خبراء: يجب ألا تسجل الأحداث فى الفترة الحالية.. التاريخ يبدأ عندما تنتهى السياسة عكف واضعو المناهج الدراسية على تزوير التاريخ حرفيًا، وخاصة أحداث ما بعد ثورة 25 يناير، بداية بحذف اسم الدكتور محمد البرادعى، النائب السابق لرئيس الجمهورية، من بين الحاصلين على جائزة نوبل، من كتب اللغة العربية التى تدرس للطلاب بالصف الخامس الابتدائى، إضافة إلى إبراز دور بعض الشباب فى أحداث الثورة وإخفاء وتشويه أسماء آخرين ساهمت بدور كبير فى إندلاع شراراة الانتفاضة ضد الرئيس المخلوع مبارك. وكان من ضمن ما كتبت أسماءهم فى التاريخ، الناشطة السياسية "أسماء محفوظ"، وكذلك سرد بطولات وهمية ل"محمود بدر وحسن شاهين ومحمد عبد العزيز" قيادات حركة تمرد فى أحداث 30 يونيو فى منهج التاريخ الذى يدرس لطلاب الابتدائية فى المدارس، مما أثار ذلك غضب العديد من القوى السياسية، معتبرين أن ذلك تشويه حقيقى لتاريخ مصر. ولم يتوقف الأمر على ذلك بل تم إعادة كتابة تاريخ ثورة 2011 بكامله ليناسب مصالح الأطراف المعنية ومراكز القوى الجديدة، وإقصاء وسب أطراف أخرى شاركت بقوة كبيرة فى الثورة، ولكن جزاءها أنها معارضة للنظام الحالى. وأكد الخبراء أن إعداد كتب التاريخ بالمراحل الدراسية المختلفة بالمدارس يحتاج إلي نخبة من المتخصصين والاستعانة بهم بشكل قاطع حتي لا تتكرر الأخطاء فى المناهج الدراسية المقررة على الطلاب، مثال: "ما سجل فى الكتب ودرسه الطلاب على مدى سنوات طويلة, وبعضها مزورة لا ترتبط بالأحداث الحقيقية التى أخفيت وأخفى معها أصحابها الحقيقيون". واستشهد الخبراء بفترة مبارك التى ذكر فيها أنه صاحب الضربة الجوية الأولى, وهذا ليس صحيحًا, بل كانت حرب أكتوبر قيادة جماعية كما أكد المراجعون من المؤرخين, وكذلك ما ذكر عن إنجازات مبارك خلال فترة رئاسته, وكان يجب ألا يكتب التاريخ فى هذه الفترة لأن القاعدة تقول: التاريخ يبدأ عندما تنتهى السياسة, وحتى لا تكون كتب التاريخ بها عبارات أو معلومات مغلوطة, أو أخطاء فى الفترة المقبلة. ورفض العديد من المثقفين والصحفيين والكتاب ما فعلته وزارة التربية والتعليم من تزوير التاريخ، حيث قال الكاتب فهمى هويدى "لا يفاجئنا قرار وزارة التربية والتعليم حذف اسم وصورة الدكتور محمد البرادعى، نائب رئيس الجمهورية السابق، من كتاب مدرسى تحدث فى أحد موضوعاته عن الفائزين المصريين بجائزة نوبل، ذلك أن إقصاء الآخر ومحوه من التاريخ تقليد فرعونى قديم، حين كان الفرعون يمحو تاريخ من سبقه من على المسلات ليكتب بدلا منه تاريخه هو، معتبرًا أن التاريخ يبدأ به. وأضاف هويدى فى إحدى مقالاته" أن لعنة الآخر وإقصاءه بصورة أو أخرى باتت جزءًا من الثقافة السائدة فى الأجواء المخيمة، فكل المعارضين تم محو أسمائهم بالكامل من قائمة المشاركين فى البرامج التليفزيونية، وكتاب الصحف القومية، كما أنهم تحولوا إلى منبوذين فى المجتمع. وأكد خبراء المناهج أن الحذف غير مقبول، وأنه لا يجوز العبث فى التاريخ، أو حذف اسم شخص بسبب مواقفه، وأن من يدرس التاريخ للطلاب يجب أن يتمتع بالحيادية، لأنه تزويرللتاريخ، فى الوقت الذى بررت فيه وزارة التربية والتعليم أن الحذف جاء بناء على طلب أولياء الأمور، وأن مستوى الفهم للطلاب أقل من المادة التعليمية. وقالت الدكتورة سعاد الفجال أستاذ المناهج المتفرغ بالمركز القومى للامتحانات إن المادة التعليمية لا يجب التلاعب فيها لأنها نوع من التزوير، فالمعايير فى المناهج تستلزم الحيادية تجاه أى موضوع أو شخصية سواء سلبية أو إيجابية، ولكن للأسف هذه المعايير مهدرة، وعند تحليل الكتب المدرسية الحالية تظهر الازدواجية الواضحة فى محتوى المناهج خاصة مواد الدراسات الاجتماعية، حيث تحتاج توحيد المناهج. وأضافت: "يبدو ذلك واضحًا فى الاختلاف فى مناهج المدارس الدولية ومدارس التعليم العام، ومدارس المتفوقين، والمدارس الفنية بأنواعها من تعليم فنى ثلاث سنوات وخمس سنوات، إلى جانب مدارس الفصل الواحد، وحتى تعليم الكبار، فنلاحظ التضارب الواضح فى عرض محتوى المناهج الدراسية ويظهر ذلك من خلال عرض المادة، ثم بعد ذلك حذفها بناء على الرأى العام دون مراعاة مصداقية البحث التاريخى, بجانب الأخطاء الشائعة فيها، وعدم الاهتمام بالتوثيق الجيد للمعلومة التاريخية". وأوضحت أن ذلك فضلا عن عرض المادة التربوية بشكل منفر للطلاب اعتمادًا على السرد والحفظ، بعيدًا عن إثارة دافعيتهم للدراسة من أجل تعلم أفضل، كما أصبح منهج التاريخ لعبة سياسية يرتبط بالسياسة والتشويه، ولتحقيق أغراض شخصية, وليس أداة للنقد السياسى وباعثا للتطور الحضارى. وأشارت الدكتورة سعاد الفجال أن المناهج يجب أن تتخطى المعاناة التى يتعرض لها المجتمع المصرى من إحباطات تنعكس على العملية التعليمية، فنحن أمام مناهج متردية لا تلبى حاجات الطلاب واحتياجاتهم، ولا تراعى ما يحدث من تغيرات فى دوافع الطلاب وميولهم أمام دراستهم التعليمية وتمثل الإشكالية الأولى.