أشار التحليل الأسبوعي للأسواق الناشئة الصادر عن شركة آسيا للاستثمار إلى أنّ عام 2016 قد بدأ بموجة حادة من تراجع أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، وقد جاء أداء أسواق الأسهم الصينية المتّسم بعدم الاستقرار محفّزاً لتنفيذ إجراءات إصلاحية عالمية، في حين يبدو المستثمرون في حالة قلق جرّاء وضع الأسواق الناشئة بما في ذلك آسيا، في الواقع، فإن الجمع بين السياسات المتباينة المتبعة في الولاياتالمتحدة وبقية العالم، وانخفاض أسعار النفط، وتباطؤ النمو والسياسة المنهكة يشكلّ سياقاً واقعياً للاستثمار في حين لا علامات تدل على وجود أصول مالية أو منطقة خصبة محفّزة للاستثمار، وفي الوقت الراهن من الأفضل أن يتم تكريس الاهتمام في التخطيط للمدى البعيد والاهتمام بموارد العوامل الاقتصادية الأساسية، تاريخياً، لا يزال أداء الاقتصاد العالمي أفضل عامل مفسر لعوائد الاستثمار، وهنا لابدّ من التساؤل عمّا تشير إليه التوجهات العالمية. من جانب آخر، يرى التقرير أنّه بالكاد قد تغيّر ترتيب معظم المناطق من حيث الناتج المحلي الإجمالي في السنوات ال 40 الماضية منذُ عام 1970 حتى 2014، حيثُ ارتفع نصيب أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي من الناتج المحلي الإجمالي من 6% إلى 8% في تلك الفترة، في حين حافظت منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية على مساهمتها في الناتج العالمي بنسبة 2.2%، كما تحسّن إنتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى حدٍ كبير من 1.3% إلى 4.5%، ولكن ذلك يرجع أساساً إلى ازدهار اقتصاد الدول المصدّرة للنفط، في حين تظل آسيا الناشئة عامل النجاح الأبرز والوحيد بين الاقتصادات النامية، حيثُ تضاعف إنتاجها مما يقارب 14% في السبعينات إلى 27.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2014، وذلك على حساب نصيب اقتصاد أوروبا وأمريكا الشمالية، ويذكر أنّ التحسن قد كان على المستوى الكمي والنوعي، حيثُ تحسّن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 4.9% إلى 17.3%، على أساس مئوي محسوب بنفس المقياس في الولاياتالمتحدة. وأوضح التحليل أن الأبحاث تشير إلى أنّ ما جعل آسيا تتميّز عن بقية الدول الناشئة هو الظروف المواتية التي لعبت دوراً لافتاً من مثل الإرث الاستعماري والجودة المؤسسية. ومع ذلك، وفقاً لتفسيرات الاقتصاد العالمي يُذكر أن شرق آسيا قد سجّلت معدلات تضخم أقل بكثير من معظم المناطق النامية الأخرى في الفترة ما بين 1970 و2010، كما خلقت الحصافة المالية مساحة وافرة للسماح بتنفيذ سياسات استقرار مالية لمواجهة التقلبات الدورية، وفي الواقع، ظلّت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي دون 50% ونسبة العجز الأولي دون 2% في فترة الخمس عشرة سنة. هذا وقد تزايد الاستثمار الأجنبي بمعدل أكثر من 3% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة ما بين 1990 و2010. في حين حافظت مستويات الاستثمار وهي الأبرز على نسبة تفوق ال 30% من الناتج المحلي الإجمالي منذُ السبعينات ونسبة تفوق ال 40% في السنوات الخمس الماضية. وأضاف التحليل أن في ستينات القرن الماضي، كانت أمريكا اللاتينية أكثر منطقة واعدة إلا أنها لم تحقق الآمال المرجوّة منها، حيثُ شهد متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تقلباتٍ كثيرة فيها وبلغ 2.9%، أي أقل من النصف في آسيا التي بلغت 7.4% في الفترة ما بين 1980 و2014. وكذلك كان معدّل التضخم عالياً وبلغ أقل معدل للاستثمار حوالي 21% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة ما بين 1970 و2014، هذا وقد ساهمت عوامل أخرى في الأداء المخيّب لأمريكا اللاتينية، مثل حالة عدم الاستقرار التي شهدتها المنطقة تخلّلتها سبع وعشرين أزمة مصرفية مالية في الفترة ما بين 1980 و2000، فضلاً عن انخفاض مستويات التجارة بنسبة 62% من الناتج المحلي الإجمالي في آسيا مقابل 50% في اللاتينية، لم تكن التجارة وحدها أقل نشاطاً في أمريكا اللاتينية منها في آسيا، ولكن صادراتها كانت أكثر اعتماداً على السلع. وأيضاً فإن انخفاض تطور الصادرات في المنطقة يعكس نسبة صادرات التكنولوجيا الحديثة إلى صادرات السلع، التي بلغت 10% مقارنة مع 25% في آسيا الناشئة في 2014. إلى هنا يرى تقرير شركة آسيا للاستثمار أنّ صحوة آسيا من غفوتها أصبحت ممكنة من خلال مجموعة من الأُطر المالية والنقدية الملائمة والسياسات الصناعية الفعالة التي استهدفت قطاعات ذات قيمة مضافة عالية ومستويات استثمار عالية، حيثُ أنّ أساس هذه الأُطر السريعة والنامية والمستقرة يَعِد بالاستدامة والثبات على المدى الطويل، هذا وقد ظلّ كل من رأس المال ومستويات التجارة مرتفاعاً بالمقارنة مع المناطق الأخرى الناشئة في عام 2014، والتي تبلغ 41% و63% من الناتج المحلي الإجمالي في آسيا على التوالي، لا تزال المنطقة مصدر جذب لكميات كبيرة من الاستثمارات الخارجية نتيجة لانخفاض معدّل التضخم البالغ 2.7% ونمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة عالية تبلغ 6.8%، في عام 2014 بلغت استثمارات المنطقة 40% من الاستثمارات العالمية، وعلاوة على ذلك، فإنّ من شأن الأزمة الأخيرة في أسعار السلع الأساسية أن تؤثر إيجابياً على المنطقة، في حين أنها قد تضر الاقتصادات المصدرة للسلع الأساسية الناشئة الأخرى في أمريكاالجنوبية وأفريقيا والشرق الأوسط. وعلى الرغم من التوضيح الذي ينص على أن المنطقة لا تزال تشهد أسساً اقتصاديةً قويةً في آسيا، فإنّه من المتوقع أن تواصل آسيا تفوقها على الاقتصادات الناشئة الأخرى في المنطقة.