نُقل اليوم إلى مستشفى السلام الدولى (كورنيش المعادى) المفكر السياسي والكاتب والمترجم الكبير خليل كلفت في حالة سيئة . " خليل كلفت " لوّحت على وجهه شمس الجنوب الحارقة، وهو واحد من كبار مثقفي اليسار المصري، لم يخلص طويلاً لفن القصة القصيرة، وسرعان ما غرق في بحار الترجمة التي أنجز فيها الكثير الذي يشي بجهود دؤوبة لا تليق إلا بمثقف جادّ اعتاد أن يأخذ عمله بشدة أصبحت نادرة، وجدية قلَّما نجد لها مثيلاً. الكاتب والمترجم والإنسان، لا تتوقف قيمة ما أعطاه وأنتجه وأنجزه عند ترجمته الراقية لابداعات يودقيس العظيم، أو لاكتشافه للكاتب البرازيلى الأول ما شادوده اسيس في رائعتيه (دون كازمورو، والسرايا الخضراء)، أو قصصه القصيرة، ويعتبر ماشادوده اسيس عميد الادب البرازيلى بلا منازع، وهو الأب الروحى لكافة الإبداعات البرازيلية الحديثة، ولا تتوقف ترجمات "كلفت" من اللغتين (الإنجليزية والفرنسية) عند حدود الأدب فقط بل تتعداها إلى ابداعات سياسية وفكرية لها حضور عالمي وحى ومشارك في تشكيل وصياغة اتجاهات الفكر السياسى العالمي، وزيادة على ذلك فالصديق خليل كلفت قد انشأ عددا من القواميس والمعاجم اللغوية المهمة، والتي لا غنى عنه لاى باحث، اشهرها (إلياس- هاراب التجاري، ومعجم تصريف الأفعال، وغيرها). صدرت جميعها عن دار الياس المتخصصة في هذا المجال، ويعتبر خليل كلفت في المجال اللغوى - عموماً - حجة قوية، واسهاماته العديدة في هذا الأمر ترشحه لذلك، وقد نشرها في مجلات (قضايا فكرية، وابن عروس)، وهي دراسات عن الازدواج اللغوى بين الفصحى والعامية، وتجدد النحو وتطويره، وتخليصه من كافة المعوقات التي تعرقل تطور ونمو اللغة ذاتها، ويجعلها متأخرة عن كل اللغات الأخرى الحية. يضاف إلى ذلك آان خليل كلفت بدأ حياته ناقدا حصيفا وواعيا، ونشر دراساته ومقالاته في جريدة المساء، التي كانت تصدر صفحة شبه يومية، وكان يشرف عليها الراحل الكبير عبد الفتاح الجمل، وكتب خليل عن الشاعر العراقى الكبير عبد الوهاب البياتي مجموعة مقالات صدرت في كتاب مستقل بعد ذلك في السبعينيات، وكتب عن الشاعر الفلسطينى توفيق زيادة وبشر بأدباء المجلة وكتب مقالا كبيرا عنهم، قبل أن يصبحوا كتابا كبارا، ابرزهم سعيد الكفراوي وجار النبي الحلو، وخاض معركة ادبية احدثت دويا كبيرا في اواخر الستينيات مع الكاتب الاردنى الجنسية، والذي اقام في مصر طويلا الراحل غالب هلسا، ونشر أيضا خليل بعض دراساته وابداعاته الشعرية، والقصصية في مجلة جاليرى 68، وهو يعتبر أحد الأعمدة النقدية الكبيرة في ذلك الوقت، ومن الواجب ان نقدم التحية للدكتور جابر عصفور الذي سارع باتخاذ اجراءات عاجلة لنشر كتابات خليل كلفت النقدية، والتي ستصدر عن المجلس الأعلى للثقافة. ولولا ان العمل السياسى خطف خليل كلفت من النقد الأدبي، لأبدع كثيرا في هذا المجال، ولكنه لم يستطع إلا ان يشارك في صياغة وجدانات وعقول جيل كامل، وكتب بقلم اسم مستعار عددا من الإبداعات السياسية أهمها (الإقطاع والرأسمالية الزراعية في مصر - في عهد محمد على إلى عهد عبدالناصر) وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة اليابانية، ونقله الباحث اليابانى ايجى ناجاساوا)، الذي ترجم أيضا سيرة عالم الاجتماع سيد عويس أيضا صدر لخليل دراسات أخرى عن أسلوب الإنتاج الآسيوي، والبورجوازية البيروقراطية، والقومية العربية)، وفى عام 1982 صدر له كتاب (الكارثة الفلسطينية)، منتقدا بعض الأفكار السياسية التي رآها آنذاك مدمرة للقوة الباقية للمقاومة .