القوى العاملة بالقليوبية: توفير 323 فرصة في شركات ومصانع بمرتبات مجزية    وزير الكهرباء: بدء تشغيل محطة الضبعة عام 2029    جامعة قناة السويس تنظم برنامجا تدريبيا لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    محافظ قنا يتفقد مجمع مواقف الأجرة للتأكد من الالتزام بالتعريفة الجديدة    محافظ مطروح يشهد ختام فعاليات ملتقى الفن والحياة الدولي الأول.. صور    "معاك في الغيط" .. الزراعة تكثف حملات دعم وتوعية المزارعين بجميع المحافظات    هاريس تثير مجددا نقطة ضعف منافسها ترامب    أحمد الشناوي: هدفنا التتويج بالسوبر.. ونتمنى تقديم مباراة تليق بالكرة المصرية    موعد مباراة ضمك ضد التعاون في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    مانشستر سيتي وبايرن ميونخ يتنافسان بقوة على موهبة باير ليفركوزن    أحمد الشناوي: اختيارات المنتخب ليست فنية.. وحسام حسن يُسأل عن عدم انضمامي    بأسلوب الخطف.. القبض على عصابة سرقة المواطنين في مصر الجديدة    بدء النظر بجلسة الحكم على سائق أوبر المتهم بخطف فتاة التجمع    وكيل تعليم دمياط يبحث آليات التقييمات الشهرية    شبورة مائية ومائل للحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا الأحد    رئيس الوزراء يتفقد مشروع تطوير مستشفى العدوة المركزي.. صور    وزير الكهرباء: راجعنا استراتيجية الطاقة حتى عام 2030 لتقليل الوقود    «مدبولي»: مستشفى سمالوط يعمل بكامل طاقته ويقدم خدمات متقدمة    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية في القاهرة    شرطة طوكيو: هجوم بالقنابل يستهدف مقر الحزب الحاكم في اليابان واعتقال مشتبه به    عميد «طب الأزهر» بأسيوط: العمل بروح الفريق سر نجاح المنظومة الصحية بالصعيد    أعضاء الكونجرس الأمريكي يؤكدون للسيسي دعم الولايات المتحدة لمصر    محافظ كفر الشيخ: تحرير 14 محضرًا ضد مخابز مخالفة بدسوق    إصابة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالقليوبية    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    لو مسافر السعودية .. موعد انتهاء صلاحية تأشيرة العمرة    دخلنا في محافظات العيار الثقيل.. الحكومة تزف بشرى سارة لأهالي المنيا    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    نائب رئيس جامعة الأزهر: العلم الذي دعا إليه الإسلام لم يقف عند العلوم الشرعية أو العربية    يد الأهلي يواجه فلاورز البنيني في نهائي بطولة إفريقيا    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    التضامن: خطوط الوزارة الساخنة تستقبل 225 ألف اتصال خلال سبتمبر    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمنطقة كفر طهرمس الأربعاء المقبل    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    تأثير النوم الجيد على صحة العقل والذاكرة    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    مركز سقارة ينظم دورة للعاملين بالمحليات عن دورة "الخريطة الاستثمارية لمصر "غدا    «8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    بدر عبدالعاطي: زيارة وزير خارجية إيران لمصر تؤكد حرصنا على منع التصعيد بالمنطقة    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    رابطة الأندية تستعد للإعلان عن رئيس لجنة المسابقات الجديد    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    بطولة إفريقيا ل كرة اليد - موعد مباراة الأهلي ضد فلاورز البنيني في النهائي.. القناة الناقلة    كرة يد - فلاورز البنيني يتأهل لنهائي إفريقيا ويضرب موعدا مع الأهلي    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبطال الخلفيون للثورات
نشر في المشهد يوم 20 - 02 - 2012

ليس من سبيل إلى الظن أن المصادفة ما قَرَنَ بين مطلبي الحرية والعدالة الاجتماعية في شعارات حملها المتظاهرون، وصدح بها آلاف الناس، بل ملايين منهم، في الميادين والساحات العامة، في ما أطلق عليه - غربياً - اسم “الربيع العربي”، إنما الضرورة الموضوعية هي ما قضى بذلك، وحمل عليه حملاً . على أنه إذا كان في الاقتران بينهما “أسباب نزول”، فإن من صدعوا بالمطلبين مقترنين، ما كانوا ليأتوا الأمر إلا من باب استيعاء للتلازم بينهما .
ومع أننا لسنا نستبعد أن يكون المطالبون بالحرية والعدالة الاجتماعية جمهورين مفترقين، أو حتى متمايزين: على حدود التمايز بين الطبقات، والمصالح، والأفكار، والأولويات، فإن الذي لا مِرْية فيه أن الاتصال بين المطلبين ظل مفتوحاً، في الانتفاضات والتظاهرات، ولم نعثر في يومياتها على قرينة صراع أو تنافر، ولا على أي مظهر من مظاهر الوقيعة بين فكرتين وجمهورين، على ما قد يكون بينهما من تنافر . والملاحظة هذه إنما تشجع على الاعتقاد بأن التلازم بينهما، في الوعي الجمعي للمنتفضين، تلازم ماهَوِيّ، أو هو هكذا - على الأقل - عند الأغلب الأعم منهم .
وسواء صح عندنا أن التلازم والاقتران، بين مطلبي الحرية “الديمقراطية” والعدالة الاجتماعية، قائم، ثابت، في حكم المؤكد، أو محض افتراض يتزيد في طلب المرغوب، وينزله منزلة الكينوني المتعين، فإن الأمرين سيان إن وقفنا على “أسباب نزول” المطلبين/الشعارين، أو تبينّا أي تلك الأسباب كان حاملاً متظاهرة الانتفاضات على تمييز شعارين من كثير غيرهما يحمله الحملة، رسماً بالحروف على لافتات، أو يصدح به الهتيفة راجلين ومحمولين على الاكتاف، إذ لا تتسع مساحة الفارق، هنا، بين أن يتلازم المطلبان فينعقد جمعهما عند نقطة تقاطع: تركيبية أو تجاورية، وبين أن يتمايزا فيتخذا معاً وجهتين لهما، مختلفتين، عند مفترق فاصل وحاسم . إنها لا تتسع في حال الاشتراك في العلة، أعني في السبب الذي أسس لهما معاً: مجتمعين أو منفصلين .
ولد هلال شعار الحرية في سماء الاستبداد، في الهزيع الأخير من دورته الزمنية المديدة، شأنه شأن هلال العدالة الاجتماعية الذي ولد في سماء الفساد بعد أن بلغ من العمر عتيّا، وقضى ربك وشعبك بأن يحتسب عليه الناس في يوم الناس . وإذا كان ثمة من بطل خفي نفخ في الصور، وأخرج ملايين الناس إلى الشوارع، ومهر نص الثورة بتوقيعه، فأجازها وأمضى أمرها، فهو الاستبداد، وهو الفساد . الحاكم العربي المستبد، وآل بيته، وصحابته، والتابعون، والبطانة والأخذان، هم الأبطال الخلفيون غير المعلنين للثورة ولشعار الحرية والديمقراطية . والفساد الذي في حضنهم نشأ، وربي، واشتد عوده، وتوزع أفقياً وعمودياً في النسيج المجتمعي، وأعيد توزيعه أنصبةً ومراتب، على الطبقات والفئات والعصبيات والمناطق، هو هو قابلة الثورة وسبيلها السالك إلى شعار العدالة الاجتماعية . الشعب حصد، في الشوارع والساحات، ما ازدرعه الطغاة والبغاة والفسدة، ممن ربضوا على صدره أربعين حولاً . الجميل في المشهد كله أنه كان، هذه المرة، قاصراً في الحقل ليحصد ما فاته، في العقود الماضية، حصاده ودراسه من فلح الطغم والأوليغارشيات ونبتها .
ليس على المرء، هنا، البينة، فهو لا يدعي لكي تكون عليه، وعلاماتها فوائض تفيض عن الإفادة والبيان . هل نحتاج إلى تذكير بأن الاستبداد بغى واشترس حتى بات في وسعه أن يهرق الدم، ويزهق الأرواح، ويرش الناس بالرصاص القاتل، كما ترش الحشرات ببخاخ المبيدات، من دون أ يرف لجلاوزته جفن، بعد أن يكون قد عاث فساداً في الأبدان والنفوس والأعراض، فخنق الحريات، وصادرها منعاً أو سجناً، وأغلق الأفواه والصحف، وأخرس الألسنة، وأهان القضاء، وزوّر الانتخابات، وصمم الدستور على مقاسه، وتزوج السلطة والولايات الرئاسية مثنى وثلاث ورباع وما ملكت الأيمان، وورّث السلطة - أو كاد - كما تورث الأملاك الخاصة، وحقر المرأة وأهان كرامتها بحرمانها من حقوقها الإنسانية البدائية، وأخرجها - ومعها نصف المجتمع - من الحياة العامة؟
ثم هل نحتاج إلى تذكير بأن الفساد طغى واستكبر، وخرج من السر إلى العلن، وبات فجوراً بواحاً لا يخشى في الباطل لومة لائم، وأنه وزع الغنى الفاحش على أقل القليل، على أقل القليل، والفقر والإملاق على أكثر الكثير، وسرق الثروة والحقوق العامة، وارتضع من أثداء الدولة والقطاع العام من غير حدود، وأثقل ظهر الدولة والمجتمع بديون ينوءان بحملها، وكرس المحسوبية والاستزلام وعلاقات الولاء، وأنجب جيشاً عرمرماً من أخذان السوء والمصطنعين والمرتزقة والانتهازيين: قوة احتياطية وذخيرة حية في حرب السلطان على الشعب؟
هل ننسى أن الفساد آل إلى نظام كامل: له جيشه، وأمنه، ودركه، وجمركيّوه، وموظفوه، وإعلامه، ومثقفوه، وإعلاميّوه، وفقهاؤه أو حاخامته، وقضاته، ووزراؤه، ونوابه في البرلمان . وبات له نظام - قيمي ينتشر ويفشو، ويجد له من يتعهده بالرعاية والصيانة وكأنه من المواريث أو شيء بهذه المنزلة؟
كيف، إذن، لا تندلع هذه الثورات وقد تهيأت لها هذه الأسباب كافة؟
هل وضعت الثورة - حيث اندلعت وقامت - حداً للاستبداد والفساد، فحكّمت الاقتراع، والدستور، والقانون، والرقابة، والشفافية، قواعد حاكمة وكابحة، وضامنة لكفالة الحرية والعدالة الاجتماعية؟ لن نقول مثل غيرنا: لننتظر حتى نقشع الصورة أوضح، بعد زوال العجاج . وإنما نقول صادقين: إن المعركة ضد الاستبداد والفساد ستظل مستمرة وممتدة، فليس الاقتراع النزيه مدفنها، وإنما تكسب - فقط - حين تستأصل من الرؤوس والنفوس، أعني من الثقافة: وليس ذلك مما هو - اليوم - في حكم الإمكان . لابد، إذن، مما ليس منه بد: لا بد لثورة بدأت من أن تستمر .
عن صحيفة "الوحدوي" اليمنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.