انضباط عسكرى.. عقلية مدنية.. وطنية من طراز فريد 58 عاما فى خدمة مصر
متواضع.. هاديء.. له حضور.. متدين هكذا يصف الأصدقاء والأعداء اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصرية الأسبق، ونائب الرئيس الأسبق حسنى مبارك، غير أن الصفة الأقرب هي أنه مطفىء ممتاز للأزمات. وُلد اللواء عمر محمود سليمان في محافظة قناجنوب مصر فى 2 يوليو عام 1936م، والتحق بالكلية الحربية في القاهرة عام 1954م ليبدأ مشواره مع المؤسسة العسكرية المصرية، ودرس العلوم السياسية في مصر في جامعتي القاهرة وعين شمس وحصل على شهادتي ماجستير بالعلوم السياسية والعلوم العسكرية، كما تلقى تدريباً عسكرياً إضافياً فى أكاديمية فرونزى بالاتحاد السوفيتى السابق، كان قد ارسله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. ترقى في سلم الوظائف حتى وصل إلى منصب رئيس فرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة عام 1992، ثم تولى منصب مدير المخابرات العسكرية قبل أن يتم تعينه في 22 يناير عام 1993م رئيسًا لجهاز المخابرات العامة المصرية. شارك سليمان في معظم الحروب المصرية بدءاً من حرب اليمن عام 1962م وحرب 1967م وأكتوبر 1973م. اشتهر سليمان بتوليه الملف الفلسطيني بتكليف من الرئيس الأسبق حسنى مبارك وقام بعدة مهام مكوكية للتوسط بين الحركات الفلسطينية لاسيما الخلاف بين فتح وحماس، كما تولى مهمة الوساطة حول صفقة الإفراج عن العسكري الإسرائيلي الأسير لدى حركة حماس جلعاد شاليط والهدنة بين الحركة وإسرائيل، والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنه قام بعدد من المهمات الدبلوماسية فى عدد من الدول كالسودان وليبيا. خداته "جينس".. ورشحه أوروبا لزعامة مصر قال مصدر مخابراتى فرنسى فى عام 2008م أنه لايمكن ترشيح عمر سليمان لنيل جائزة نوبل للسلام لكونه رجل مخابرات، ولكنه يجب تسجيل إسمه فى موسوعة جينس للأرقام القياسة، لما قدمة من تهدئة فى العديد من الملفات الحساسة كالملف الفلسطينى الإسرائيلى من عام 2001م حتى 2005 م. وقالت عنه وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن أحد رؤساء الإستخبارات الأوروبية الكبرى" بالرغم أن عمر سليمان رجل مخابرات لكنه يتسم بأنه رجل واضح ومنظم ويتمتع بالذكاء والمصداقية فى جميع الأمور وبالتالى فإنه يحظى بإحترام الجميع" وأكد الكاتب الإنجليزى"ديفيد بلير" فى مقال عن عمر سليمان بجريدة"ديلى تليجراف" أن سليمان لديه قدرة إستثنائية على التعامل مع الملف الإسرائيلى الفلسطينى والحوار بين فتح وحماس، وكذلك إدارته بحرفيه شديدة للملف الدبلوماسى مع السودان وليبيا والسعودية. وتابع بلير" نجم الوزير سليمان بزغ بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث أصبح أحد الشخصيات الأكثر تأثيراً فى ملفات الشرق الأوسط لعلاقة الشراكة القوية التى كونها مع الأجهزة الإستخباراتية فى العالم، بالإضافة إلى نجاحه فى تطوير المخابرات المصرية صاحبة الحضور الواضح والقوى فى معظم دول العالم من خلال السفارات المصرية". ويعد سليمان من أحد أقوى رؤساء أجهزة المخابرات فى العالم، وذلك لما قام به من تطوير شامل لجهاز المخابرات المصرية، ويتمتع بنفوذ واتصالات دولية حيث يعتبر من الشخصيات العالمية المعهود لها فى إدارة الملفات الحساسة. وقع عليه الإختيار بأنه من أقوى خمسة شخصيات رأسوا أجهزة مخابراتية، حيث جاء فى المركز الثانى بعده ميير داغان رئيس جهاز الموساد الإسرائيلى. ويحظى سليمان بمكانه أعلى بكثير من مجرد رئيس جهاز مخابرات، حيث أنه شخص يترك انطباعاً قوياً بأنه يمتلك ما يسميه العرب "الوقار أو السمو" وحضور قوى ومصداقية واضحه، غير أنه من الشخصيات المتدينة، حيث يقول الكثير من الذين عملوا معه ومنهم اللواء حسين كمال مدير مكتبه، أنه عندما كان فى جلسات المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل وكان يسمع الآذان، كان يتركهم للصلاة ثم يعود ويكمل مفاوضاته. لقب دولياً برجل المهام الخاصة، حيث أدار ملفات إستراتيجية ودبلوماسية حساسة لمصر، وفى تقرير لصحيفة "الجارديان" رشحته ليكون زعيماً لمصر، وأكدت أنه من أهم رجال المخابرات فى العالم ويستطيع التغلب على المشاكل المستعصية. وأضافت أنه وصف فى جميع الأوساط العالمية ووسائل الإعلام بالرئيس النموذجى لأجهزة المخابرات العربية، حيث تردد اسمه طيلة رئاسته لجهاز المخابرات المصرية بأنه صاحب أكبر نفوذ واتصالات دولية فى مصر. وبعد قرابة العشرين عاماً رئيساً لجهاز المخابرات اندلعت ثورة يناير 2011م، وخرجت الملايين مطالبه برحيل مبارك، مما جعل مبارك يبحث عن مخرج لتهدئه الشارع ولم يجد إلا رجل المهمات الخاصة والحساسة الجنرال عمر سليمان، ليتولى نائبه وفوض له جميع الصلاحيات، وبعدها بأيام تحولت إدارة شئون البلاد للمجلس العسكرى، والتزم سليمان الصمت ولم يبحث عن أى منصب لثقته فى قدرة القوات المسلحة على قيادة سفينة البلاد إلى بر الأمان. وفى 19 يوليو 2012م لاقى سليمان ربه، أثناء إجراءة فحوصات فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وشيع فى جنازة عسكرية مهيبه بحضور كبار رجال الدولة، ودفن بمدافن القوات المسلحة بمدينة نصر.