قال التليفزيون الألماني"دويتش فيله" إن حرية الإعلام المصري تراجعت كثيرا على عكس ما كان متوقع بعد ثورة 25 يناير 2011. وأكد في تقرير له أنه بالرغم من أن الكثيرين كانوا ينظرون إلى سقوط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك بصفته نهاية للرقابة المباشرة وغير المباشرة على الصحف، إلا أن العكس قد حدث، فقد تزايدت حدة التدخلات الرقابية على الصحف والقنوات التلفزيونية. مشيرا إلى مصادرة عدد من الجرائد منها "صوت الأمة" الخاصة بسبب نشرها تقرير حول محاكمة مبارك، كما طالت المصادرة والتدخلات الرقابية جريدة "الفجر"، التى يرأسها الإعلامي عادل حمودة بسبب تقرير نشرته حمل عنوان "التحرير لا يريد المشير رئيسياً". وامتدت الرقابة إلى الصحف القومية المملوكة للدولة حيث تم إيقاف طباعة عدد من جريدة "روز اليوسف" بسبب تحقيق صحفي يتهم الرئيس السابق مبارك بالتستر على جاسوسة إسرائيلية. لذلك نظمت جماعة "لا للرقيب العسكري على الصحافة المصرية" يوم الأربعاء الماضي (5 أكتوبر/تشرين الأول) وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحفيين. ومضيفا :هذه الانتهاكات لم تمر دون ردود أفعال من الجماعة الصحفية، فإلى جانب تشكيل مجموعة "لا للرقيب العسكري على الصحافة المصرية". قام عدد من كتاب الأعمدة والصحفيين البارزين منهم محمد عبد القدوس، وعمر طاهر، وطارق الشناوى، وبلال فضل بإطلاق حملة "الأعمدة البيضاء" حيث صدرت جرائد يوم الأربعاء 5 أكتوبر/ تشرين الأول بمسحات بيضاء مكان أعمدتهم الصحفية، كما أن وائل عبد الفتاح أول من نشر مساحة بيضاء مكان عموده الصحفي يوم الجمعة الماضية، وهو يصف تلك الوسيلة الاحتجاجية بالرمزية لإيصال رفض الصحفيين للتدخلات الرقابية. كما أكد "التليفزيون الألماني" في لقاء مع خالد البلشي- رئيس تحرير جريدة البديل الإلكترونية على أن مايحدث هو أسوأ مما كان في عهد مبارك وأشبه بزمن رقابة الستينات حينما كان هناك رقيب معين من قبل السلطة في الصحف يقوم بمراجعة كل المادة. كما يشير البلشي إلى أن "السلطة الحاكمة الآن في مصر تستغل نفوذ بعض الموظفين في المطابع الذين يقومون بإطلاعها على ما ينشر في الجرائد قبل طباعته وبالتالى تتدخل السلطة لحذف المواضيع غير المرغوب فيها". ويضيف: "نحن لدينا أيضا وضع مزدوج متمثل في حالة المجلس العسكري فرغم طابعه العسكري إلا أنه حاليا يقوم بوظيفية مدنية سياسية، لكنه يستغل سلطاته العسكرية لتحجيم النشر في مواضيع سياسية مدنية، كما هو الحال في جريدة "الفجر" حيث لم يقترب الموضوع سبب المصادرة من قريب أو بعيد بالشأن العسكري بل كان موضوعا سياسيا بحت يخص الانتخابات الرئاسية. أما المحامى الحقوقي أحمد عزت من "مؤسسة حرية الفكر والتعبير" فيشير أيضاً إلى تزايد نوع أخر من الرقابة على الإعلام في مصر وهو رقابة رجال الأعمال حيث تواجه التشريعات المصرية نقصاً بالغا في مجال القوانين التى تحمى الإعلاميين من تدخلات أصحاب المؤسسات الإعلامية الخاصة، فبعد الثورة تزايدت ضغوط أصحاب القنوات الفضائية والإخبارية على الصحفيين العاملين بها، ويضرب عزت مثالاً على ذلك بحالة مذيعة قناة "دريم" الفضائية دينا عبد الرحمن التي تم فصلها من عملها بعد إجرائها لحوار تليفزيونى وجهت فيها أسئلة حادة لأحد قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. كما يؤكد على أن القوانين الحالية لا تعطى للصحفيين حق التملك في الصحف التي يعملون بها، وبالتالى لا يصبح هناك مجال إلا لرجال الأعمال الأغنياء، الذين تتيح لهم ثرواتهم تأسيس الجرائد والمحطات الفضائية، وهؤلاء في الغالب تربطهم مصالح اقتصادية وسياسة بالنظام الحاكم أى كان نوعه، الأمر الذي يقضي على استقلال المؤسسات الإعلامية ويؤثر على حريتها".