لا حديث للإخوان و جماعات الإسلام السياسي سوى عن شرعية الرئيس المنتخب، الذي جاء بإرادة الشعب وبصناديق الاقتراع!! لن أدخل في جدل حول ترهات نسبة نجاح الرئيس مرسي، و لا عن أعداد "عاصري الليمون" الذين وجدوا أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر، لن أتحدث عن الشكوك و الاتهامات المتداولة حول تزوير الانتخابات لصالح الرئيس مرسي ضمن صفقة "الخروج الآمن" لقيادات المجلس العسكري، و لا عن بطاقات الانتخابات التي طبعت بالمطابع "الأميرية" و أضيفت أصواتها لرصيد مرشح الإخوان، و لا عن دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية لمرشح الإخوان في مقابل صفقة "بيع سيناء"... لن أناقش كل هذا .... لكن دعوني أوضح لكم أن الشرعية ليست مطلقة، و أنها لا تمنح من خلال الصناديق وحدها، فعندما انتخب المصريون الرئيس مرسي انتخبوه بناءًا على برنامج سياسي محدد، ووعود انتخابية مسجلة صوتًا وصورة قطعها بنفسه في العديد من البرامج التليفزيونية و في جولاته الانتخابية بالمحافظات. فإذا ما اعتبرنا أن حكم مصر تم من خلال عقد تم توقيعه بين الشعب المصري كطرف أول، والدكتور مرسي كطرف ثانٍ، فإن تلك الوعود التي رجحت كفته في المعركة الانتخابية بمثابة شروط ذلك العقد الموقع بين الطرفين؛ و كما تنص القوانين في كل بلدان العالم، فإن العقد يفسخ ويصبح باطلاً بمجرد إخلال أحد الطرفين بشروط هذا العقد، و هذا ما حدث، وقبل أن يزايد أحدهم بوطنيته صارخًا... لكن مصر و حكم مصر ليس سلعة تباع و تشترى أقول له: إن ما سبق مجرد فكرة مبسطة لتوضيح الأمر، فدعنا نعود إلى العقد المبرم بين الرئيس مرسي و ناخبيه، والذي بمقتضاه يمكننا الجزم اذا ما كان الرئيس قد فقد شرعيته أم لا.... قبل الرئاسة تعهد مرسي مرارًا و تكرارًا بأنه سيكون رئيسًا لكل المصريين، ثم وجدنا كل قرارته و تصرفاته تثبت أنه رئيس لجماعة الإخوان المسلمين وحدهم دون غيرهم، و لعل أبرز مثال ما جاء في خطابه عقب أحداث قصر الاتحادية، حيث أدان الرئيس المعتصمين السلميين، في حين أقر أن من حق الشعب أن يدافع عن الشرعية - في إشارة إلى مؤيديه الذين فضوا اعتصام الاتحادية بالقوة - مما أسفر عن وقوع قتلى متنازع على انتمائهم بين المؤيدين والمعارضين، وعشرات الإصابات، دون الإشارة إلى اعتصام أعداد كبيرة من جماعة الإخوان المسلمين أمام المحكمة الدستورية ومنع القضاة من الدخول إليها وممارسة عملهم، و متمثلا في زيارة السيدة زوجته لأسرة الشهيد "إسلام" المنتمي لجماعة الإخوان لتقديم واجب العزاء، وتجاهلها أسرة الشهيد جابر صلاح "جيكا"، بل و أسر ضحايا حادثي رفح و أسيوط !!!!! قبل الرئاسة تعهد الرئيس بتشكيل جمعية تأسيسية لكتابة الدستور تمثل كافة أطياف المجتمع المدني ومؤسساته، و هو ما لم يحدث، فجاءت الجمعية تمثل تيار الإسلام السياسي وحده، و رغم انسحاب ممثلي التيار المدني والكنيسة، فإن الرئيس بدلا من أن يعيد النظر في تشكيل التأسيسية، فاجأنا بإعلانه الدستوري الذي يحصن تلك الجمعية، بل ويحصن قراراته هو نفسه من الطعن عليها أمام القضاء، و هو الأمر الذي أجمع فقهاء الدستور وقضاة مصر على عدم دستوريته ... قبل الرئاسة وبعد الفوز بها أقسم الرئيس مرسي على احترام استقلال القضاء، و هو ما لم يلتزم به بمنح نفسه حق عزل النائب العام _ الذي كان عزله مطلبًا ثوريًا في الأساس - ولكن على أن يتم بشكل قانوني، ويتم اختيار نائب جديد من قِبل القضاة أنفسهم و ليس من قِبل رئيس الجمهورية، حتى نضمن نزاهة الاختيار وعدم انحياز النائب العام للسلطة... قبل الرئاسة أعلن مرسي أن الشعب المصري إذا خرج في مظاهرات مطالبة برحيله سيستجيب لهم، و بعد الرئاسة وجدناه يتهم المتظاهرين بالعمالة و التآمر تارة، ومستهينًا بأعدادهم تارة أخرى، قائلا إنهم "76543 بيتظاهروا في حارة مزنوقة" !!!!! بعد كل ذلك لك أن تحكم إذا كان الرئيس مرسي قد أخل بالشرعية التي منحها إياه الشعب أم لا ......