صباح الخير يا وطني الحزين، صباح الخير يا كل مصري ومصرية، صباح الخير على الكل في شوارع مصر. صباح الحزن والأسى، صباح ينجينا فيه ربنا من الغدر والخديعة والخسة، صباح ربنا الجميل على كل ميادينك يابلدي. منذ تلك اللحظات التي احتشد فيها الغضب، ثم حلت الأحزان لترسم ملامح وطني الجريح، تشكل مع كل صرخة أم على ولدها جسرًا جديدًا للأمل، جسرًا جديدًا للحياة، فما الموت إلا انتقال لحياة أخرى؛ هكذا قال ربنا سبحانه وتعالى. لزمت الصمت غضبًا ثم لزمت الصمت حزنًا، وسألت ربي الفرج، وسألت ربي النصر، وسألت ربي الحفظ فهو الحفيظ الحافظ، يحفظ مصر وشعب مصر من كل أذى، ومن كل سوء، ومن كل شحناء، ومن كل بغضاء، ومن كل مكر، ومن كل غدر، ومن كل خسة، وسألته أن ينجينا جميعًا من النار، ومن العذاب في الدنيا، وفي القبر، وفي الآخرة. من كل ما يدور حولي تلتقط عيني مشاهد باكية، مشاهد بائسة، مشاهد تئن فيها الأمهات بآهات مكتومة، بآهات تكاد تفجر الصدور، وهؤلاء الآباء وهم يتفحصون في مشرحة زينهم بعيون مملؤة بالحسرة أجسادً شابة؛ كانت قبيل ساعات تغرد بالفرح وتبعث الأمل، وتعنون همتها بعنوان الحياة، كل هؤلاء رحلوا غدرًا، ورحلوا غيلة، ورحلوا خيانة، ورحلوا كرهًا، رحلوا تحت الأقدام، رحلوا ملقيين من أعلى المدرجات على الإسفلت، ورحلوا ضربًا بغل، ورحلوا بكسر الرقاب، وهم يا حسرة القلب شبان صغار؛ لا يعرفون كل هذا المكر، ولم يخبرهم أحد بمعاني الغدر، ولم يعرفوا كثيرًا عن الخسة التي كانت تشكل مع الغدر والخيانة و"الندالة" تحالفًا جديدًا؛ لتقتلتهم قتلة تعكس كل أنواع الغل والتشفي والقهر. لن أتهم أحدًا، ولن أتحدث عن مؤامرات، ولن أنساق إلى أي حديث يبعدني عن لحظة الحزن الكبير التي فيها وطني، لن أناقش ولن أجادل ولن أقول أكثر من إن الله يعلم السر وأخفى، وإن الله العليم بذات الصدور، الذي يسمع ويرى، ويعرف من مكر، ومن غدر، ومن كان خسيسًا في انتقامه، ويعرف كيف ماتوا، وقد نظر إليهم وهم يستغيثون فلا مغيث إلا هو، يعرف ربي كل هذا وأكثر، ويعرف أن الحال الذي كان عليه الشباب قبل الموت، ولحظة الموت، وهو أرحم الراحمين، يرحمهم ويحتسبهم بإذنه من الشهداء، وهو المنتقم الجبار يرينا آياته. يارب أرنا في كل الذين غدروا وخانوا وقتلوا ومكروا، أرنا فيهم ثأرنا واثلج يارب بذلك صدرونا، وانصرنا يا مولانا على من ظلمنا، والبقاء لله الحي القيوم، وإنا لله وإنا إليه راجعون. خاطرة :من دعاء أحد الصالحين: "اللهم لا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، ولا تولّ عني وجهك، ولا تهتك عني سترك، ولا تأخذني على تمددي، ولا تجعلني من الغافلين، وأيقظني من رقدتي، وسهّل لي القيام في هذه الليلة في أحبّ الأوقات، وارزقني فيها الصلاة والذكر والشكر والدعاء، حتى أسألك فتعطيني، وأدعوك فتستجب لي، وأستغفرك فتغفر لي، إنك أنت الغفور الرحيم".