بينما تزور الأسواق لتشترى خضار منزلك تجد رواد السوق من سيدات ورجال يبتعدون عن شراء الطماطم كأنها مرض العصر اللعين ويطلقون عليها شائعات " الطماطم الإسرائيلية المسرطنة " وعلى عكس السنوات الماضية وما يطلق عليها بأمثال المصريين الشعبيه " مجنونة ياطماطم" وهذا لشدة رغبة المصريين فى شرائها وأكلها وسب هذا تفاوت كبير بأسعارها طول العام ولهذا سميت بالمجنونة. وخلال هذا اللغط فى الحديث مابين تأكيد ونفى على وجود الطماطم الإسرائيلية بالأسواق المصرية نفى الدكتور على سليمان مستشار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى شراء الوزارة أى ثمار أو بذور طماطم من إسرائيل ، ولكنه لم ينفى أيضا وجودها بالأسواق المصرية وبرر ذلك أنه من الممكن ان تكون دخلت السواق عن طريق النفاق التى على الحدود الفلسطينية لضرب الزراعة المصرية خلال هذة الفترة الحرجة التى تمر بها البلاد. وأكد الدكتور أيمن أبوحديد وزير الزراعة خلال تصريحات خاصة ل" المشهد" أنه لم يعقد أى صفقات مع إسرائيل ولم يذهب إليها طول حياته ؛ ولم تقوم وزارة الزراعة فى عهده بشراء أى ثمار أو بذور من إسرائيل. وأشار أبوحديد إلى أن كل خبراء الزراعة يعلمون جيدا لو الأسواق المصرية بها ثمرة واحدة من الطماطم الإسرائيلية فلابد أن تكون زرعت بالرض من خلال 4-6 أشهر وهذا يدل على أن هذه الأصناف لم تدخل مصر خلال عهدى بالوزارة ولكن دخلت فى عهد النظام السابق . وفى نفس الثياق خلال تصريح خاص ل" المشهد " قال الدكتور مجدي عبد الظاهر مسعود أستاذ كيمياء و سمية المبيدات - كلية الزراعة سابا باشا - جامعة الإسكندرية ، أن كل ما جاء في بعض وسائل الإعلام عن وجود طماطم سامة (محتوية على مادة السولانين) في الأسواق المصرية مستوردة من اسرائيل و معدلة وراثيا و ترش بمبيد هرموني سعره 75 ألف جنيه عاري تماما من الصحة من حيث المنطق و التفسير العلمي. وأشار مسعود الى أن مصر تزرع أكثر من 400 ألف فدان من الطماطم سنويا و يأتي ترتيبها الخامس على مستوى العالم من حيث كمية الإنتاج التي تتراوح من 6 الى 8 مليون طن سنويا و هي كافية للإستهلاك المحلي؛ وليس هناك أي شركة تقوم بتسجيل أو إستيراد أي صنف من اسرائيل و أنه من المستحيل تهريب أصناف اسرائيلية الى الأسواق المحلية لعدة أسباب منها: "أولا" وجود عشرات الأصناف و الهجن عالية الجودة و الإنتاجية مسجلة في مصر سواء كانت محلية (من مركز البحوث الزراعية) أو مستوردة (من أوروبا و أمريكا و عديد من الدول ليس من بينها اسرائيل) و ذات سعر معقول متاح لجميع الزراع. والأصناف الموجودة متنوعة في خصائصها فمنها ما هو عصيري (تستخدم لعمل عصير الطماطم) و منها ما هو لحمي (تستخدم للأكل و السلطات) و منها ما هو مبكر أو متأخر النضج ....الخ و هي تسد احتياجات و أذواق المستهلك المصري. وليس هناك أي صنف تجاري من الطماطم معدل وراثيا على مستوى دول العالم حاليا ، حيث كان هناك صنف اسمه Flavr Savrتم انتاجه في أمريكا عام 1994 و تم ايقاف انتاجه و سحبه من الأسواق العالمية عام 1997 و لم يدخل أو يزرع في مصرنهائيا. و إن كان هناك فرضا (جدلا) أن هناك صنفا معدلا وراثيا في الأسواق العالمية فمن الطبيعي أن يكون مرتفع السعر و لا يتناسب نهائيا مع المزارع أو المستهلك المصري في ظل وجود وفرة من الأصناف المسجلة عالية الجودة و الإنتاجية وذات السعر المنخفض. ونفى مسعود أستخدام الفلاح المصري الرش بمبيد هرموني على الطماطم يبلغ سعر اللتر منه 75000 جنيه ، وقال هذا غير حقيقي تماما، لأنه من المتعارف عليه أن هناك بعض الهرمونات النباتية التي يمكن استخدامها خاصة على بعض أنواع الفاكهة مثل التفاح أو الموز أو المشمش و المانجو و هي ليست بمبيد و ليست ضارة و مسموح باستخدامها، شأنها شأن المخصبات الزراعية طالما أنها مسجلة و تستخدم بالمعدلات المسموح بها عالميا. علاوة على أن ليس هناك أي مبيد على مستوى العالم يصل سعر اللتر منه 75000 جنيه فمن أين جاءت هذه المعلومات المغلوطة. وأكد أن الحقيقة العلمية بخصوص أن ثمار الطماطم الموجودة في الأسواق تحتوي على مادة السولانين السامة فلابد من زيادة معرفة القارئ ماهى أصلا مادة السولانين: هي من مجموعة كيماوية تسمى جليكوسيدات أشباه القلويات، تتواجد مادة السولانين Solanineو تشكيونين Chaconineو توماتين Tomatineطبيعيا في نباتات العائلة الباذنجانية مثل الباذنجان و البطاطس و الطماطم و التبغ. مادة السولانين تتواجد في أوراق و سيقان ودرنات البطاطس. و في أوراق و سيقان نباتات الطماطم و لا تتواجد في ثمار الطماطم. ومادة توماتين Tomatineهي التي تتواجد في ثمار الطماطم. غير مسموح بتسجيل أي صنف نباتي يحتوي على أكثر من 20 مجم لكل 100 جرام من الجزء النباتي أي بما يعادل 2جزء من المائة في المائة ( 0.02%). تزداد نسبة السولانين في درنات البطاطس و الباذنجان غير الناضجة أو المعرضة للشمس كوسيلة دفاعية من النبات حتى لا يتم التغذية عليها بواسطة الطيور أو القوارض أو الحشرات أو الأمراض. تعرض درنات البطاطس للشمس سواء في الحقل أو في الأسواق أو في المنزل يؤدي الى تكون مادة الكلوروفيل (و هي المادة المسئولة عن اللون الأخضر في النباتات ، و هي غير ضارة نهائيا) و قد يكون مصحوبا ذلك بوجود مادة السولانين في حالة البطاطس. والمزارع المصري يقوم بتغطية درنات البطاطس بالتربة الزراعية عند تعريتها في الحقل أثناء الزراعة تجنبا لحدوث مثل هذا الإخضرار. وكثيرا من ربات المنزل يعرفن أنه لا يجوز و ضع درنات البطاطس في الشمس (في البلكون مثلا) تجنبا لحدوث مثل هذا الإخضرار و إن حدث ذلك يمكن التخلص من الأجزاء الخضراء بالتقشير. ويمكن للشخص العادي التعرف على وجود السولانين بوجود المذاق المر اذا زاد معدلها عن 14 مجم لكل 100 جرام من الجزء النباتي. فثمار الطماطم تحتوي على الكلوروفيل و مادة توماتين في الأجزاء الخضراء منها. و ثبت علميا أن مادة توماتين لها فوائد صحية في تقليل الكوليسترول الضار في دم الإنسان و هو ما يطلق عليه كوليسترول منخفض الكثافة Low-density lipoprotein (LDL). و هذا ما يفسر لجوء و رغبة المستهلك المصري الى استهلاك ثمار الطماطم الحمراء المشوبة بلون أخضر في السلطة الخضراء وطالب قائلا إذ أنني أفترضت حسن نية من قام بنشر هذا الكلام في الصحف أو القنوات الفضائية و حرصه على صحة المواطن المصري، و لكن كان يتحتم عليه تقديم أدلة علمية و مستندات تثبت هذه المخاوف قبل النشر ، خاصة أنه يمكن تقدير كمية السولانين بالتحليل بواسطة جهاز HPLC في المعامل البحثية المعتمدة مثل المعمل المركزي لتحليل المبيدات و المعادن الثقيلة في الأغذية، و الذي يعطي شهادة بذلك لصاحب عينات التحليل قبل أن يتم النشر و ليست لمجرد مخاوف أو مشاهدة بالنظر أو بدون تفسير علمي أو منطقي. وأنهى كلامه ل " المشهد " بقوله أن خلاصة هذا التفسير هو أنه ليس هناك أي دلائل أو اثباتات علمية أو حتى يقبلها العقل على وجود أصناف من الطماطم سامة أو مستوردة من اسرائيل أو معدلة وراثيا في الأسواق المصرية. و إذ أرجو و أهيب بكل من له تأثير على الرأي العام سواء كان من الإعلام أو من أساتذة الجامعات أو مراكز البحوث أن يتحروا الدقة و أن لا ينساقوا وراء اشاعات أو أن يتم استغلالهم اعتمادا على أنهم مصدر ثقة و مصدر للمعلومة في إثارة الذعر و احداث بلبلة في الشارع المصري بدون حقائق علمية مثبتة.