بمناسبة حلول السنة الأولى على انطلاقة شرارة ثورات الربيع العربي من الشقيقة تونس الخضراء دائماً، نهنىء أنفسنا وجميع أشقائنا في هذا البلد الحبيب وكل أرجاء وطننا العربي الكبير، وكلنا أمل أن تفهم الأنظمة غير المرغوب ببقائها، كما فهم “ بن علي “، لتجنيب هذه الأمة المزيد من سفك دماء الأبرياء .. كلنا أمل أن نتعلم نحن أبناء الشعب العربي من النجاح الذي حققه الأشقاء في عام ثورتهم الأول، في الانتخابات وإنجاز مؤسسات الحكم وإدارة شؤون البلاد بكل سلاسة وشفافية وديمقراطية حقيقية حرمنا منها على مدى عقود، لتعود عجلة الإنتاج إلى الدوران بسواعد الشرفاء، وتبدأ مسيرة البناء التي توفر للأجيال القادمة، العزة والقوة والأمان والحياة الحرة الكريمة. "فهمتكم" التي كررها المخلوع الأول “ بن علي “ في خطابه الأخير، كانت آخر كلماته في سدة الحكم، وبوابة هروبه، لينعم أبناء تونس بالحرية، ويبدأ الصغير والكبير الحزبي وغير الحزبي بإعادة ترتيب أوراقه، تحت شعار “ تونس أولاً وأخيراً“ .. أما نظيره المخلوع الثاني “ مبارك “ – حسب الجدول الزمني للأنظمة البائدة – لم يستوعب الدرس مبكراً، “ ما كلف ثوار مصر الكثير، فكان مصيره خلف القضبان، بغض النظر عن طبيعة تلك القضبان التي تشغل بال ووقت الشعب المصري “، فكانت عبارته “ لم أكن أنتوي الترشح !! “، توضح عدم فهمه الدرس، وتؤكد أنه كان “ ينتوي !! “ البقاء في سدة الحكم حتى نهاية فترة رئاسته، ليتسنى له وزمرته تشكيل النظام الوريث حسب أهوائهم. وبعيداً عن مسلسل “ علي صالح “ الذي تجاوزت حلقته النهائية أجزاء مسلسل “باب الحارة” .. خرج علينا صاحب النظرية الثالثة في العالم غير المأسوف على رحليه عن السلطة والحياة الدنيا “ القذافي الأخضر “، مهدداً متوعداً شعبه بتحويل بلده إلى “ نار حمراء “، واستخدم من أجل كرسيه مختلف أنواع الأسلحة التي وفرها لسفاحي كتائبه من قوت المحرومين لقمة العيش، في قتل أبناء ليبيا والتنكيل بهم، لكنه سقط قتيلاً و”سيفه” من بعده أسيراً كالجرذين، في أيدي الثوار الذين نتمنى لهم الخروج من محنتهم في أقرب وقت، وتوحيد الجهود لحماية الوطن وثرواته. الصورة ذاتها تتكرر اليوم في مهد العروبة بشعبها، سورية الشهامة والكرامة، حيث أثبت “ بشار الذي لم يتخرج بعد في كلية طب العيون – على ذمة الرواة “، أنه وعلى الرغم من دراسته في لندن، لم يتنازل عن نظام تعليمنا العربي “ الحفظ لا الفهم “، هكذا أنشأه “ الأسد الأب “، على غرار جميع المؤسسات الأمنية والعسكرية التي ضمنت نظام توريث “ إلى الأبد كما يهتفون له “، لم تعهده أعتى أنظمة الحكم استبداداً ودكتاتورية في العالم!! لم يفهم “ بشار “ .. بل تطاول في خطابه الرابع المكرور ليس على شعبه فحسب بل على الجميع باعتبارهم رموز المؤامرة، مردداً مفردات حفظها عن ظهر قلب قالها سابقه “القذافي”، مكرراً مسرحيته الهزلية في ساحة الأمويين، التي ظهرت فيها مجموعة من “ القوارير المغلوب على أمرهن “ كما كان حال “ المتوحشات مرافقات العقيد الليبي “، ليعيد إلى ذاكرتنا المشهد المضحك في باب العزيزية، حيث تبين في مقتطفات فيديو تم اقتناصها وتسريبها، أن اللقاء المزعوم مع حفنة من مؤيديه “ رجال الأمن والشبيحة” ولثوان معدودات، تم في جزء من ساحة الأمويين، مكتظ بأشجار تحجب الرؤية، تم تهريب “ أسدهم “ تحت أغصانها!! ياحيف .. لا نقولها لنظام لا يستحق أكثر من “ انقلع “، بل نرددها مع الفنان سميح شقير، مخاطبين ضباط وأفراد الجيش العربي السوري الذين صوبوا نيران أسلحتهم نحو صدور أبنائهم وإخوانهم وأبناء عمومتهم العزل – كما فعلت كتائب القذافي، على عكس نظرائهم في تونس ومصر الذين كانوا مع الثورة “ يداً واحدة “، هكذا عهدنا الرجال الذين يوكلون مهمة الذود عن حياض الوطن وحماية أعراض حرائرهم وأحرارهم، لا انتهاكها بالاشتراك مع “ شبيحة “ أطلقهم النظام كالكلاب المسعورة، لتنفيذ أجندة مصالحه الخاصة وفق نظام رسمه “ المعلم الكبير “، ينتهج القتل والسرقة والرشوة والفساد وهتك الأعراض، من أجل أن تتقاسم زمرة لصوص وطن بأكمله. تلك حال أنظمة سرقة أوطاننا في غفلة من الزمن، نتمنى زوالها وشطبها من تاريخنا، ونأمل أن نعمل في أرجاء وطننا العربي تحت شعار “ نبدأ من حيث انتهى الآخرون “ .. كنت أتمنى على ثوار مصر وليبيا واليمن وسوريا، تشكيل وفوداً تمثل أطياف ثوراتهم، ليكونوا إلى جانب الأشقاء في تونس يشاركونهم فرحة التحرير، ويشاطرونهم الإنجازات التي حققوها في عام ثورتهم الأول، فنحن الآن في حاجة ماسة لتبادل خبرات وتجارب ونتائج النجاح الحقيقي في مسيرة البناء التي نرنوا إليها، لا نريد تكرار واجترار الأنظمة السابقة التي كانت تسعى لانتصارات فردية كاذبة، بل نريد تآلف قلوب وتلاقح أفكار وتزاوج عقول .. متى نفهم ؟؟ كاتب صحفي فلسطيني