ألقت أحداث التحرير بظلالها على الوضع الاقتصادى المصرى، الذى يعانى من حالة ركود منذ اندلاع ثورة 25 يناير، وما تبعها من أحداث عنف، وكان آخرها الاشتباكات الدائرة فى ميدان التحرير بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزى، فضلاً عن تعقد الموقف السياسى بعد رفض المتظاهرين لخطاب المشير الذى ألقاه بالأمس، الذى نتج عنه موجة من الهبوط اجتاحت سوق المال تبعتها موجة ارتفاع مؤقتة، ويعد القطاع الاقتصادى من أكثر القطاعات الحساسة، التى تتأثر بالأحداث، وذلك وفقاً للقاعدة الاقتصادية التى تنص على أن "رأس المال جبان". ووصف الخبراء الوضع الاقتصادى الحالى بالخطر لنقص الموارد والسلع الأساسية وتوقف الإنتاج فى الكثير من المصالح والمؤسسات القومية، بالإضافة إلى تعثر الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولى، والتوقعات برفع أسعار الفائدة على القروض الخارجية، وارتفاع العجز فى الموازنة العامة للدولة وانخفاض الاحتياطى الأجنبى. قال الدكتور على لطفى - رئيس وزراء مصر الأسبق - إن الموقف الاقتصادى صعب وخطير، وأن المؤشرات تؤكد أن العجز فى الميزان التجارى بلغ 23 مليار دولار وتحول الفائض فى ميزان المدفوعات إلى عجز بقيمة 5.5 مليون دولار، فى حين بلغ عجز الموازنة العامة للدولة 134 مليار دولار وتناقص احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى فى عام 2011 ليصل إلى 22 مليار دولار بعد أن كان 36 مليار دولار أوائل العام الحالى، فضلاً عن ارتفاع مستوى الأسعار ومعدلات البطالة بصورة كبيرة وانخفاض توافد السياح إلى مصر بنسبة تصل إلى 70%، بالإضافة إلى توقف الاستثمارات الوافدة من الخارج. وشدد لطفى على أن ثورة 25 يناير لم تكن السبب فى تدهور الأوضاع الاقتصادية المصرية، وإنما الانفلات الأمنى وعدم وضوح الرؤية السياسية وهوية الحاكم وشكل البرلمان، فضلاً عن حكومة ضعيفة أدارت البلاد لمدة ثمانية أشهر لم تتخذ خلالها بآليات الإصلاح والعلاج لهذه الأوضاع. وأشار لطفى إلى أن الحل للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة يكمن فى إعادة هيكلة وزارة الداخلية لإعادة الانضباط إلى الشارع مرة أخرى والقضاء على الانفلات الأمنى. وفى نفس السياق، أكد الدكتور عاطف العوام - نائب رئيس جامعة عين شمس السابق وأستاذ الاقتصاد بكلية التجارة - على قوة البنية الأساسية للاقتصاد المصرى بالدرجة التى تجعله يستوعب كافة الآثار السلبية الناتجة عن اضطراب الأوضاع السياسية والمتمثلة فى نقص الاستثمارات وزيادة معدلات البطالة وانخفاض الناتج القومى وارتفاع الأسعار ونقص فى السلع الأساسية، إلا أن الاقتصاد المصرى أثبت جدارته فى الكثير من الأزمات واستطاع أن يرد عافيته فى فترة وجيزة. وأشار إلى أن الحل للسيطرة على أزمة ميدان التحرير الراهنة والتى كان لها تأثير سلبى كبير على الاقتصاد المصرى يكمن فى ترجمة الخطة التى أعلن عنها المشير فى برنامج زمنى متكامل يلبى احتياجات الشعب االمصرى وعبور الاقتصاد إلى بر الأمان، فضلاً عن ضرورة سرعة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية لتحقيق الاستقرار. وقال الدكتور جلال حربى - عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة الأهرام الكندية - إن الوضع الحالى ينذر بكارثة نتيجة عدم وجود موارد كافية، فضلاً عن عدم وجود تمويل مناسب للأوضاع الحالية ورفع سقف شروط الإقتراض من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الفائدة على القروض، لافتاً إلى أن هناك تخوفاً من خفض التصنيف الائتمانى لمصر وبالتالى تعقد الأمور أكثر عن ذى قبل.