رغم الاختلاف الذى أبداه عدد من الكتاب والمبدعين على إبداع الراحل الكبير أنيس منصور –الذى فارق دنيانا منذ ساعات- إلاّ أنهم اتفقوا جميعاً على كونه أثّر وأثرى المشهد الإبداعى فى مصر والوطن العربى، من خلال مئات الكتب وآلاف المقالات التى وضعها، التقت "المشهد" عدداً من رواد الفكر والإبداع الذين اقتربوا من الراحل الكبير فكانت هذه الكلمات. يقول عنه الشاعر الكبير محمد محمد الشهاوى " استطاع أنيس منصور أن يحوّلَ الاسطورىَّ إلى حقيقى، والعكس، وأسس -رحمه الله- لنوع شديد الخصوصية من الإبداع، جمع فيه بين عمق الفلسفة والفكر، وبين بساطة التناول، ما جعله مقروءاً للكبار والصغار –على حد سواء- وقد تحتلف معه فى الرؤية أو فكرة التناول.. لكنك تقرأه فى النهاية وتجد نفسك مبتهجاً بما تقرأه، وهذا شىء غريب ويعد معادلة صعبة للغاية" ويؤكد الشهاوى أنّ منصور كاتب متنوع المشارب والاتجاهات، ينطلق من فكرة فلسفية –بحكم دراسته- إلى عوالم النفس والسياسة، لذا فقد كان مجدداً ويأتى إعجاب قرائه به من منطلق المنحى التجددى الذى كثيراً ما كان يتبدّى فى كتاباته، ويكفى أنيساً أنه كان تلميذاً للأستاذ العقاد مما أثر فى تكوينه منذ البداية ووضح جلياً فى أسلوبه لا سيما فى كتابه "فى صالون العقاد" الذى اعجبنى كثيراً. وحول سؤال عن أهم المواقف الجدلية التى خاضها الراحل قال الشهاوى: "لم أقف له على موقف بعينه". ويرى الروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد أن أنيس واحد من كبار الكتاب فى تاريخ الكتابة العربية، امتلك أسلوباً بسيطاً فى كتاباته، حتي يرسل للقارئ الفكرة بسهولة خالية من العوائق، وتأثر به -عبد المجيد- فى فتره صباه عندما كان يكتب فى الفكر والأدب خاصة الفكر الوجودي لأنه أحد الكتاب المصريين الذين ساهموا في نشر الفلسفة الوجودية، مثله فى ذلك مثل المفكر محمود أمين العالم والفيلسوف عبد الرحمن بدوى، وقام أنيس بتبسيطها حتى تكون واضحة للمواطن المصري بالأضافة إلى خوضه تجارب عديدة في الحياة منذ طفولتة وشبابه فى الجامعة ما أكسبه المعرفة الواسعة فى الصحافة والأدب ومن ناحية أخرى فى علاقته مع الكتاب والحكام. قال الشاعر الكبيرعزت الطيرى - عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر- أن الراحل أنيس منصور كان منبع الثقافة لجيلهم وتثقفوا على يده،موضحا أنه كان موضوعياً جدا فى كتاباته للروايات. وحول مواقفة السياسية قال الطيرى "أنيس منصور كان رجلاً يساير الموجه"، مشيرا إلى أنه كان مع نظام السادات ثم كان مع نظام مبارك وأضاف الطيرى، أن منصور منذ 20 عاما كانت لموضوعاته إطلاله خاصة وقوية، لكنها فى السنوات الاخيرة لم تعد مؤثرة، موضحا أنه كان يعيد كتاباته الماضية فى العمود الخاص به بالأهرام. وقال "إن أفضل روايات أنيس منصور، هى "كتاب فى صالون العقاد" لأنه كان من الكتب الكبيرة والجيدة، مؤكدا أنها كانت فترة لازدهاره، موضحا أنه كان يشجع القراء على كتابة الخيال العلمى". فيما اعتبره القاص سعيد الكفراوي أحد الشهود على 60 عاماً من الثقافة والسياسة والصحافة المصرية وأحد الكتاب الذين أقتربوا كثيرا من السلطة فرأى منها الكثير وكتب عنها الكثير وهو الذي أشاد بعصر السادات ومبارك وإنجازاتهم، مهما اختلفنا مع هذا الرجل الذي رحل عن الدنيا وترك تدريس الفلسفة وعمل في الصحافة حتى يكتب عن الفن والتاريخ والأدب والسياسة ليكون من الكتاب الذين يتابعهم القراء العاديون بشكل يومى. هكذا قال كبار المبدعين، وكان للشباب – أيضاً - رأى حيث أكد الكاتب الشاب باسم إنه فى المرحلة الثانوية كان يشترى مجلة الشباب ليطلع على كتاباته هو ومصطفى محمود، فقد كانا أكثر كاتبين أثرا فيه فى البداية وبعدهم توفيق الحكيم"، عرفت منه الفلسفة،عرفت منه منهج الجدل،عرفت منه الحوار،عرفت منهم جميعا أننى لا أعيش وحدى فى هذا الكون، كان بمثابة طاقة إيجابية". وقال شرف "قابلته مرة واحدة على طائرة كانت متجه إلى "أبوظبى"، وسلمت عليه وعرفته بنفسى وقال لى أعرفكم أيها الجيل الجديد فقد أصبحت أسماؤكم ظاهرة في الجرائد، ولم أصدقه لكني سعيد من هذا الموقف الذى حدث بيننا -يرحمة الله- كان يزرع فى داخلنا فكرة الكاتب وإنك تتفرغ للكتابة". ومن جانبه أشار الناقد الشاب أحمد إبراهيم إلى أنّ أنيس منصور كان يعبر عن صورة المثقف الموسوعى الذى يجب أن تمر به فى مرحلة بناء عقليتك الفكرية، فى مرحلة ما قبل هذا الوهج الإلكترونى، وتعد كتبه بخاصة "عاشوا فى حياتى" و"فى صالون العقاد" كتبا أساسية فى الخريطة الفكرية، وطريقة مختلفة للكتابة عن السير الذاتية والسير الغيرية، وبفقده نخسر نوعا من المثقفين الذين مزجوا بين الصحافة والأدب بهذه الطريقة الشائقة.