آن للمسلسل المكسيكي الممجوج الخاص بالمصالحة الفلسطينية أن يتوقف لأننا سئمنا الحلقات المكرورة التي يجتر خلالها الممثلون الكبار والأوائل ومعهم "الكمبارس"، الأحداث والسيناريو ذاته، فأي طفل فلسطيني في الوطن المحتل أو خارجه في أصقاع الدنيا، بات بإمكانه أن يؤدي دور البطولة في هذا المسلسل السخيف. آن الأوان لسلطة عباس وسلطة حماس وأتباعهما أن يرفعوا أيديهم عن دمنا ويرحلوا فنحن في كل بقعة محتلة من الوطن نتكفل بأعدائنا، ونسأل الله العلي القدير أن يحمنا من أصدقائنا، فالشعب الفلسطيني منذ النكبة الأولى وما قبلها يقارع الاحتلال بكل أشكاله وألوانه وأجناسه، وكان ينتزع منه تكلفة احتلاله الأرض بالصدور العارية التي اعتادت مواجهة رصاصهم وسياطهم وكل أدوات التنكيل التي يستخدمونها، على عكس ما آلت إليه الأمور حالياً بفضل سلطتي رام اللهوغزة، حيث أصبح ولأول مرة في تاريخ البشرية أسعد احتلال لما يحققه من مكاسب (( تجارة رابحة ))، فهناك أجهزة ومؤسسات توفر له الأمن والأمان تعيش بين ظهرانينا تحت مسمى سلطة وحقيقة الأمر أنها سلطة (( بفتح السين واللام والطاء )) أزكمت رائحة العفن المنبعثة منها أنوفنا.. أية سلطة تلك التي تتفق أمنيا مع الأعداء ضد أبناء شعبها ؟! أية سلطة تلك التي تبني السجون والمعتقلات لتزج فيها الشرفاء الذين أبت كرامتهم ووطنيتهم أن يدنس تراب وطنهم عدو غاصب من لقطاء العالم ؟! أية سلطة تلك التي لم تشيد مدرسة لأبناء شعب يعيش في أرجاء الأرض تحت رحمة الأونروا في مأكله ومشربه وطبابته وتعليمه ؟! أية سلطة تلك التي اختزلت معركتها في تقديم طلب عضوية للأمم المتحدة ورفع علم فلسطين أمام مقر اليونسكو في باريس (( افرح يا قلبي )) ؟! أية سلطة تلك التي تعاملت مع المذبحة التي تعرض لها أهلنا في غزة كما تعاملت معها أم أوباما التي لا تعرف هي وابنها، أي شيء عن فلسطين وشعبها المنكوب، في حين تجاوزت السلطة كل الأعراف وسمحت للمنكوبين في رام الله ومحيطها أن يتضامنوا بالشموع مع المذبوحين من أبناء جلدتهم، كما يفعل الذين يعيشون ليالي الأنس في فيينا ؟! أية سلطة تلك التي ينحصر اهتمامها في دخول موسوعة جينيس بإعداد أكبر (( صدر كنافة ))، ما أوسع (( صدوركم )) ؟! أية سلطة تلك التي تلهث وراء سراب كلام لن يتحقق في ظل سرقة المزيد من الأراضي وتهويد أقدس قبلة للمسلمين، وبناء مستوطنات للقطاء يستقطبهم كيان صهيوني حتى لو تعاملنا معه دينياً كيهود يجب عدم إغفال معاناة أنبياء الله ورسله مع هؤلاء الشذاذ ؟! أية سلطة تلك التي سلمت مصيرها لرؤساء الإدارة الأميركية من (( كلينتون راعي أوسلو إلى أوباما راعي البقر ))، وهي تعلم وكل طفل في العالم أن وصول أي أميركي إلى الرئاسة يجب أن تمر عبر تقديم فروض الولاء والطاعة للصهاينة أولاً ؟! أية سلطة تلك التي تسقط من حساباتها الربيع العربي الذي تعصف رياحه بالمستبدين في وطننا الكبير، وكلنا نعي أن أمثال هذه السلطة ستسقط من دون عناء، لأنها هشة بوزن ريشة لا تتطلب أكثر من نسمة ربيعية تجعلها في (( خبر كان )) ؟! منذ اتفاقية أسلو (( ملعون أبوها وأبو مخلفاتها التي أذاقتنا المزيد من الذل والمهانة والاستبداد والاضطهاد وفرخت الفساد ))، وحتى آخر لقاء بين فتح وحماس في قاهرة ثورة 25 يناير، ونحن نسمع الاسطوانة المشروخة ذاتها، كلهم حريصون (( ما شاء الله )) على وحدة الصف الفلسطيني، لكن أحدهم لا يمكن أن يتنازل عن كرسيه الذي ورثه عن حركته!! وكأنهم وكلاء النضال الفلسطيني بعد أن شطبوا شهداء كل بيوت فلسطين الذين أنبتت دماؤهم حجر أساس الدولة التي لن تقوم بالمساومات والمقايضات وترهات مسيرة السلام، بل بانتزاع الحق المسلوب (( لا يفل الحديد إلا الحديد ))، فالحل ليس بيد أميركا أو الرباعية الدولية ومن لف لفهم (( كذب الأمير كيون والأوروبيون وكل من يدور في فلكهم )). ارفعوا أيديكم عن دمنا.. سنعيد للانتفاضة سيرتها الأولى وسنعود إلى مربعنا الأول في النضال الكفيل بانتزاع حقوقنا.. هل نسيتم أننا طليعة الانتفاضات التي شهدتها ولا تزال دول العالم أجمع؟ هل نسيتم أننا أول مدرسة في هذا الكون تنشر علومها في مقاومة الاحتلال وتثبت للبشر عكس ما يظنون (( أن الكف تلاطم المخرز )) ؟؟ هل نسيتم أن الربيع العربي ليس وليد اللحظة، بل نتاج قهر وذل واضطهاد وفساد وكرامة أمة أهدرتها أنظمة ساقطة واهنة، كانت شرارة كشف عورتها، مجزرة غزة التي أيقظت دماء أبناء فلسطين المستباحة إبانها، ضمائر الأحرار في أرجاء الكرة الأرضية ؟؟ أفيقوا من غفلتكم يا أحجار الشطرنج (( انتهت اللعبة )) .. معركة فلسطين القادمة التي سيخوضها أبناء وأحفاد الربيع العربي، لن تكون مع حفنة الأوغاد الجاثمين على ترابنا المقدس فحسب، بل ستطال حركة صهيونية تسخر أنظمة عالمية لخدمتها، فمعركتنا الحقيقية مع الذين شتتوا شملنا ومزقوا جغرافية وطننا العربي ويحاولون (( واهمين )) محونا من التاريخ .. لقد آن الأوان لاسترداد حقنا العربي ليس في فلسطين فحسب، بل في كل بقعة من وطننا الكبير الذي رسم دويلات خريطته المزعومة استعمار (( سايكس – بيكو – الاتفاقية السرية بين الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس عام 1915 - 1916 لاقتسام الهلال الخصيب ))، وأكملت سيناريو التجزئة التي نتحمل أوزارها سياسة (( فرق تسد )) التي رسمتها إمبراطورية كانوا (( خيب الله ظنهم )) يحسبون أن الشمس لا تغيب عنها .. فغابت إمبراطوريتهم (( في ستين داهية )). ____________ كاتب صحفي فلسطيني