة في القرآن تحمل اسم كل النساء وأخرى تحمل اسم العذراء مريم البتول عليها السلام، وكانت الحميراء عائشة تدعو المسلمين بعد وفاة نبيهم ليسألوها عما يشاءوا من حياة نبيهم الخاصة وتعلمهم متصدرة المنصة دون الرجال، وكانت لها مواقفها في فتنتي عثمان وعلي رضي الله عنهما! وحكى ابن حزم أنه كانت ثلاثمائة راوية حديث من النساء، وعرفن في مجالات العلوم والدين المختلفة، والقضاء، فقد تولت سيدة منصب قاضية القضاة في الدولة العباسية، كما حكمت أخريات في بلاد اليمن- مثل الملكة أروى- وأخريات في بلاد جزر المالايو كما تروي فاطمة المرنيسي في كتابها سلطانات منسيات! مشكلة الإخوة السلفيين وهم في أوج انتصارهم، أن المراجعات عندهم لا زالت ضعيفة وغير صريحة، لا تقوى على النقد الذاتي وتجاوز ثوابت المرحلة السابقة، التي منعتهم من المشاركة في ثورة يحصدون ثمارها، ويتمتعون بحصادها ربما دون قوى شاركت فيها وبذلت من دمائها، صارت فقط عرضة لاتهامهم وإقصائهم بعد أن احتكروا الحديث باسم الأغلبية المسلمة في صورة لا تعبر عن هذه الأغلبية وتنوعاتها بشكل كامل، كما لا تعبر عن تصور السلفية نفسه بشكل متنام! يروى أن شيخ الإسلام ابن تيمية ت 728 هجرية ينسب لجدته الفقيهة المجتهدة تيمية، في واحدة من أسباب تسميته، فهل سنسمع في الدعوة السلفية قريباً عن شيخات وداعيات، وليس فقط نشيطات.. ربما تقنع بعض المنتسبات للدعوة السلفية- ولغيرها- بما تمنحه له الجماعة من حقوق، ولكن ماذا عمن يصرون على الحق الإنساني الكامل وعلى المساواة ومن يقرأون التصور الإٍسلامي الحضاري للمرأة تصوراً أكثر شمولاً واتساعاً عن هذا الضيق الذي تعيشه الدعوة السلفية المعاصرة في مصر! ملف كامل عن المرأة في الفكر الليبرالي واليساري والإخواني والسلفي في المشهد الأسبوعي .. اليوم مع الباعة