أصبح "الألتراس"أو مشجعي النوادي الرياضية جزءا لا يتجزأ من الساحة السياسية المصرية منذ بداية ثورة 25 يناير في مصر.وأصبحت لهم صولات وجولات مع القوى الأمنية لعلها أبرزها أحداث شارع محمد محمود وأحداث شارع مجلس الوزراء . ربما لم يسمع كثير من المصريين عن "الألتراس" قبل سنوات قليلة ، تعد على أصابع اليد الواحدة .حيث كان أول ظهور لهذه المجموعات في عام 2007، حينما احتفل النادي الأهلي المصري بمئويته الأولى، وظهرت مع هذه الاحتفالات مجموعة من المشجعين المتحمسين الذين أطلقوا على أنفسهم اسم – التراس – مستخدمين الاسم الذي تستخدمه فرق التشجيع في أوروبا وأمريكا الجنوبية، والذي يعني باللغة اللاتينية الشيء الفائق أو الزائد عن الحد ، في إشارة إلى الانتماء والولاء الشديدين اللذين تدين بهما هذه المجموعات لفرقها . وتلا التراس الأهلي ، ظهور مجموعة مشجعين لمنافسه اللدود – نادي الزمالك – لتتابع جماهير كرة القدم المصري هذه الفئة من الشباب المتحمس , الحاضر في كل مباريات فريقه والذي عادة ما يصطدم بالآمن بسبب حماسهم الكبير واستخدام الشماريخ داخل الملاعب . اللافت أن ظهور الألتراس للنور كان ضمن اتجاه بدأ يهيمن على المشهد المصري قبل ثورة يناير، بلجوء الشباب لإقامة كيانات بديلة عن الكيانات الرسمية المفروضة عليهم . وينقل التليفزيون الألماني "دويتش فيلة" عن رامي صلاح من أعضاء التراس أهلاوي إن القيود التي وضعت على الانضمام لروابط مشجعي الأندية من ضرورة الحصول على عضوية النادي التي تكلف ألاف الجنيهات، فضلا عن تبعية هذه الرابطة لمجالس إدارات الأندية ،دفعت بآلاف الشباب العاشقين لأنديتهم لتكوين روابط تشجيع بديلة يديرونها بطريقتهم الخاصة. ويضيف رامي أن الفكرة الشائعة عن شباب الألتراس بأنهم صغيرو السن، ومتوسطو الثقافة ويميلون لممارسة الشغب بسبب تعصبهم الشديد هي فكرة مغلوطة بالكامل، حيث تضم مجموعات الألتراس أطباء ومهندسين ومدرسيين وخريجي جامعات، كما أن أعمار أعضائها تتراوح بين الرابعة عشر من العمر وحتى الأربعين، يجمعهم جميعا الانتماء الشديد لنادييهم، بالإضافة إلى أن قائد التشجيع في المباريات لا يعني بالضرورة انه الأكثر ثقافة أو وعيا ولكنه الأكثر قدرة على الهاب حماسهم في المباريات. وبدأت فرق الألتراس المختلفة في لفت الانتباه بتزايد أعدادهم وانتماء آخرين من محافظات مختلفة، فضلا عن تنظيمهم الشديد داخل الملاعب والتشكيلات التي يقدمونها في بدايات المباريات،إضافة إلى اصطدامهم الدائم بقوات الأمن بسبب الاستخدام المفرط للقوة المرتبط بسلوك الشرطة في عهد مبارك، وهي أسباب أدت لشهرة الألتراس بين قطاعات عريضة من المصريين، حتى من غير المتابعين لكرة القدم . ومثل بقية المصريين خرجت جماهير الألتراس معاندلاع الثورة للشوراع للمطالبة بإسقاط نظام مبارك، و منحتهم معرفتهم السابقة ببعضهم البعض خلال المباريات فرصة أفضل للتنظيم في مجموعات ، واستخدام طرق أنجع في التعامل مع قوات الأمن . ويتذكر رامي أحداث ما بات يعرف لاحقا بموقعة الجمل، وكيف أفادهم ما كانوا يتعرضون له في المباريات من مصادمات مع جنود الأمن المركزي، في التصدي مع بقية المعتصمين للتحرير لهجوم بالخيول والجمال شنه عشرات من أنصار مبارك على الميدان . خبرة الألتراس السابقة دفعتهم في ذلك اليوم لإدارة الموقعة بشكل أكثر تنظيما، حيث نظموا أنفسهم في ثلاثة صفوف، صفان يحملان الحجارة وصف واحد يحمل دروعا، عبارة عن " مقالي وأدوات مطبخ" أمدهم بها سكان العمارات المحيطة بالتحرير – بحيث يشن الصف الأول هجوما بالحجارة على المهاجمين ثم يعود فيحتمي بصف الدروع ،وينخفض هؤلاء في اللحظة التي يكون فيها الصف الثالث يباغت بهجوم جديد، ليعود صف الدروع للنهوض بينما يكون الصف الأول قد أعاد التسليح بحجارة جديدة، إلى أن انتهت المعركة بانسحاب أنصار مبارك من الميدان . كان ظهور الألتراس بهذا الشكل خلال الثورة واستمرار توتر الأوضاع في مصر، مؤشرا على بقائهم في الشارع، وتحول العداء الشديد بين ألتراس اهلي وزمالك الى تعاون مثمر في مواجهة قوات الامن، كما تكرر ظهورهم في مليونيات التحرير، مستخدمين قدرتهم على حشد اعضائهم وتنظيمهم في مجموعات فضلا عن طريقة دخولهم المميزة للميدان . كما برز دور الالتراس من جديد خلال احداث شارع محمد محمود القريب من ميدان التحرير، حينما دخل المتظاهرون في مصادمات عنيفة مع قوات الامن لاجبارهم على البقاء امام مقر وزراة الداخلية لحماية المعتصمين الموجودين في الميدان وكان خروج الالتراس من ملاعب كرة القدم الى الميدان مؤشرا على امكانية دخولهم لملاعب السياسة والذي تبلور فيما بعد بانضمام عدد منهم لحزب "بلادي" ومن بينهم رامي صلاح الذي اصبح متحدثا باسم الحزب، مضيفا ان الحزب وان لم يعبر بالضرورة عن كل مشجعي الالتراس لكن الالتراس يعبرون عن شريحة كبيرة من شباب مصري نجح في كسر كل القيود التي وضعها النظام السابق.