فشل الذهب في تحقيق أي تقدم نحو مستوى 1800 دولار للأوقية (الأونصة) أو تجاوزه إلى مستويات أبعد، وهو ما يرسل إشارة مقلقة إلى الأسواق العالمية، حيث ارتفعت الاستثمارات في الصناديق المتداولة في البورصات العالمية بشدة خلال شهر نوفمبر وقد عادت تقريبًا إلى المستويات القياسية التي شهدناها في شهر أغسطس. ويحمل حدوث تراجع أكبر في الأسعار، وخصوصًا إلى ما دون 1700 دولار، مخاطر حدوث مزيد من التصحيح. وبين تقرير "ساسكو بنك" الأسبوعي بأن البنوك المركزية اشترت 148.4 طن من الذهب خلال الربع الثالث من العام الحالى، وهى أكبر عملية شراء منذ عقود، وتم تنفيذ الجزء الأكبر من عملية الشراء خلال شهر سبتمبر بعد انخفاض حادٍ للأسعار عن المستوى القياسي البالغ 1921 دولارًا. وذكر التقرير أن من شأن ذلك تأكيد توقعات السوق التي برزت حينها حول تحقيق مستوى قوي من الطلب الفعلي لا سيما بعد الانخفاض إلى مستوى 1535 دولارًا، وينبغي أن يمنح هذا الأمر المستثمرين شيئًا من الراحة، حيث يبدو أن هذا الاتجاه سوف يستمر خلال الأشهر المقبلة وخصوصًا في ظل رغبة البنوك المركزية في الأسواق الناشئة في تنويع الاحتياطيات المتزايدة من النقد الأجنبي. ونوه تقرير "ساسكو بنك" بأن الفضة أظهرت مرة أخرى دورها باعتبارها المقياس العالي (بيتا) لمخاطر الذهب مع حدوث ارتداد صغير نسبيًا في الذهب، الأمر الذي أدى إلى انخفاض بنسبة 8٪ في جلسة تداول الفضة واحدة فقط. وشهدت العلاقة الوثيقة بين المستثمرين والفضة نكسة أخرى نتيجة لعدم القدرة على استعادة مستوى 35 دولارًا، ما دفع المضاربين إلى التوجه نحو الخروج مرة أخرى، كما يبدو أن التداول في نطاق 30 و35 دولارًا سيكون النهج الأكثر شيوعًا على المدى القريب، في الوقت الذي سنبحث فيه عن مزيد من التوجيه من معدن الذهب. ولفت التقرير إلى بروز نفور المستثمرين من المخاطر مما يثير التساؤل عما إذا كان هذا النفور قد غاب أصلاً، وتركز أسواق الأسهم والسلع الأساسية حاليًا على ما يجري في أسواق الائتمان حيث ارتفعت عائدات السندات في منطقة اليورو، مع وجود بعض الاستثناءات، وواجهت البنوك صعوبة متزايدة في تحقيق التمويل. وقال "إن الأكثر إثارةً للقلق هو أن بعض المستثمرين قد بدأوا بالانسحاب من السندات "الأكثر أمانًا" الصادرة في فرنسا والنمسا وهولندا وفنلندا ما أدى إلى رفع الضغوط على البنك المركزي الأوروبي لحثه على دعم الأسواق بطريقة أكثر جرأة مما شهدناه لغاية الآن. وتوقع أن يتحول الاهتمام خلال الأسبوع المقبل إلى الولاياتالمتحدة حيث ستصدر لجنة الكونجرس للحد من العجز تقريرًا حول كيفية الحد من العجز في الولاياتالمتحدة بمقدار 1.2 تريليون دولار على مدى 10 سنوات. وذكر أن الفشل في التوصل إلى اتفاق سيؤدي بدوره إلى خفض تلقائي في الإنفاق الحكومي ابتداءً من عام 2013 وقد تُدفع وكالات التصنيف الائتماني إلى رفع حدة تصريحاتها حول مخاطر حدوث تدهور آخر. وأكد أن أزمة الديون الأوروبية لا تزال في الوقت الراهن المشهد الوحيد الذي يستقطب كل الاهتمام ويشعر مستثمرو السلع بالقلق إزاء احتمال تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي من شأنه أن يقلل الطلب على المواد الخام، أما مؤشر رويترز جيفريز فقد سجل قراءات منخفضة للأسبوع الماضى، حيث شوهدت الخسائر في معظم السلع، ولا سيما الفضة والبلاديوم في حين أظهر النفط الخام غرب تكساس الوسيط أداءً قويًا نسبيًا. وحقق الفارق الذي امتد لفترة طويلة نسبيًا بين خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي وخام برنت، مع صعوبة التداول فيه، أكبر انهيار له منذ عدة أسابيع، وقد أعلنت إنبريدج، المشغل لخط الأنابيب البحري في الولاياتالمتحدة، موافقتها على عكس اتجاه تدفقات النفط من أجل تمكينها من نقل النفط من كوشينج، وهى مركز تسليم خام غرب تكساس الوسيط، إلى مصافي التكرير على ساحل خليج المكسيك. وقال "على الرغم من أن هذا التدفق العكسي الذي لا يزال بانتظار موافقة الجهات التنظيمية لن يبدأ فعليًا إلا في الربع الثاني من العام 2012 وليس قبل عام 2013، إلا أنه تمكن من استقطاب اهتمام التجار مما قلص الفارق إلى النصف ليصل إلى ثمانية دولارات". وظهرت شكوك عديدة حول قدرة الاقتصاد الأمريكي، على الرغم مما يشهده من تحسن مستمر، على التعامل مع ارتفاع أسعار النفط لتصل إلى مستويات تفوق 100 دولار، فإن ندرة توفر المنتجات مثل زيت التدفئة والديزل من جانب الولاياتالمتحدة إلى أوروبا والصين ستواصل تقديم دعم جيد للطرف الأمامي من منحنى سوق النفط على مدى الشهرين المقبلين. وعلى هذا الأساس، سوف يتطلع خام برنت إلى تلقي الدعم عند حدود 105 دولارات، في حين سيواجه التراجع في خام غرب تكساس الوسيط بدعم عند مستويي 97 و95 دولارًا.