- الري: الاجتماع السداسي المقبل آخر ورقة أمام مصر في المفاوضات
- الخارجية: لن نقبل بتعدي مصالح الآخرين على مصلحة مصر
"مفاوضات لا تنتهي.. واجتماعات بلا نتائج".. ذلك ملخص الاجتماع السداسي الأول من نوعه، بين وزراء الري والخارجية في دول حوض النيل الشرقي، فيما يتعلق بأزمة "سد النهضة"، حيث اختتمت نتائج الاجتماع في العاصمة السودانية "الخرطوم"، السبت الماضي، متوجة بالفشل، بعد عدم النجاح في التوصل إلى اتفاق بشأن نقاط الخلاف، على أن تنعقد جولة "سداسية" جديدة يومي 27 و28 ديسمبر الجاري.
ووسط مماطلة من الجانب الإثيوبي، ودعم سوداني، جرت المفاوضات في جلسات مغلقة ومعقدة، حيث سيطرت المحاولات الإثيوبية المتواصلة في التعنت واستهلاك الوقت في مفاوضات بلا جدوى.
ويري العديد من الدبلوماسيين وخبراء المياه، أن جلسة المفاوضات الجديدة بالخرطوم، ربما تحمل مخرجاً جديدًا للأزمة التي قاربت على العامين دون جديد، وسط مطالب بالتحرك الدولي في ظل الدعم الذي تتلقاه إثيوبيا من دول أوربية وعربية، تساهم في تأجيج الصراع.
"مصر حالياً في مرحلة الخطر، بعد تعثر المفاوضات نتيجة التعنت الإثيوبي وإتباع سياسة التسويف والتأجيل لإضاعة الوقت واستغلاله في مزيد من البناء بما لا يمكن تداركه من الجانب الاستشاري".. هكذا علق الدكتور مغاوري شحاته، مستشار وزير الري وخبير المياه الدولي، على نتائج الاجتماع السداسي الأول، مؤكدًا أن الاجتماع المقبل هو الورقة الأخيرة أمام مصر.
وتوقع شحاته، في تصريحات ل"المشهد"، أن يكون الاجتماع المقرر إجراؤه يومي 27 و28 ديسمبر الجاري، اجتماعاً حاسماً فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، بل ومصحوباً بتحول في الاتجاه المصري من حيث الالتجاء إلى المجتمع الدولي، وتقديم ملفات إلى الهيئات الدولية، لتوضيح مدى الضرر الذي تتعرض له مصر، وكذلك تعسف الجانب الإثيوبي، لأن المسالة تتعلق بحياة مواطنيها، منوهاً إلى أن هناك اتهام للوفد المفاوض بأنه لا يفاوض بالشكل الذي يمكن أن يحقق نتائج إيجابية على مصر، ومعنى ذلك لابد أن يعرض الأمر على الرؤساء.
ولفت مستشار وزير الري، إلى أن هذه الأزمة سياسية في المقام الأول، وليست فنية فقط كما جنحت إثيوبيا متجاهلة الجانب السياسي مما نتج عنه نوع من الصدام، مؤكدًا أن المسألة أصبحت بالغة التعقيد، لاسيما أنها في مواجهة مع الجانبين السوداني والإثيوبي، وفي ظل قيام مجموعة من الدول التي تساعد إثيوبيا وتدعمها، ومنها إيطاليا في البناء، وفرنسا في الزراعة، إضافة إلى معامل الأمان والارتقاء به من جانب كندا، فضلاً عن بعض الدول العربية التي تساعد في تأجيج الصراع مثل قطر وتركيا، إضافة إلى أن هناك تعاطف مع إثيوبيا، بل سعي عالمي لعدم وقوع حرب في هذه المنطقة، فالقضية لن تحل بالحرب، ولكن لابد أن يكون هناك نظرة إلى واقع الأمر في مصر.
من جانبه أكد محمد الشاذلي، سفير مصر الأسبق لدى السودان، أن فشل المفاوضات لا يعني تنازل مصر عن حصتها في مياه النيل، موضحًا أنها سوف تلجأ إلي حلول كثيرة من بينها التقرب من الدول ذات العلاقة القوية بإثيوبيا ومحاولة إقناعها بالتدخل لإيجاد حل يرضيها.
وأشار الشاذلي، في تصريح ل"المشهد"، إلي أن مصر لن تيأس في محاولة استعادة حقها، لافتًا إلي أنها قد تلجأ إلي طرح القضية أمام الدول ذات المصلحة المشتركة وفي نفس الوقت المقربة من إثيوبيا ولها تأثير إيجابي عليها مما قد يساعد في حل الأمر بطريقة ودية.
وقال السفير المصري الأسبق لدي السودان، إن إثيوبيا تتبع النهج الصهيوني في التفاوض بخصوص السد، مضيفًا، أن مصر شجعت إثيوبيا على التمادي في بناء سد النهضة، وفق رؤيته. مصر لا تقبل أن تتعدى مصالحها على مصالح الآخرين، ولا أن تتعدى مصالح الآخرين على مصالحها، هكذا أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، قائلا: هذه الروح التي يجب أن تكون فيما بين الأشقاء والدول التي تحرص على مستقبل شعوبها.
وأجاب عن سؤال حول أن وقف بناء سد النهضة مطلب شعبي وليس سياسيا فهل سيتم طلب طرح هذا الأمر؟ قائلا: "لو بدأنا من هذه النقطة ستكون نقطة فشل وصياغة الأمر بهذا الشكل ستكون فاشلة ونقطة فشل للمستقبل وليس للماضي، لأن الماضي له سلبيات وإيجابيات، ولا يجب أن نحمل أنفسنا أكثر مما يجب.
وقد أكد وزير الخارجية الإثيوبي تيدروس أدهانوم أن التعاون المشترك سيسمح لمصر والسودان وإثيوبيا باستخدام المياه بصورة عادلة، مشيرا إلى أن مياه نهر النيل ليست مِلك دولة بعينها، وهو ما يستوجب أن يكون التعاون هو الأساس لحل أية خلافات تواجه هذه العلاقات.
وقال أدهانوم، في تصريحات صحفية أدلى بها في ختام الاجتماع السداسي لسد النهضة بالعاصمة السودانية الخرطوم، إنه تم مناقشة القضايا المتعلقة بملف التعاون مع مصر والسودان بشأن سد النهضة، بداية من تقرير اللجنة الدولية الصادر في مايو 2013 مرورا بإعلان المبادئ الذي وقعه قادة الدول الثلاث في الخرطوم مارس الماضي.
فيما أكد الدكتور إبرهيم غندور وزير الخارجية السوداني أن بلاده لا تلعب دور الوسيط بين مصر وأثيوبيا في مفاوضات سد النهضة، قائلا “ولكننا أصحاب حق ومصلحة مشتركة مع الشقيقتين مصر وأثيوبيا”.
وأضاف غندور في تصريحات صحفية في أعقاب ختام الاجتماع السداسي لسد النهضة اليوم السبت بالخرطوم، "لسنا وسطاء ولسنا محايدون ولسنا منحازون، ولكننا أصحاب حق مثلنا مثل مصر وأثيوبيا.. أننا نتحرك في مفاوضات سد النهضة في إطار مصالحنا الوطنية التي تحتم علينا تقريب وجهات النظر بين الأطراف الثلاث.
وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، على حصتها السنوية من مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن السد سيمثل نفعا لها خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضررا على السودان ومصر.