الصين، مصر، إيران ثلاثي تحالف الاقتصاد والسياسة ونظام التحالفات المتعددة لكل دولة في كل قارة حسب ما تقتضيه مصالحها العليا في زمن القوى المتعددة المزدوجة وصناعة التحولات التكوينية في المشهد السياسي بالشرق الأوسط، لإعادة توزيع وتمركز عناصر ومكونات موازين القوى في المنطقة، فهذه هي جمهورية مصر العربية تنهض من جديد، ولكنها نهضة لا تتناسب مع مكانة مصر في العالم العربي والإسلامي، تتحالف فيه مع من يضمن حكم الأقلية الإقصائية للأغلبية المغلوبة على أمرها، ويملأ خزانها تحسباً لما سيحدث في أربع سنوات سياسية قادمة، ومن جهة أخرى يشكل مثلث الرعب المزعوم لإيران فرصة لتعزيز مكانتها، وكسب نفوذ جديد ومحاصرة إسرائيل ، حصار جيوسياسي ولعب دور شرطي الخليج العربي وعرّاب النفط والغاز ، فهي تنشر خيوطها لتضع لها موطئ قدم بل تشيد حصون لها في العديد من دول الشرق الأوسطية لتقسيم المنطقة وبدايةً عصر الوكالات السياسية في أيقونة حصار المصالح المشتركة باسم تيارات الإسلام الاشتراكي وعولمة الخلافة في ظل حراسة التنين مقابل أن يصبح العالم سوبر ماركت صينياً له فروع أين ما ينظر المرء في المعمورة وفتح أسواق جديدة والحصول على طاقة رخيصة لفرض سيطرته على مناطق النفوذ في العالم ضمن تكتل من دول عديدة لا يجمعها بالتنين سوى الرغبة في إقصاء الغرب بصورة نهائية عن عرش السيطرة على مراكز القوى والطاقة والاقتصاد في العالم. خلف الكواليس تقف إيران ومصر على خط مستقيم جنباً إلى جنب ضد العالم المسيحي من خلال تحالفهما الاستراتيجي. وبعد أن كانت مصر درع العروبة أصبحت في أياد تلهو بها رياح مطامع حزب مقابل مصلحة أمة عربية بأكملها، وعليه امتنعت طهران عن مواجهة اتجاهات وتصريحات مرسي حول الوضع السوري وركزت بدلاً من ذلك على تعزيز العلاقات الاستخبارية والدبلوماسية والتجارية والمالية مع مصر لوضع مختلف أنواع الضغوط على دول الشرق الأوسط كافة وإخضاعها لأهداف هذا التحالف. وفي أبريل من عام 2011 زار وفد مصري مدينة طهران والتقى الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، وأثنى نجاد على جمهورية مصر، وصرح بأنهم على استعداد تام لوضع كل الخبرات والقدرات لديهم في خدمة مصر، وأن ازدهار مصر هو ازدهار لإيران والعكس صحيح، وفي العهد الحالي للرئيس مرسي، يتم الإعلان بين الحين والآخر أن علاقة مصر مع إيران لن تكون على حساب علاقات مصر مع دول الخليج العربية، وأمن الخليج العربي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وخط أحمر غير قابل للمساومة، علماً بأن دعم مصر موقف ثابت لدول الخليج والوقوف مع شعبها تحت كل الظروف. وفي مقابل ذلك ترد الحكومة المصرية على دول الخليج عملياً بالتقرب من إيران لرسم الخطوط العريضة لاستراتيجية المراحل النهائية من الصحوة الإسلامية المزعومة، وبين النفي والتأكيد واصلت إيران جهودها لتعزيز العلاقات واختار مرسي الذهاب إلى طهران للتواصل مع إيران بالرغم من ظاهر الخلافات بينهما لإعادة تأسيس موقف مصر السابق كقوة إقليمية، والحفاظ على خياراتها مفتوحة ومغازلة كل من على استعداد العمل مع مصر لتعزيز الاقتصاد المتداعي لتحقيق معجزة حقيقية، تحلق بها طائرة التوازن الاقتصادي والسياسي من دون مرشد باحثةً عن حلول عملية تكفل تحقيق النمو المنشود وعدم الوقوع في فخ «الأيرنة» واللبننة المذهبية للمجتمع المصري. أما بالنسبة لإيران، وبالنظر إلى الوضع الحالي والضعف الاقتصادي والموقف السياسي المتأزم من جراء العقوبات المختلفة، في ظل استمرار العزلة الدولية وديناميكية صراع التغريب والأصالة، فإن كل ذلك يعني أن إيران في حاجة ماسة لتحالف يعيد الحيوية للدولة الدينية وتأسيس نمط جديد من التعاون مع مصر عربياً وتركياً آسيوياً وأوروبياً والصين آسيوياً وعالمياً وروسيا أوروبياً والحصول على صفقات محددة بشأن مبيعات النفط على سبيل المثال من خلال مصر والمجادلة ظاهرياً أنها ليست معزولة عن العالم. إن التطورات في العلاقة بين مصر وإيران، تعقد الأمور بالنسبة لأولئك المفاوضين مع إيران حول برنامجها النووي، والحصول على شيء ملموس من التقارب مع مصر لتشعر بأنها أقل عزلة وأكثر جرأة من الوقوف في وجه الغرب وبالمقابل يتعين على الاتحاد الأوروبي التداخل الإيجابي في منظومة تطور العلاقة المصرية الإيرانية، فلا توجد مسافة آمنة للوقوف والنظر بسلبية لتحركات تكتلات الشرق أوسطية الصينية الهندية. فليس بالضرورة أن ينظر إليها على أنها مشكلة خطيرة بقدر ما تكون فرصة ذهبية لتدشين نظام التحالفات الاقتصادية المتمحورة في حجم السوق والعمالة، وتوفر الموارد الطبيعية، ومصادر الطاقة في تسيير وحكم العالم بمعايير خاصة، تكفل لها أكبر قدر ممكن من الأمن الجيوسياسي والاقتصادي والغذائي والمائي والسكاني والتنموي والروحي وأمن خوادم الشبكة العنكبوتية والشبكات والبرامج وهو جوهر اهتمام التحالف الجديد، فهل هو إدراك من الحكومة المصرية لمدى تقدم الصين وصعود أسهم إيران في خوض حروب القرصنة المستقبلية، والتي ستسيل فيها الشبكات والأرصدة المعرفية؟ وبالتالي تعلق مستقبل العالم بتلك المنظومة، أم أنها فترة ظهور القومية الإسلامية وحلفائها والقومية الاقتصادية بعد الموت الإكلينيكي للقومية العربية. نعم مصر تحتاج لدعم نقدي فوري من الولاياتالمتحدة وصندوق النقد الدولي ودول الخليج، ولكنها في المقابل تريد الحصول على أفضل العروض التي تخدم مصالحها القومية الحزبية وخاصة مع الصين، لسد الفجوة وبدورها تحتاج بكين الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط وقناة السويس كأولوية استراتيجية لها وتضيق الخناق على أميركا خاصة في ظل تغلغلها العرضي في القارة الأفريقية في عبقرية جيوسياسية يراهن عليها التنين الصيني بقوة. ومن جانب مصر وإيران سيتم الضغط على إسرائيل، ولن تضرب إيران وستحصل مصر على المساعدات التي تحتاجها في صفقة منطقية للبعض، ولكنها لمصر ستكون بداية العزلة عن الأمة العربية. *****************************************