برنامج حكومة "شريف" الاقتصادي يثير الجدل تحت القبة القطاع "الخاص" يكسب.. والمواطن "البسيط" يدفع الثمن "ركيك.. يناقض نفسه.. يحتاج إلى الابتكار.. متواضع في طموحاته.. يفتقر للمؤشرات" - الخطاب يتجاهل "التمويل".. و"النواب" يطلب شروط "قرض" البنك الدولي - البرلمان يبحث تعديل 24 ملاجظة مع "المالية" و"التخطيط" - تقليص دور الدولة وتغليب القطاع الخاص.. اتجاه حكومي "ركيك.. يناقض نفسه.. يحتاج إلى الابتكار.. متواضع في طموحاته ".. هكذا وصف مراقبون، الجانب الاقتصادي في خطاب حكومة شريف إسماعيل، كما رأت اللجنة الاقتصادية المنبثقة من اللجنة البرلمانية، والمختصة بالرد على البيان الحكومي، أنه يفتقر للمؤشرات الواضحة. ورغم أن الخطاب الحكومي، سبقه، ترميم حكومة "شريف" اقتصادياً، وفق ما رآه اقتصاديون، حيث تم تغيير وزراء، الاستثمار، والسياحة، والمالية، واستبدالهم ب3 وزراء من القطاع الخاص، هم على الترتيب؛ داليا خورشيد من "أوراسكوم"، ويحيي راشد من "الخرافي"، وعمرو الجارحي من "القلعة".. إلا أنه جاء على غير المتوقع بأهداف غير طموحة، وفق خبراء!. "تعديلات الخطاب" وبعد أيام قليلة، من إلقاء شريف إسماعيل، الخطاب أمام مجلس النواب، والذي تضمن برنامج متكامل يمتد تنفيذه حتى يونيو 2018، أرسلت اللجنة الاقتصادية، 24 ملاحظة دقيقة، إلى وزراء المالية والتخطيط، جار مناقشتها؛ تمهيدًا لإدخال التعديلات اللازمة على البرنامج الاقتصادي للحكومة. وكشفت اللجنة، عن بعض النقاط التي أثارت جدلاً، أبرزها؛ أن تتضمن خطة الحكومة مؤشرات واضحة للاقتصاد الكلي، بتوقيتات زمنية ربع سنوية، إضافة إلى الإفصاح عن تفاصيل البرامج، ودراسات جدوى المشروعات الاقتصادية الكبرى، والمكاسب والخسائر من هذه المشروعات، وآليات الوصول للهدف وتوفير التمويل. "شروط القرض" كما طالب أعضاء اللجنة، الحكومة، إيضاح سياسات الدعم وضمان وصوله لمستحقيه، ودعم قطاعي، الأعمال الرسمي وغير الرسمي.. وهو ما يعني تجاهل الخطاب الحكومي لمحدودي ومعدومي الدخل. وبشكل رسمي، طالب أعضاء اللجنة، توضيح القيود والشروط الخاصة باتفاقية قرض البنك الدولي، بقيمة 3.4 مليار دولار، وهو ما يعني طرح الاقتراض كأحد بدائل توفير التمويل، إن لم يكن الوحيد، خاصةً بعد تخفيض سعر العملة المحلية مقابل الدولار، بينما حذر الخبير الاقتصادي، أبوبكر الديب، الحكومة، من الرضوخ لضغوط صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، مطالباً بالبحث عن بدائل اقتصادية وطنية، بعيداً عن قروض المؤسسات الدولية التي تفرض شروطاً مجحفة؛ كرفع الدعم، وزيادة الضرائب، وتخفيض مرتبات وأعداد الموظفين، ورفع أسعار الخدمات العامة. "الدولة والخصخصة" "سنعمل مع القطاع الخاص وسنعالج البيروقراطية".. هذا ما ورد على لسان حكومة شريف إسماعيل، ضمن خطابها أمام مجلس النواب، مراقبون، اعتبروه تأكيد لاتجاه الدولة نحو "الخصخصة"، خاصةً بعد الدعوات التي أطلقها محافظ البنك المركزي، بطرح عدد من البنوك في سوق المال، وبعد استحداث وزارة قطاع الأعمال العام، في التعديل الحكومي الأخير، بينما ذهب فريق آخر، إلى أن البرنامج الاقتصادي، لم يختلف كثيرًا عن غيره من البرامج السابقة، بل اتسم بالنمطية والتكرار، وفق ما قاله، الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق. ورغم تعهد الحكومة عبر برنامجها، بأن، "أي إجراء اقتصادي سوف يصاحبه برامج للحماية الاجتماعية بالقدر المناسب"، إلا أنها تابعت القول: "وأي برنامج اجتماعي لن يتم إلا بتوافر موارد تمويله بما يضمن استدامته واستمرار استفادة المستهدفين منه".. وهو ما فسره الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، بأن الحكومة تمتلك موارد الحماية الاجتماعية، لكن استخدامها دون آليات وخطط واضحة، يعيق تحركاتها وتنميتها الاقتصادية المستدامة، وستتحول برامجهم إلى "شعارات دون جدوى". "ثغرة البيان" "الحكومة لم تقترب من قريب أو بعيد للقطاع التعاوني، أهم القطاعات الرئيسية في دولاب العمل الاقتصادي، وأحد أهم آليات العدالة الاجتماعية الممثلة في حماية محدودي الدخل من كل صور الاستغلال ".. هذه هي الثغرة التي وجدها الدكتور علي المصيلحي، رئيس اللجنة الاقتصادية لمناقشة بيان الحكومة بمجلس النواب، في البرنامج الاقتصادي، واصفاً إياه بأنه "ركيك". فيما وصفه المستشار الاقتصادي، أحمد خزيم، بأنه يناقض نفسه، موضحاَ أن المحاور السبعة المراد تحقيقها في البرنامج، تؤكد أن الدين والعجز أزمات صعبة، منوهاً إلى أن خطط الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية تتسم ب"العشوائية" دون الاستناد إلى دراسات حقيقة، وقال الخبير الاقتصادي أبوبكر الديب، إن برنامج الحكومة للإصلاح الإقتصادي، "جيد"، لكن تطبيقه يحتاج إلى الابتكار والابتعاد عن الحلول التقليدية. "خطة للمواطن" "أعيب على الحكومة برنامجها المتواضع في طموحاته".. بهذه الكلمات عبر الدكتور أحمد جلال وزير المالية الأسبق في حكومة حازم الببلاوي عن رأيه في البرنامج الحكومي، منوهاً إلى أن ما يحتاجه الشعب أكثر بكثير من الأهداف الغير طموحة، التي جاءت في البرنامج الاقتصادي. وقال جلال، في تصريحات تليفزيونية: "كنت أحب أن يكتب برنامج الحكومة بشكل مختلف، على الأقل كان يجب وجود خطة واضحة للمواطن"، موضحاً أن التكلفة المالية ومصادر التمويل لمبادرات الحكومة، "غير واضح"، وأن التحديات وصلت إلى 12؛ بينهما 11 تحدياً اقتصادياً، وتحدي أمني، وتابع: إذا لم تتحقق الفاتورة السياسية، فإن الرئيس السيسي هو أكثر من سيتحملها. "مؤشرات واضحة" النائب مدحت الشريف، عضو اللجنة المعنية بدراسة المحور الاقتصادي، أوضح أن اللجنة طالبت بإدخال تعديلات على البرنامج الاقتصادي، وذلك حتى يستطيع مجلس النواب متابعة ومراقبة الأداء الحكومي. كشف الشريف، عن الملاحظة الأساسية في البرنامج، قائلاً: نحتاج مؤشرات أداء واضحة مقسمة إلى أزمنة لتنفيذ المراحل المختلفة، لكل سياسة من سياسات البرنامج الاقتصادي ومعدلات الأداء والموارد المالية اللازمة للتنفيذ. وزراء حكومة شريف إسماعيل، جاء رأيهم مخالف، حيث رأى الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط والإصلاح الإداري، أن البرنامج الاقتصادي للحكومة، واضح، ويرسخ لتواجد القطاع الخاص كلاعب رئيسي في الاقتصاد المصري، من أجل رفع معدلات النمو والتشغيل، وخلق فرص عمل، وأرجع تراكم العجز في الموازنة؛ إلى الأجور والدعم، خاصةً وأن 80% من الموازنة العامة للدولة يذهب للأجور، والدعم وتسديد مستحقات الديون الخارجية. "مليارات الصناديق" في تصريحات تليفزيونية، كشف طارق عامر، محافظ البنك المركزي، عن جانباً من خططه وسياساته المستقبلية، حيث قال: سيتم طرح حصص من عدة بنوك بنظامي المستثمر الإستراتيجي والطرح في البورصة، كما سيتم بيع المصرف المتحد لمستثمر استراتيجى قبل نهاية العام الحالي، وطرح 40% من البنك العربي الإفريقي الدولي في البورصة، و20% من بنك "القاهرة " قبل نهاية العام الحالي. وأضاف: الصناديق الدولية سنحصل منها على تدفقات كبيرة في حدود 5 مليار دولار خلال 3 أو 4 أشهر، ونحن نرتب الأمور لتجهيز أرضية لاستقبال هذه التدفقات.. السؤال؛ هل يجدي هذا الطرح بالبورصة؟، أو هل يساهم قرض صندوق النقد الدولي في حل أزمة الاقتصاد؟، ربما يكون "عامر" محقاً في رؤياه، ولكن، بلا شك فإن القطاع الخاص القوي يحتاج إلى دولة وحكومة تلعب دور المنظم والمراقب والمحفز للنشاط الاقتصادي، وأحيانًا دور المشارك، وفق ما أكده وزير التخطيط، بينما انتقد النائب محمد بدران، سياسات البنك المركزي، واصفاً سياساته ب"الرأسمالية المباشرة"، والتي ستضرر منها الدولة. ومن المقرر أن يترأس محافظ البنك المركزي، بعثة مصر أمام اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بواشنطن، الأسبوع المقبل، في العاصمة الأمريكية "واشنطن"، بحضور العديد من قادة الاقتصاد ومحافظي البنوك المركزية العالمية. وتعليقاً على اتجاه الحكومة، نحو تشجيع القطاع الخاص، في بيانها تحت القبة، قال الباحث الاقتصادي أحمد النجار: "بريطانيا، قبل تولي مارجريت تاتشر، رئاسة الوزراء في 1979، كانت دولة اقتصاد حر، وانتقلوا فقط من مسألة، أن الدولة تقوم بدور مهم في الاقتصاد بجانب القطاع الخاص، إلى تغليب دور القطاع الخاص وتقزيم دور الدولة، وانتهى الأمر بأزمات متتابعة، كان أفدحها أزمة الكساد العظيم الثاني منذ عام 2008، والتي لا تزال تداعياته مستمرة إلى الآن". "تورتة" عجز مصر اقتصادياً، حولها إلى "تورتة"، لا تسد جوع المواطن البسيط، لكنه يدفع ثمنها وفق خطة تقليص الدعم، ويتصارع عليها رجال الأعمال، ولكن بأبخس الأثمان، منهم من يستغل الفرصة لصالح تكوين ثروات زائفة على حساب الفقراء، ومنهم من يسعى إلى إنقاذ مصر، في النهاية تبقى رقابة الدولة هي الفيصل النهائي. ووفق دراسات أُجريت على تجارب الدول في بيع أصولها للقطاع الخاص، فإن تقييم الأصول بأبخس الأثمان، وزيادة الأيدي العاطلة، وتخفيض قيمة العملة، ورفع الدعم عن محدودي الدخل، من أبرز السلبيات التي تجنيها أي دولة من الاتجاه نحو "الخصخصة".