خبراء : "الأمن" يحكم قبضته و"الإخوان" أضعف من استغلال الحدث عبدالفتاح : الضغط المستمر من المحتمل أن يغير الواقع مع التغيير المذهل في استراتيجية سياسات جماعة الإخوان المسلمين، في خضم ما تواجهه الجماعة في مصر من ضغوط لانهاء أسطورتها، تجد العجوز نفسها أما خياراً صعباً، لكنه حاسم، حول طبيعة الدور الذي ستحاول أن تلعبه في مستقبل مصر السياسي، خاصة بعد ترنح التنظيم بعد سقوط أول رئيس له من سدة الحكم في 3 يوليو الماضي، والتطورات التي شهدتها البلاد من فض اعتصامات تلك الجماعة والتعامل الخشن من قبل قوات الأمن، وما تلته من فض تظاهرات وفشل تحقيق أهدافها مرورًا بالاعتقالات التي مورست ضد قياداتها، ولم شمل الجماعة خلف أسوار السجون، وصولًا لمحاكمة رئيسها التي ستسقط هيبة الرئيس المحتجز من قبل القوات المسلحة بعد قرارات الفريق أول عبد الفتاح السيسي الأخيرة بالأطاحة بمرسي بعد تظاهرات شعبية واسعة النطاق شهدتها البلاد في حقبة حكم مرسي، حيث دفعت الاحتجاجات الشعبية الواسعة ضد إخفاقات الحكم الخطيرة للحكومة التي كان يقودها الرئيس آنذاك محمد مرسي، الجيش المصري إلى اسقاط مرسي وتعيين حكومة مؤقتة. ومنذ ذلك الحين، أردت السلطات الجديدة أكثر من 1000 من عناصر الإخوان، ووجهت تهماً جنائية ضد مرسي، وسجنت معظم من تبقى من القيادات البارزة للجماعة. استمرار الضغط وفي هذا الصدد يؤكد معتز عبدالفتاح الباحث السياسي واستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه على الرغم من كون جماعة الإخوان تخضع إلى حصار سياسي خطير، الا أنها لا تزال تمثّل طرفاً فاعلاً كبيراً في مصر، وذلك لاستمرار فعالياتها للضغط على القرار السياسي في المستقبل وحتي تضمن لنفسها موضع قد في مستقبل مصر، وسيكون للدور الذي تقرّر الجماعة أن تلعبه تأثير كبير على المسار السياسي الجديد في مصر والذي لايزال ملتبساً إلى حدّ كبير، خاصة بعد محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، رغم أن جماعة الإخوان متردّدة في الاعتراف بالهزيمة. وأكد عبدالفتاح إلى ان تنظيم الجماعة لسلسلة من الاحتجاجات التي تهدف إلى إعادة الحكومة السابقة، يأتي في سياق محاولتها تحفيز أنصار قاعدتها الشعبية من خلال رسائل التحدّي، في الوقت الذي كانت تطلق فيه رسائل أكثر تصالحية إلى المجتمع الدولي. ولذا لايزال من الصعب التنبؤ باستراتيجية جماعة الإخوان في المستقبل لا قبل محاكمة مرسي ولا بعدها، خاصة وأنه تم اعتقال أبرز قادة التنظيم، وهو ماجعل جماعة الإخوان مشلولة ومتردّدة. وسيكون حدوث تحوُّل إيجابي عميق في الجماعة، والذي ينطوي على تغييرات في الإيديولوجية والتكتيكات والأهداف، ضرورياً كي تصبح لاعباً كاملاً في ترسيخ نظام سياسي مصري ديموقراطي حقيقي لايزال الكثير من المصريين يأملون في الوصول إليه. ومع ذلك، يري عبدالفتاح أن حدوث مثل هذا التحوّل مستبعد في ضوء الوضع الراهن. بدلاً من ذلك، ثمّة ثلاثة سيناريوهات بديلة تطرح نفسها: تسوية الخلافات والإدماج، أو العودة إلى العنف المستدام واسع النطاق، أو استمرار الاحتجاجات ومحاولة نزع شرعية النظام. وقد أدّت الحماقات التي ارتكبتها الحكومة الانتقالية إلى تعكير الأجواء وساعدت جماعة الإخوان عن غير قصد، حتى في الوقت الذي كانت فيه أجهزة الأمن التابعة للدولة تعاقبها بشدّة. ويواجه مرسي تهم الاشتراك في القبض على المحتجزين خلال أحداث الاتحادية، وتعذيبهم، واستعراض القوة، وترويع المواطنين، والشروع في القتل والمتهم فيه أيضا كل من محمد البلتاجي، القيادي في جماعة الإخوان، وعصام العريان، نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة"، والداعية الإسلامي الشيخ وجدي غنيم. وتتهمهم النيابة بالاشتراك بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين أسعد الشيحة، نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وأحمد محمد عبد العاطي، مدير مكتب رئيس الجمهورية، وأيمن عبد الرؤوف هدهد، مستشار رئيس الجمهورية، وجمال صابر محمد، المحامي، و7 متهمين آخرين، بتهمة قتل 3 متظاهرين عمدا، والقبض على 60 آخرين، واحتجازهم داخل مقر الاتحادية وتعذيبهم. كانت محكمة استئناف القاهرة حددت جلسة 4 نوفمبر لنظر أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرين من قيادات جماعة الإخوان المحظورة في أحداث الاتحادية الأولى، وذلك أمام الدائرة 23 بمحكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار أحمد صبري. الأمن يحكم قبضته ومن الناحية الامنية، أكد الخبراء الأمنيين أن سيناريوهات توابع محاكمة مرسي مفتوحة ومن المتوقع أن يحدث أي شئ يوم 4 نوفمبر وهى أولى محاكمات الرئيس المعزول محمد مرسى, حيث أكد اللواء محمود قطرى الخبير الأمني، أن التنسيق بين الجيش والشرطة في تامين المحاكمة حتي يمر اليوم دون خسائر, سيدحض أي تحركات من قبل جماعة الإخوان في تظاهراتهم، التي من شأنها أن تحدث بلبلة في الشارع المصري، من الممكن ان يؤثر على طبيعة التعامل من الجماعة سياسًا في المستقبل. وأضاف قطرى, إن هناك خطة تم وضعها من قبل السلطات الأمنية لتأمين المحاكمة وذلك سيتم من خلال التنسيق بين الجيش والشرطة لافتاً, أن محاولة الإخوان لتشتيت قوه الشرطة لا يمكن أن يحدث, وذلك لأن عدد الشرطة بكافة طبقاتها يفوق توقعاتهم ولا يمكن إشغالهم عن أى أحداث، مؤكدًا أن خطورة محاكمة مرسى تفوق كثيراً خطورة محاكمة مبارك وذلك لأن مرسى له عدد كبير من المؤيدين يقفوا بجواره ويريدون منع المحاكمة أما مبارك فكان له عدد قليل من المؤيدين ولن يستطيعوا أن يقوموا بأى تصعيدات أو فعاليات. ومن جانبه قال اللواء جمال أبو ذكرى الخبير الأمني, أن تظاهرات الإخوان يوم محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى ستكون بلا خسائر باعتبارها ستكون طبيعية مثل بقية تظاهرتهم منذ عزله, ولن تؤثر على وضعية الجماعة وسياستها مستقبليًا، وذلك لأن الداخلية ستقوم بخطة أمنية مكثفة بالقرب من مكان المحاكمة ووضع كردون أمن و ستقوم بالتعامل مع كل من يقترب من المحكمة. وأضاف أبو ذكرى أن الإخوان لن يستطيعوا أن يقوموا بتعطيل حركة الدولة وقطع الطرق والمترو, وذلك لأن الجزء الأكبر من الشعب المصرى يقف ضدهم, ويدعم الشرطة والجيش فى مكافحة الإخوان, وأن الجماعة لا تستطيع القيام بأى فعاليات شديدة فى الفترة الحالية, وإذا كانت تخطط لذلك فإنها لن تعلن أبداً، وذلك يكشف بوضوح ترنح التنظيم وقياداته ومرورهم بالرمق الأخير. نموذج مُتخيَّل لكنه مستبعد يقول أحمد عبدالحميد، الباحث السياسي بمركز صناعة الفكر أن سياسات وخطاب وتكتيكات جماعة الإخوان السياسية منذ انتفاضة العام 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك آنذاك أثارت تساؤلات خطيرة حول الميول السلطوية للجماعة، وحول الخطر الواضح الذي تمثّله هذه الاتجاهات على الهوية الوطنية والوحدة والأمن القومي الحريات والديموقراطية، ولذلك تبدو التغييرات الإيديولوجية والتنظيمية الشاملة ضرورية إذا ما أرادت جماعة الإخوان القيام بدور مثمر في مستقبل الديموقراطية المصرية، خاصة بعد فرض الواقع نفسه عليها بمحاكمة رئيسها البكر أمام القضاء مثله مثل المخلوع المبارك بتم من شانها إصدار أحكام قاسية عليه وعلى قيادات الجماعة، حيث ينبغي لجوء الجماعة إلى مسار ايجابي يمكنها من خوض التجربة مرة اخرس. معتبرًا أن ذلك يبدأ من اعتراف جماعة الإخوان بسجّلها المزري في الحكم، والذي نفَّر الكثيرين في البلاد، حيث يعد نقطة الانطلاق المثالية في عملية التغيير هذه. ومن ثم يمكنها أن تسلّم بالحاجة إلى، والسعي من أجل، الفصل بين السياسة وبين العمل الدعوي، وإعادة الهيكلة التنظيمية والمالية للجماعة، والالتزام الفكري و الأيديولوجي بالإجماع الوطني، إن كان هناك إجماع أصلاً، على قيم المواطنة والتعدّدية و المساواة و الحريات وحقوق الإنسان، خاصة مع احتجاز العقول المدبرة خلف القضبان. ومن شأن وجود مسار تحويلي إيجابي أن يشكّل أفضل سبيل بالنسبة إلى جماعة الإخوان كي تستعيد مكانتها كلاعب سياسي من يمين الوسط، وأيضاً كي تتمتّع بالقدرة على المساهمة في بناء الديموقراطية في مصر، حيث يرى "حافظ أبو سعدة"، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، بيد أن المشكلة تكمن في أن هذا السيناريو المثالي يفترض أن تكون جماعة الإخوان على عكس ما أثبتت أنها تمثله بطريقة مؤلمة. فقد تحوّلت شبكات التضامن و الدعم التي أنشأتها في أجزاء عديدة من المجتمع المصري، والتي تعتمد في الغالب على التعبئة الدينية و الدعوية و الرساميل الثقافية وسياسات الهوية، وتنظيم الإخوان الهرمي المغلق، إلى شبكات متعطّشة للسلطة. وتستفيد هذه الشبكات من الروابط الدينية والاجتماعية لالتماس الدعم الشعبي الأعمى للقيادة في صداماتها مع القوى التي ترى أنها عدوة للإخوان والحركة الإسلامية والهوية مصر الإسلامية. واضطرت السياسات التي اتبعتها جماعات الإخوان عندما كان مرسي في السلطة إلى التوافق مع طبيعة هذه الشبكات التنظيمية وإيديولوجيتها.