شحنات من الأسلحة.. تدريب الثوار داخل قطر.. إرسال ضباط قطريين إلى ميادين القتال الليبيون ثاروا من أجل الحرية لا من أجل سيطرة حاكم خارجي آخر عليهم
تجاوز الدعم القطري للثورة الليبية التي انتهت بالإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، ما هو لوجستي ومالي وإعلامي، ليصل إلى تقديم السلاح الثقيل وتدريب المقاتلين والمساهمة في تجاوز العجز المالي الذي أرهق المجلس الانتقالي، الأمر الذي دفع عددًا كبيرًا من الليبيين إلى قناعة أن ثمن ذلك الدعم قد يكون باهظا.. وبعد سقوط طرابلس في يد الثوار ومقتل الرئيس الليبي، انقلب مسئولون ليبيون على قطر متهمين الدوحة بتنفيذ أجندة خفية وتسخير جماعة صغيرة من الإسلاميين لتحقيق أهدافها، وبدأ عدد منمسئولي ليبيا "يثورون" على "التدخّل القطري" في شئون بلدهم. لعبت قطر دورًا بالغ الأهمية خلال الأيام الأولى من الثورة، حيث تصدرت تحرك الجامعة العربية لدعوة الأممالمتحدة إلى فرض منطقة حظر جوي في ليبيا، فضلا عن تمهيدها لقرار الحملة الجوية لحلف شمال الأطلسي التي غيرت مجرى النزاع لصالح الثوار وحسمت مصير القذافي، بالإمساك به من قبل المتظاهرين وقتله والتمثيل بجثته. واستمرت قطر في مد الثوار بالسلاح والمعدات، كما استقبلت مئات الثوار للتدريب في أراضيها وأرسلت ضباطها إلى ليبيا لمساعدتهم ميدانيا. ووفق تقرير لمجلة "تايم" في طرابلس مؤخرا، فإن قطر تستعد لتمويل برنامج تدريب قوات ليبية في فرنسا.. وتخطى الدعم القطري المقدم إلى ليبيا تمويل مشتريات السلاح وتوفير التدريب، فبعد تجميد الأرصدة الليبية والمصاعب القانونية في بيع النفط الليبي لم يكن لدى المجلس الانتقالي ما يدفع منه رواتب الليبيين ويغطي به السلع المدعومة من الخبز إلى الغاز، فبادرت قطر بتسويق مليون برميل من النفط لحساب المجلس الانتقالي وتحقيق 100 مليون دولار من العائدات بهذه الطريقة، وأعقبت ذلك بارسالها أربع شحنات من المنتجات النفطية مثل وقود الديزل والبنزين، وعندما رفضت شركات النفط العالمية تفريغ الشحنات في ميناء بنغازي قبل أن يدفع المجلس الانتقالي ثمن إيصالها، تدخلت قطر وتعهدت بالدفع إذا تخلف المجلس الانتقالي عن السداد. وساعدت قطر بعدها في إطلاق قناة "ليبيا الأحرار" الفضائية بتوفير مكتب لها في الدوحة وبث إشارتها، وانطلقت القناة في 2012 لتقويض التأييد الذي كان القذافي يتمتع به في المناطق الواقعة تحت سيطرته، في حين أوعزت الجامعة العربية لشركات البث الفضائي بوقف التعامل مع التليفزيون الرسمي الليبي في مايو، احتشد العديد من الليبيين حول قناة ليبيا الأحرار وموقفها المؤيد للثوار من أجل متابعة الأخبار. وقد برر أمير قطر الشيخ "حمد بن خليفة" دوافع الدعم القطري إلى ليبيا بأنه يريد "تخفيف معاناة الأشقاء الليبيين وتلبية حاجاتهم الانسانية"، لكن بعد مقتل القذافي تعالت شكاوى الكثير من الليبيين بأن الدعم القطري كان له ثمنه، وأن قطر مدت مجموعات من الإسلاميين بالسلاح والمال مانحة إياها قدرة كبيرة على التأثير في العملية السياسيةفي البلاد. وأفادت مجلة "تايم" علي لسان "علي الترهوني" - نائب رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي ووزير المالية والنفط السابق أن ما فعلته قطر في الأساس هو دعم الإخوان المسلمين في ليبيا، ويضيف: "إن القطريين جلبوا السلاح لأشخاص لا نعرفهم، مؤكدا أن قطر قد أحدثت بالفعل تأثيرا في السياسة الليبية. من جانبه، قال اللواء خليفة حفتر: "إذا جاءت المساعدات من الباب الأمامي، فنحن نرحب بقطر ولكن إذا جاءت من النافذة وإلى أشخاص معينين متجاوزة القنوات الرسمية فنحن لا نريد الدعم المسموم". في المقابل رفض مسئولون في المجلس الانتقالي الليبي، القول بأن قطر تمارس نفوذها على سياسيين ليبيين وتضعف الحكومة الجديدة، حيث قال نائب رئيس المجلس الانتقالي "عبد الحفيظ غوقة": إن البعض يقول أن لدى قطر أجندة، في حين أنه ليس هناك ما يثبت ذلك، موضحا أن كل ما في الأمر أنهم قاموا بدور كبير في الثورة". وعلي خلفية ما يجري تداوله عن تدخل قطر في الشئون الليبية، توقف الباعة عن الإتجار بالمنتجات القطرية، حيث يؤكد الشعب الليبي أنهم قاتلوا من أجل أن يكونوا أحرارًا لا من أجل أن يصادر حريتهم حكام جدد من الخارج، الأمر الذي دفع سياسيين ليبيين إلى المجاهرة بالحديث ضد التدخل القطري. حمد بن خليفة استخدم "التدخل السياسي الرحيم" وطالب العرب بالتدخل العسكري في سوريا!!
الاستعانة بإسرائيل لإقناع أمريكا وأوروبا بالتدخل عسكريا
أما على الساحة السورية، بادر الأمير القطري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدعوة إلى تدخل عسكري عربي في سوريا لوقف النزاع هناك، مما أزال الحرج عنه بعض الشيء، وأتاح له فرصة "التدخل السياسي الرحيم"، مستخدما عبارات إنسانية، مطالبا الدول العربية بالتدخل عسكريا لوقف سفك الدماء، مستشهدا بإرسال قوة الردع العربية إلى لبنان عام 1976 لإنهاء الحرب الأهلية هناك، ومؤكدا أنها أثبتت فعاليتها وفائدتها، حيث إن العنف المستمر في سوريا وصل إلى مرحلة غير مقبولة مع استباحة الحكومة السورية استخدام كل أنواع الأسلحة ضد شعبها. وكانت دعوة الأمير القطري إلى التدخل العسكري "العربي" في سوريا لوقف النزاع هناك قد جاءت بعد ساعات قليلة من اجتماع نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" برئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم، حيث وصفت هذه الخطوة ب"الالتفافية" على الفيتو الروسي في مجلس الأمن، مما يؤكد أن الدعم القطري للثورة السورية جاء لتهيئة الظروف، ومن ثم للانقضاض على حكم الرئيس السوري بشار الأسد. كما جاء ببيان الرئاسة الأمريكية أن اجتماع "بايدن - حمد" حضره أيضا مستشار الرئيس الأمريكي لشئون الأمن القومي "توم دونيلون"، موضحًا أن "بايدن" و"حمد" نددا بأعمال العنف التي يرتكبها "نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا". وكان رئيس الوزراء القطري قال في تعليق له على عمل البعثة العربية المكلفة بمراقبة الأزمة على الأرض في سوريا: "سيكون لدينا موقف حتى وإن لم يتبلور موقف البعثة العربية المكلفة بمراقبة الأزمة على الأرض في سوريا"، ولم يحدد بالضبط المسئول القطري من المقصود ب"نحن" التي استعملها مرارا. في السياق نفسه، وصفت صحيفة المنار المقدسية الدور القطري علي الأراضي السورية بالدور "التآمري المشبوه"، وذلك من خلال دعم وتسليح المجموعات الإرهابية في سوريا، حيث كشفت عن أن كلا من تركيا وقطر تسعيان إلى تشكيل تحالف يضم العدو الإسرائيلي للضغط على الولاياتالمتحدة ودول اوروبية لحملها على شن هجمات جوية عسكرية ضد أهداف مختارة فوق الأراضي السورية. وأزاحت الصحيفة الستار عن تمرير عشرات الرسائل والبرقيات خلال الأسابيع الأخيرة إلى إسرائيل من جانب أنقرةوالدوحة بأشكال مختلفة احتوت على معلومات تناولت مخاطر بقاء سوريا متماسكة وقوية، وضرورة العمل على إسقاطها بكل الوسائل، وذلك نقلا عن مصادر موثوقة. كما كشف التقرير أنه في إطار نقل الرسائل، التقى رئيس جهاز الاستخبارات القطري مع مسئول أمني إسرائيلي كبير، يرافقه أحد كبار مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث جرى هذا اللقاء السري بناء على إلحاح من حكام الدوحة، ولفتت المصادر إلى أن اللقاء عقد في مقر جهاز الاستخبارات التركي واستمر أكثر من ساعتين في إطار رغبة أنقرة في تأكيد أن موقف الحكومة التركية يتشابه ويتطابق مع الموقف القطري بالنسبة للأزمة في سوريا وأن تركيا على استعداد لتخطي ما سمته المصادر ب "القطيعة السياسية العلنية مع إسرائيل"، كما جرى في اللقاء بحث الدفع باتجاه الحلول العسكرية للأزمة في سوريا، حيث نقل المسئولين الإسرائيليين اللذين شاركا في اللقاء فور عودتهما، المخاوف وحالة القلق التي تسيطر على قادة تركيا وقطر من استمرار صمود القيادة السورية للجهات المسئولة في إسرائيل، والطلب التركي القطري للدعم الإسرائيلي لحشد موافقة أمريكا ودول أوروبا لشن هجمات عسكرية على أهداف سورية. من المشهد الاسبوعى الآن بالأسواق..