أكد سفير مصر بباريس السفير ناصر كامل أن فرنسا بتصويتها لصالح انضمام فلسطين إلى "اليونسكو"، قد انحازت للجانب الصحيح من التاريخ ووقفت مع المطالب المشروعة للشعب الفلسطينى والمتمثلة فى حقه فى الدولة المستقلة والعضوية بمنظومة الأممالمتحدة وما يتبعها من منظمات ووكالات متخصصة. وقال كامل فى تصريحات اليوم الجمعة "إن مصر رحبت بالقرار الفرنسى بالتصويت الإيجابى على انضمام فلسطين لليونسكو، مشيرًا إلى أنه نقل شكر مصر للسلطات الفرنسية فى إطار إدراك مصر بأن هذا الموقف الفرنسى الإيجابى له دلالة خاصة من منطلق أن فرنسا هى دولة المقر للمنظمة الأممية". وأضاف أن العديد من الدول الأوروبية والإفريقية استرشدت بنمط التصويت الفرنسى لصالح فلسطين، وهو الأمر الذى فتح الباب للتصويت بالأغلبية الساحقة التى تجاوزت نسبة ثلثي عدد الأعضاء بكثير لصالح المطلب العادل للسلطة الوطنية الفلسطينية للانضمام كدولة كاملة العضوية لليونسكو. ومن ناحية أخرى، كشفت مصادر دبلوماسية فرنسية -طلبت عدم ذكر اسمها- عن أن قرار التصويت لصالح انضمام فلسطين لليونسكو لم يكن محسومًا داخل الإدارة الفرنسية حيث كان هناك جدل واسع بين المجموعة المختصة بالشرق الأوسط سواء فى الرئاسة الفرنسية أو وزارة الخارجية الفرنسية، وبين مجموعة المنظمات الدولية والإدارات الأوروبية فى الجهتين تجاه محاولة الخروج بموقف أوروبى موحد يتمثل فى الامتناع عن التصويت. وأشارت إلى أن إعلان هولندا ودول أوروبية أخرى عن توجهها بالتصويت سلبًا جاء ليحرر فرنسا من أى قيود تفرضها آليات السياسة الخارجية الأوروبية، لتثبت هذه المعركة مرة أخرى أن أوروبا خرجت منقسمة ولم تستطع التوافق على موقف يعزز من قدرتها على التعامل كصوت واحد وكتلة واحدة. وقالت المصادر الدبلوماسية الفرنسية "إن تصويت فرنسا كان قضية مفتوحة منذ اللحظة الأولى لتقديم فلسطين طلب العضوية لليونسكو، مؤكدة أن الجانب الفرنسى على قناعة بأنه كان الأفضل لفلسطين التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على الاعتراف بدولة غير عضو بالأممالمتحدة ثم تنطلق من هذه النقطة تحديدًا لتطالب بعضوية فى المنظمات والوكالات الأممية المتخصصة". وأضافت أن ذلك كان سيتم دون الوصول إلى نقطة الانضمام للأمم المتحدة كعضو فى ضوء إدراك الواقع وتوازن القوى داخل مجلس الأمن الدولى والاصطدام بالفيتو الأمريكى، وبالتالى فإن فلسطين عندما عرضت موضوع انضمامها لليونسكو بالمجلس التنفيذى فى أكتوبر الماضى لأول مرة امتنعت فرنسا عن التصويت وحاولت إقناع الفلسطينيين بإرجاء الطلب. وعن الأسباب التى جعلت فرنسا تقوم بالتصويت على انضمام فلسطين لليونسكو، قالت المصادر "إن باريس حاولت إقناع الجانب الفلسطينى بإرجاء هذا الطلب، ولكن تحمل الفلسطينيون مسؤوليتهم وأصر الرئيس الفلسطيني محمود عباس على المضى قدمًا فى سيناريو الاعتراف بالعضوية الكاملة".
وأضافت "فكان أمام فرنسا اختيار أن تنضم إلى توافق أوروبى محوره الامتناع عن التصويت، لكن هذا التوافق كسر على يد هولندا وعدد قليل من الدول الأوروبية التى اختارت التصويت سلبا، وبالتالى تحررت فرنسا من عبء الالتزام بالموقف الأوروبى الموحد ومن هذا المنطلق عادت مرة أخرى إلى مرجعيتها الوطنية القائمة على أن لفلسطين الحق فى الانضمام للمنظمات والوكالات المتخصصة كما أن من حقها أن تكون دولة تحصل على اعتراف الجمعية العامة ولكن دون الحصول على العضوية الأممية". وأشار المصادر الدبلوماسية الفرنسية إلى أن الموقف الفرنسى الذى أيد انضمام فلسطين لليونسكو يأتى أيضًا فى إطار دعمها للربيع العربى، متساءلة كيف لفرنسا التى تساند الربيع العربى والتى كانت أحد الدول القائدة للعملية العسكرية فى ليبيا للإطاحة بالقذافى وإعلانها بوضوح دعمها للشعب التونسى إلى جانب تبنيها مبادرة شراكة دوفيل أن تقف فى وجه إرادة الشعب الفلسطينى وأن تصوت ضد أو تمتنع عن التصويت فى اليونسكو؟". وبالسؤال عما إذا كان التصويت الفرنسى يعطى الأمل فى دعمها للمطلب الفلسطينى للانضمام للعضوية الكاملة فى مجلس الأمن، أجابت المصادر بالنفى، وذلك حيث أكدت باريس منذ البداية أن مسار مجلس الأمن الدولى ليس المسار الصحيح الذى يقوم على التوجه للجمعية العامة والاعتراف بالدولة الفلسطينة دون انضمامها ثم حصولها على عضوية المنظمات والوكالات الأممية". ولفتت المصادر إلى أن فرنسا ترى أن المجتمع الدولى يعترف بالدولة الفلسطينية والإقرار بأن هذه الدولة على الأرض لم تتحقق والتواجد الحقيقى والكيان الفعلى لهذه الدولة لن يأت إلا من خلال عملية التفاوض. وقالت "إن هذا لا يمنع ألا تتمتع الأراضى الفلسطينية بما تقدمه المؤسسات الدولية من دعم وخدمات وأنشطة فى كافة المجالات".