في الوقت الذي يلقى فيه مشروع القانون الذي اقترحته الحكومة الانتقالية، برئاسة حازم الببلاوي مؤخراً، بتنظيم حق التظاهر السلمي، تأييداً واسعاً من قبل العديد من القوى والتيارات السياسية، التي تعول عليه في إعادة الانضباط إلى الشارع المصري، بدت فيه اعتراضات واسعة أيضاً من جانب بعض القوى الثورية والمنظمات الحقوقية. وتتركز أوجه الاعتراض، بحسب هؤلاء، في أن مشروع القانون يفرغ حق الاعتراض السلمي من مضمونه، ويهدر أحد أهم مكتسبات ثورة 25 يناير 2011، وموجتها الثانية في 30 يونيو الماضي، كما يتنافى مع مبادئ المرحلة الانتقالية التي يجب أن تؤسس للدولة المدنية الحديثة، التي يجب أن يكون جوهرها الأساسي هو احترام الحريات، وليس تقييدها. وناشدت عدة منظمات حقوقية الرئيس "المؤقت"، عدلي منصور، عدم إصدار مشروع قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية في الأماكن العامة، الذي أعدته الحكومة، قبل إجراء حوار مجتمعي عليه تشارك فيه مختلف الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، حتى يأتي معبراً عن رؤية المجتمع المصري. وتعتبر مؤسسة "عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان"، في بيان حصلت عليه "المشهد" الأحد، أن "مشروع القانون الحالي يحتوي على كثير من المواد السالبة والمقيدة للحريات، وعلى رأسها تقييده لحق المواطن في التجمع والتظاهر السلمي، وإبداء الرأي، وسلب واضح لحرية الإنسان في التعبير". وتتضمن اعتراضات المنظمة الحقوقية رفضها للمادة الخامسة، التي تلزم منظمي المظاهرة بإخطار وزارة الداخلية بمكان وميعاد المظاهرة، وأسماء ثلاثة من المتظاهرين، و المادة التاسعة، التي تنص على حق وزير الداخلية ومدير الأمن بالمحافظة الاعتراض على المظاهرة. كما تتضمن الاعتراضات، وفق بيان نُشر على الموقع الرسمي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، على المادة 15 التي تنص على منع المتظاهرين من حمل لافتات، أو قول أي عبارات أو أناشيد خلال المظاهرة، وكذلك المادة الخاصة بمنع الاعتصام في مكان التظاهر. ويطالب الناشط الحقوقي بأن يوفر مشروع القانون ضمانات والتزامات كافية، لايجوز التنازل عنها من الدولة، لحق كل مواطن في حرية التجمع السلمي، والتعبير عن الرأي بطريقة سلمية، وأن يكون المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه مشروع القانون، هو تنظيم عملية التظاهر، دون وضع قيود تعجيزية على حق التظاهر أمام المواطنين. كما يؤكد على ضرورة أن يتضمن مشروع القانون على نصين مهمين، والباقى إجراءات تنظيمية والتزامات من الحكومة تجاه مواطنيها، لافتاً إلى أن النصين الأساسيين هما أن يتم ممارسة هذا الحق بعيداً عن العنف والتخريب والتدمير، وأن يتم التعامل السلمي مع المتظاهرين، باعتبارهما ضمانات أساسية واجبة ويستحيل التفريط فيها. أما الناشطة نجلاء عبدالحميد فتؤكد ضرورة أن تلتزم الحكومة المصرية بأن يعد مشروع القانون وفق إطار القواعد المنصوص عليها بالمواثيق الدولية، التي وقعت عليها، بالنسبة لتنظيم حق التظاهر، والتي تم النص عليها في المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتنص تلك المادة على أن "يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به، ولا يجوز أن يوضع قيود على ممارسة هذا الحق، عدا تلك التى تفرض طبقا للقانون، وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. كما تشدد عبدالحميد على أن يستند مشروع القانون كذلك إلى نص المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تتضمن أنه "لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية".