متهم بالتحرش وأتباعه من المشاهير.. من هو الشيخ صلاح الدين التيجاني وماذا فعل؟    أمريكا تسعى لشراء 6 ملايين برميل نفط لدعم الاحتياطي    القائد الإسرائيلي السابق لفرقة غزة: نحن نخسر الحرب وحماس تنتصر    سي إن إن: تفجير البيجر في لبنان عملية مشتركة بين الموساد والجيش الإسرائيلي    أشرف نصار: يجب إقامة انتخابات رابطة الأندية قبل مناقشة شكل الدوري    حريق هائل في مضرب أرز بمنطقة عرب الوالدة في حلوان    ناميبيا، مصرع 4 أطفال علقوا في ثلاجة    إعلام عبري: الموساد فخخ أجهزة «بيجر» حزب الله.. وعدد كبير من الإصابات في العيون    القنوات الناقلة لمباراة باريس سان جيرمان وجيرونا في دوري أبطال أوروبا    ترامب: تلقيت مكالمة من هاريس للاطمئنان على صحتي بعد محاولة الاغتيال    نادي الألعاب الرياضية بدمنهور يحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف    وزير التعليم العالي يعلن صدور عدة قرارات جمهورية بتعيين قيادات جديدة    «اتدارى شوية».. تعليق ناري من مجدي عبدالغني على مشاركة أحمد فتوح في تدريبات الزمالك    محامي رمضان صبحي يكشف تفاصيل استئناف منظمة مكافحة المنشطات ضد براءته    حفلة أهداف.. الشباك تهتز 28 مرة في أول أيام منافسات دوري أبطال أوروبا    جهاز تعمير سيناء ينفذ 9 مشروعات بالإسماعيلية بتكلفة 185.5 مليون جنيها    الفلسطينيون يدفعون نحو قرار في الأمم المتحدة بشأن انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة    رفع 366 حالة إشغال طريق بالدقي| صور    بعد قليل.. بداية خسوف القمر في 10 مناطق ضمنهم مصر- تفاصيل    بينهم سيدة.. إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالوادي الجديد    محافظ الوادي الجديد يُكرم أوائل الثانوية العامة 2024- صور    الأمم المتحدة: انفجارت أجهزة البيجر في لبنان مقلقة للغاية    ملف رياضة مصراوي.. أول ظهور لفتوح.. برنامج شوبير.. والمنشطات تصدم رمضان صبحي    خسوف القمر 202: اللهم اجعل هذا الخسوف رحمة علينا ولا تجعله غضبًا يا رحيم    أولى فعاليات مبادرة بداية بكفر الشيخ.. المحافظ يناقش 10 شكاوى فى لقاء المواطنين    محافظ أسيوط يشهد احتفالية تدشين المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الانسان".. صور    ملخص وأهداف مباراة مانشستر يونايتد ضد بارنسلى    محافظ الإسماعيلية يوجه بضم فرقة القلوب البيضاء لذوي الهمم إلى عروض المهرجان الدولى للفنون الشعبية    عادات ستجعلك أكثر نجاحًا..أهمها التخلي عن وهم السعادة    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 بعد تراجعه بمستهل تعاملات الاربعاء 18 سبتمبر 2024    د.حماد عبدالله يكتب: ممكن من فضلك" التنحى " عن الطريق !!    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 بعد الانخفاض بالبنوك    نظام غذائي يزيد من خطر الإصابة بالسكري    عواقب صحية خطيرة للجلوس على المكاتب..تجنبوها بهذه التمارين البسيطة    "الأسرع انتشارا".. متحور جديد من فيروس كورونا يضرب دول العالم    شقيق زوجة أحمد فتوح يفجر مفاجأة بشأن دفع الدية لأسرة الضحية    آداب عين شمس تطلق دورة للإرشاد النفسي للأئمة والواعظات بوزارة الأوقاف    كيف اخترقت إسرائيل أجهزة البيجر Pager التابعة لحزب الله؟    حظك اليوم| الأربعاء 18 سبتمبر لمواليد برج الحمل    وزير الأوقاف يستقبل رئيس مجلس المتحف الدولي للسيرة النبوية لبحث التعاون المشترك    شاهد اللقطات الأولى من حفل زفاف بينار دينيز وكان يلدريم (فيديو)    أحمد أيوب لإكسترا نيوز: مبادرة "بداية" فكر وعهد جديد يتغير فيه مفهوم الخدمة المقدمة للمواطن    حظك اليوم| الأربعاء 18 سبتمبر لمواليد برج الدلو    حظك اليوم| الأربعاء 18 سبتمبر لمواليد برج الأسد    محافظ الغربية: أعمال التوسعة بحي ثان طنطا ستساهم في إحداث طفرة مرورية    هل يدخل تارك الصلاة الجنة؟ داعية تجيب: «هذا ما نعتقده ونؤمن به» (فيديو)    احتفالية دينية في ذكرى المولد النبوي بدمياط الجديدة.. صور    اليوم.. انقطاع المياه لمدة 10 ساعات بمدينة الفيوم    تساعية البايرن وفوز الريال.. نتائج مباريات دوري أبطال أوروبا    ريال مدريد يكرم ضيافة شتوتجارت بثلاثية في دوري أبطال أوروبا    إصابة شخصان إثر انقلاب دراجة بخارية بالمنيا    وكيل صحة الشرقية يلتقي مدير مستشفى العزازي للصحة النفسية    محافظ قنا يشهد انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان    مع بدايته الأربعاء.. كيف تؤدى صلاة خسوف القمر والأدعية المستحبة؟    رئيس الوزراء يلقي كلمة في احتفالية إطلاق المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية "بداية"    2 مليار شخص يعيشون ببلدان بها ندرة مياه.. العراق تتطلع للاستفادة من الخبرات المصرية في إدارة المياه    فضل دعاء الصبر على البلاء وأهميته في حياة المسلم    رئيس جامعة سوهاج يستقبل طالبة مبدعة من الطلاب الجدد ذوي القدرات الخاصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



“المرجئة" هل هي نواة “ليبرالية إسلامية"؟
نشر في المشهد يوم 13 - 12 - 2012

في هذه المرحلة التي تحفل بمختلف التوجهات والأفكار، ويكاد الخلاف بينها أن يتحول إلى صراع دموي تراق فيه الدماء البريئة: الآن بمصر وأيضاً بتونس، وغداً في كافة المجتمعات العربية، لأنها موجة قادمة وعلينا ألا نخفي رؤوسنا في الرمال فلا بد من مواجهة الأمر بالتثقيف المتعمق في الشأن السياسي التراثي، لأن المسألة تدور حول هذا الأمر .
وكما أن مصر العربية، بثقلها وأهميتها في وطنها العربي، كانت أول المواجهين للصراع بين المفهومين في الدولة المدنية والدولة الدينية، فإنها كانت كذلك في طرح هذه المساهمة عندما كتب الباحث والمفكر أحمد أمين كتابه الرائد “فجر الإسلام” عام ،1928 وقدم له عند صدوره الدكتور طه حسين، وكان قد مر على إنشاء جامعة القاهرة عشرون سنة، وعلى صدور الدستور المصري ست سنوات (وإصدار الشيخ علي عبد الرازق كتابه المختلف عليه عام 1925) وكانت مصر قد اهتزت مع العالم الإسلامي، عندما ألغى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية في مارس/آذار 1924 وتهيأت مصر من ناحية لمسؤولية الخلافة، وشهدت من ناحية أخرى تلك النهضة العلمية التأسيسية التي تقدم عليها الأمم العظيمة وقت التأزم وكان كتاب “فجر الإسلام” لأحمد أمين من ثمار تلك النهضة .
وهنا أريد أن أذكر حقيقة “مغيبة” أرجو ألا تغضب البعض لشيوع عكسها وهي أن أحمد أمين قد سبق الجابري، رحمه الله، في الاهتمام بالعقل العربي ودراسته وطرح مشروعاً متكاملاً لذلك حيث أتى بعد “فجر الإسلام”، “ضحى الإسلام” في أجزاء، ثم “ظهر الإسلام” . . وهكذا . ونظراً لأن المثقفين المشارقة لم يدرسوا نصوصاً فكرية إسلامية ووجدوا في كتابات الجابري مايشفي غليلهم، ونظراً لأن الجابري، رحمه الله، قد أغفل أحمد أمين كباحث في العقل العربي، واستطاع ببيانه المشرق أن يعرض مادته عرضاً مشوقاً، بسبب اختلاف طبيعة الكتابة العربية بين زمن أحمد أمين وزمنه المتطور رغم أنه أغفل الأثر الفكري في شعر أبي العلاء وفي أدب الجاحظ، أي استبعد تأثير العقل في الشعر، رغم أن الشعر “ديوان العرب” وعلة ذلك أن الصف الأكاديمي الذي كان يدرس فيه الجابري لم يكن يدرج الشعر مع الفلسفة، فاقتصر الجابري على دراسة الفلسفة الصريحة دون التفات إلى الشعر والأدب وذلك ما تجنبه أحمد أمين في “فجر الإسلام” .
تلك واحدة من “الحقائق المغيبة” في ثقافتنا المعاصرة، وكم من “الحقائق المغيبة” في حياتنا العربية لأسباب أيدولوجية، أو دينية طائفية، أو انعدام المعرفة بها!
وقد شاع في أوساط المثقفين العرب أن “المعتزلة” هم فرقة “العقل” في الإسلام، وبالتالي، في السياسة الإسلامية .
ولم يغمط أحمد أمين المعتزلة حقها في تاريخه الفكري، لكنه التفت إلى مختلف الفرق الإسلامية وموقفها من الخلافة ونزاعاتها .
يقول عن المرجئة وموقفها الديني السياسي: “أما المرجئة فكانت كذلك أول أمرها، أعني حزباً سياسياً محايداً، لهم رأي فيما شجر بين المسلمين من خلاف . يروى أن ابن عساكر في توضيح رأيهم، أنهم هم الشكاك الذين شكوا، وكانوا في المغازي، فلما قدموا المدينة بعد قتل عثمان وكان عهدهم بالناس، وأمرهم واحد قالوا:
“بعضكم يقول قتل عثمان مظلوماً . . وبعضكم يقول كان علي أولى بالحق . . كلهم ثقة وعندنا مُصدق فنحن لا نتبرأ منهما ولا نلعنهما، ولا نشهد عليهما ونرجئ أمرهما إلى الله، حتى يكون الله هو الذي يحكم بينهما” . (“فجر الإسلام” ص 279) .
هذه هي النشأة التاريخية للمرجئة .
ويواصل أحمد أمين: “فنرى من هذا أنه (المرجئة) حزب سياسي لايريد أن يغمس يده في الفتن، ولا يريق دم حزب، بل لا يحكم بتخطئة فريق وتصويب آخر . وأن السبب المباشر في تكوينه هو اختلاف الأحزاب والرأي، والسبب البعيد هو الخلافة، فلولا الخلافة ما كانت خوارج ولا شيعة، وإذن لايكون مرجئة ! وكلمة المرجئة مأخوذة من أرجأ، بمعنى أمهل وآخر . المرجئة لأنهم يرجئون أمرهم، يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة . .”
“نشأت المرجئة لما رأت الخوارج يكفرون علياً وعثمان والقائلين بالتحكيم، ورأت الشيعة من يكفر أبا بكر وعمر وعثمان ومن ناصروهم، وكلاهما (أي الخوارج والشيعة) يكفر الأمويين ويلعنهم، والأمويون يقتلونهم، ويرون أنهم مبطلون، وكل طائفة تدعي أنها على الحق، وأن من عداها كافر وفي ضلال مبين، فظهرت المرجئة تسالم الجميع، ولا تكفّر أي طائفة منهم، وتقول إن الفرق الثلاث: الخوارج والشيعة والأمويون مؤمنون وبعضهم مخطئ، وبعضهم مصيب، ولسنا نستطيع أن نعيّن المصيب، فلنترك أمرهم إلى الله جميعاً . ومن هؤلاء بنو أمية، فهم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فليسوا إذن كفاراً ولا مشركين، بل نرجئ أمرهم إلى الله الذي يعرف سرائر الناس ويحكم عليها، وينتج من هذا أن موقفهم إزاء حكم الأمويين موقف تأييد سلبي لا إيجابي فليسوا ينحازون إليهم ويحملون سيوفهم، يقاتلون في جيوشهم، وهم - على ما يظهر - يرون حكومة الأمويين حكومة شرعية، وكفى ذلك تأييداً” .
ثم يهتم أحمد أمين بالبحث عن جذور نشأة المرجئة قائلاً: “ إن نواة هذه الطائفة كانت بين الصحابة في الصدر الأول، فإنا نرى جماعة من أصحاب رسول الله امتنعوا عن دخول النزاع الذي كان في آخر عهد عثمان . .” .
ويرى المرجئة أن الإيمان بالله سبحانه هو الأساس وذلك مالا يستطيع البشر أن يقرروه .
ولهذا الكلام كله نتيجة تتفق ورأيهم السياسي . فهم لايحكمون بالكفر على الأمويين، ولا على الخوارج والشيعة، بل لايجزمون بكفر الأخطل ونحوه من النصارى واليهود، لأن الإيمان محله القلب، وليس يطلع عليه إلا الله، وذلك يدعو إلى مسالمة الناس جميعاً “وقد انتهت المرجئة على يد العباسيين الذين دمروها، باعتبار أنها كانت تناصر الأمويين إلى حد ما . . .” (“فجر الإسلام” - ص281) .
هذه فرقة من الفرق الإسلامية . . عرض لفكرها أحمد أمين في فجر الإسلام -كما عرض للفرق الأخرى - عرضاً موضوعياً .
فهل يمكن تطوير موقفها إلى ما يجد فيه الليبراليون الإسلاميون المعاصرون، مايعينهم في الصراع الذي يواجهون؟ وهل نستطيع تحويل المواقف الدينية - السياسية للفرق الإسلامية إلى ما ينفعنا في حياتنا الراهنة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.