رغم أن الانتحار لايعد في الوطن العربي بمثابة الظاهرة ولكن في الآونة الأخيرة أصبح يحتل أهمية لما يتركه من آثار على النظام بشكل عام والشخص بشكل خاص، وأصبح الانتحار بمثابة تجسيد للازمات السياسية والاقتصادية. فشهدت الدول العربية موجة من محاولات الانتحار حرقاً لمحاكاة الشاب التونسي محمد بوعزيزي وما سببه من تأثير في المجتمع التونسي في تغيير النظام الحاكم فتناقل الحدث إلى "الجزائر ، اليمن ، مصر" فيواجه المجتمع المصري تيارات فكرية قوية تجتاح الحياة العامة نتيجة التغيرات الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، الثقافية. لهذا قامت دراسة علمية للباحثة - راندا يحيى سعد - بعنوان "المتغيرات الاجتماعية والنفسية للانتحار" "دراسة استطلاعية " قامت تحت أشراف كلاً من الدكتورة سوزان أبو رية، والدكتور محمد أنور محروس، والدكتور فيفيان فؤاد وقاموا بمناقشتها كلاً من الدكتورة نجوى عبد الحميد سعدالله، والدكتورة محمود عبد الحميد حسين، وهدفت الدراسة على إلقاء الضوء على بعض المتغيرات الاجتماعية مثل التنشئة الاجتماعية ،الفقر ، البطالة والهجرة الغير شرعية. وأوضحت الباحثة راندا يحيى سعد بعض المتغيرات النفسية ومدى تأثيرها في أقدام الفرد على الانتحار مثل الاكتئاب ،القلق ، الفصام والأدمان، كما قامت برصد صور وأشكال الانتحار من الواقع الاجتماعي منذ اندلاع ثورات الربيع العربي مثل المظاهرات وما يحدث بها من أحداث عنف تؤدى إلى الموت، قائلة أنه رغم ارتفاع عدد ضحايا المظاهرات إلا أن الأفراد لم يتراجعوا ولكن تأخذهم إصرارا أكثر للتحدي والإقبال على الموت وكأن غريزة الفناء تنتصر على غريزة البقاء والجدير بالذكر ما أسموه بالانتحار الرمزي قبل القيام بثورة 30 يونيو 2013 فقاموا بإلقاء أنفسهم بالفعل من أعلى كوبري قصر النيل وشارك بعض المعاقين فى هذا اعتقاداً منهم بأنهم سوف يقدمون أرواحهم من اجل إسقاط النظام، ولكن الجدير بالاهتمام في هذا أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 5-13 عاما لم يتركوا المشهد السياسي وشاركوا فيه بارتدائهم الأكفان ونزلهم المظاهرات رغم أن نسبة الخطورة عليهم كانت كبيرة فالموت كان يحيطهم من جميع الجهات ورغم هذا كان لديهم إصراراً لإعادة الرئيس المعزول ، كما ظهرت أيضاً ما يعرف " بالعمليات التفجيرية".اعتقادا منهم لنيل ما أسموه "بالشهادة" " كأسلوب ضغط للحصول على مطالبهم. وعرضت رسالة الدكتوراة رؤى كلاً من رجال الدين الاسلامى والمسيحي، كما كشفت الستار عن هرمون اضطراب هرمون "السيروتونين" يساعد على أقدام الفرد على الانتحار هو المتسبب الرئيسي في الوفاة. الدكتورة راندا يحيى سعد وفى ختام الدراسة أوصت الباحثة بالآتيأولا : اهتمام جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها وجمعياتها الأهلية بالعمل على حل كل من مشكلتي الفقر والبطالة والتعليم وما ينتج عنهم من مشكلات اقتصادية واجتماعية ونفسية للفرد حسب تخصص كل مؤسسة. ثانياً: دور المؤسسات التربوية: عمل برنامج إرشادي سنوي للأسرة لتوضيح المهام المسئولة عنها وما ينبغي أن تقوم به تجاه أولادها منذ الصغر، وعمل برنامج سنوي لكل المراحل التعليمية لوقاية الطلاب ذوي الميول الانتحارية من الانتحار، بالإضافة إلى إقامة دورات تدريبية للمعلمين للتعامل مع الطلاب مع التركيز على الطلاب الذين لديهم مشكلات لأنهم الأكثر ميولًا للإقدام على الانتحار. وأيضًاعمل حلقات نقاشية مستمرة بين الطلاب بصفة مستمرة حتى يتواصل كل منهم مع الآخر حتى يحدث نوع من أنواع الترابط وتحمل المسئولية بين الطلاب وإدراكهم ببعض المشكلات الأخرى وكيفية التعامل معها عندما يمرون بنفس المشكلة، وتأهيل الأخصائيين الاجتماعيين في المدارس بكيفية التصرف مع الطلاب ذوي الميول الانتحارية وملاحظة باقي الطلاب ذات المشكلات النفسية أو الاجتماعية،وبالإضافة إلى التواصل المستمر بين المدرسة وأولياء الأمور مع عمل اجتماعات موسعة بين المعلمين وأولياء الأمور والطلاب. ثالثاً: المؤسسات الصحية: عمل برامج توعية وتثقيفية بالمشاركة مع وسائل الإعلام وباقي المؤسسات الحكومية والخاصة بأهمية العلاج النفسي ومواجهة المشكلات وكيفية حل المشكلة دون اللجوء إلى الانتحار كحل سريع للمشكلة، لافتة أنه عند شروع فرد بالانتحار لا يقتصر دور المستشفى على إنقاذه فقط بل المتابعة بعد الشفاء وعمل برنامج علاجي نفسي لتجنبه التفكير مرة أخرى في الانتحار، كما أكدت على تشريح جثة المنتحر لقياس نسبة هرمون السيروتونين رابعاً: المؤسسات الإعلامية: تعتبر المؤسسة الإعلامية من أهم المؤسسات في عملية الوقاية من الانتحار، فعليها الدور الأكبر في التثقيف لأنها الوسيلة التي تدخل جميع البيوت دون أن يؤذن لها فعلى عاتقها الحمل الأكبر، والقيام بعمل مسلسلات تركز على الجوانب السلبية الناتجة عن الانتحار أو التفكير فيه وليس العكس، وعمل برامج دينية تقويمية لتدعيم القيم الدينية وحثهم على الالتزام بالعبادات خامساً: المؤسسات الأمنية: تشريع قانون يجرم كل من يحرض على فعل انتحاري أو شعارات تدعم روح الانتحار، وإغلاق المواقع الإلكترونية المحرضة على الانتحار، ومحاسبة المؤسسات والأحزاب السياسية المحرضة على أفعال انتحارية، بالإضافة إلى محاكمة أهالي الأطفال التي يتم الزج بهم في أي مكان ينتج عنه تدعيم روح الانتحار باعتباره نوعا من الإهمال،كالمظاهرات بكل أشكالها.