الحكومة توافق على الاكتتاب في زيادة رأس مال البنك الأوروبي لإعادة الإعمار    رئيس جامعة القاهرة يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي سبل التعاون    بحضور وزير التعليم العالي والسفيرة الأمريكية.. استقبال الدفعات الجديدة للمنح المُقدمة من الولايات المتحدة    وزير الدفاع: التحديات الإقليمية تفرض علينا أن نكون على أهبة الاستعداد    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    يحميها بحيوانات مفترسة.. محافظ الدقهلية يضبط أكبر شونة لتجميع الخردة مقامة على أملاك الدولة    رأس المال يسجل 30.4 مليار جنيه.. صعود جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية التعاملات    على هامش التكنولوجيا والاستعمار    «البحث العلمي» تعلن الفائزين بالمشاركة في «تحدي العرب لإنترنت الأشياء» بالإمارات    من هو إبراهيم قبيسي الذي اغتالته إسرائيل؟    مركز بوريا الطبي: 12 مصابا جراء القصف من لبنان خلال 24 ساعة    الصحة اللبنانية: ارتفاع عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني منذ صباح اليوم إلى 15 شهيدا    ماكرون يدعو إيران للعب دور إيجابي في تهدئة شاملة بالشرق الأوسط    الصحة اللبنانية: 15 شهيدًا في غارات إسرائيلية على الجنوب    النائب محمد الرشيدي: جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان تشعل فتيل الصراع بالمنطقة    غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل مواجهة الزمالك في كأس السوبر الإفريقي    رسميًا.. زد يضم نجم الأهلي قبل السوبر الأفريقي    ميكالي يستقر على إقامة معسكر لمنتخب 2005 في التوقف الدولي المقبل (خاص)    مصرع مسن تعرض لصعق كهربائي بمنطقة الدقي    الطقس غدًا.. استفرار الأجواء الخريفية والعظمى على القاهرة تسجل 33°    أول تعليق من أسرة الطفلة «علياء» بعد مقابلة رئيس الوزراء.. ماذا قالت له؟    انخفاض معدل المصابين بالنزلات المعوية في أسوان    خالد جلال: عودة النجم يحيى الفخراني للوقوف على خشبة القومي دافع لزيادة الحراك الفني    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    تفاصيل الحلقة ال 8 من «برغم القانون».. إيمان العاصي تعرف حقيقة زوجها    بعد 10 سنوات من رحيل خالد صالح .. سر وصية دفنه يوم الجمعة وصلاة الجنازة ب عمرو بن العاص    مدير مكتبة الإسكندرية يؤكد على أهمية الشريك العربي الإقليمي لأكاديمية العالم للعلوم للدول النامية للشباب    جامعة طنطا تواصل إطلاق قوافلها لقرى المحافظة    هيئة الدواء: 2% من الأدوية في السوق المصرية منتهية الصلاحية    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    وزارة التموين تحصر أرصدة السكر المتبقية من البقالين    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    توصيل الغاز الطبيعي ب«التقسيط المريح».. جهود دعم مواطني سيناء لا تتوقف    محافظ الوادي الجديد يوجه باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الطلاب المتغيبين عن المدارس    وزير الأشغال اللبناني يؤكد استمرار العمل بمطار بيروت    رحيل مقدم برنامج سر المكان.. معلومات عن الإعلامي أيمن يوسف    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    مجلس الوزراء يعقد اجتماعه الأسبوعي ويبحث الموضوعات المهمة    بينها تجاوز السرعة واستخدام الهاتف.. تحرير 31 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    مع الاحتفاظ بالمصرية.. الداخلية تأذن ل21 مواطنًا التجنس بجنسية أجنبية    وزير الصحة يستقبل ممثلي "نوفارتس" لتعزيز التعاون في تطوير الصناعات الدوائية    وفد "الصحة العالمية" يشيد بجهود الطب الوقائى فى ترصد الأمراض بالتطعيم بالإسماعيلية    نبيل الحلفاوي يدعم الأهلي قبل السوبر الأفريقي : «هديتكم للنسور الجدد الذين انضموا ليسطروا تاريخا»    ليفربول يواجه وست هام يونايتد في كأس كاراباو    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    تكريم الإنسانية    تعديل المخططات التفصيلية لقريتين في محافظة الدقهلية    خبير سياحي: الدولة تقدم خدمات متكاملة في مشروع «التجلي الأعظم»    خالد جلال يناقش خطة عروض البيت الفني للمسرح ل3 شهور مقبلة    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    ضبط 200 ألف علبة سجائر بقصد حجبها عن التداول بالغربية    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    ما أهمية نهر الليطاني في الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟    عاجل.. رد فعل حكم السوبر الأفريقي بعد طلب الزمالك استبعاده.. كيف يدير المباراة؟    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسس واتجاهات التقارب بين الإمارات والصين
نشر في المشهد يوم 14 - 12 - 2015

تتسم السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة بقدر كبير من التوازن في بناء العلاقات مع مختلف الفاعلين على الساحة الدولية، ومن ثم لم يغب التوجه شرقاً عن صانع قرار السياسة الخارجية الإماراتية، وتمت بلورته بشكل خاص من خلال تطوير العلاقات مع الصين؛ إذ بدأت العلاقات الديبلوماسية بين البلدين في عام 1984، لتشهد محطة مهمة مع زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى بكين في عام 1990، وهي الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس دولة على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى الصين، وانعكست إيجابياً على العلاقات التجارية والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
وقالت دراسة نشرتها مركز المستقبل للأباحاث والدراسات المستقبلية، واعدتها دكتور مروة نظير الباحثة المتخصصة في العلاقات الدولية خلال السنوات الأخيرة شهدت العلاقات بين البلدين دفعات عدة بلورتها الزيارات بين المسؤولين رفيعي المستوى من كل من الحكومتين، حيث قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، بزيارة رسمية للصين في عام 2008. وقام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيارتين إليها في عامي 2009 و2012. فيما قام نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية، شيوي تساي هو، بزيارة الإمارات في عام 2010، وقام خه قوه تشيانغ، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة المركزية لفحص الانضباط، بزيارة للإمارات في يوليو 2011.

في هذا السياق تأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الصين خلال الفترة من 13 وحتى 16 ديسمبر الجاري، بناء على دعوة من نائب الرئيس الصيني، لي يوان تشاو، كخطوة لتعزيز العلاقات وتطوير التعاون الاستراتيجي بين البلدين، وذلك وسط توقعات بأن تكون الزيارة فرصة لتوسيع نطاق التبادل التجاري والاقتصادي، فضلا عن التعاون الصناعي والاستثماري.
التفاهمات.. منظور استراتيجي طويل الأجل
يمكن للمتابع لمسار العلاقات الإماراتية- الصينية أن يحدد ملامح مجموعة من التفاهمات الرئيسية بين الجانبي، والتي تشكل في مجملها منظوراً استراتيجياً طويل الأمد يحكم تفاعلات تلك العلاقات، فيما يعد حالة من التلاقي المصلحي بين الجانبين.
وترتبط أولى تلك التفاهمات بالملف النفطي، فالصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وبالتالي فإن سعيها لتحقيق أمن الطاقة من حيث المصادر وطرق الإمداد سيظل المحرك الرئيسي للسياسة الصينية تجاه المنطقة. وقد تسعى الصين إلى تعزيز حضورها في القطاعات الإنتاجية للنفط في منطقة الخليج، معتمدةً في ذلك على أسعارها التنافسية وشروطها المقبولة بشكل أكثر من الشركات الغربية. وفي المقابل تمتلك دولة الإمارات دوراً متوازناً في أسواق النفط العالمية، كونها أحد المنتجين الرئيسيين للنفط في العالم، وتتمتع بانفتاح على مختلف أسواق العالم، فضلاً عن دورها العالمي الرائد في مجال الطاقة المتجددة.
أما ثاني تلك التفاهمات فيرتبط بالفراغ الاستراتيجي الذي خلفه تراجع القوى الكبرى عن التواجد في منطقة الخليج العربي، حيث تتوافق مصالح الطرفين على قبول الوجود الصيني في المنطقة وفق توازنات دقيقة؛ فالصين تتجه لاتباع استراتيجية مضادة للاستراتيجية الأمريكية التي تقوم على أساس احتواء الصعود الصيني في شرق آسيا، ورداً على هذه الاستراتيجية اتخذت الصين على عاتقها الوجود في الفضاء الجيواستراتيجي للولايات المتحدة، خصوصاً في المناطق التي تعاني من فراغ استراتيجي. وعلى الجانب الإماراتي، فإن سياسة عدم التدخل التي اعتمدتها الصين جعلتها حليفًا موثوقًا فيه، خاصة أن بكين لا تنوي التوغل أو الوجود العسكري لضمان الاستقرار في منطقة الخليج.
وتتعلق ثالث تلك التفاهمات بالشؤون الدولية والإقليمية المهمة، إذ يشترك البلدان في مواقف متماثلة أو متشابهة ويحافظان على الاتصالات والتنسيق فيما بينهما، ويظهران تفهماً ودعماً لكل منهما الأخرى في القضايا التي تمس المصالح الجوهرية للجانب الآخر.
وتوجد لجنة إماراتية - صينية مشتركة تعمل على تطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين إلى مستوى أفضل من خلال التنسيق والتشاور، وهو ما تبلور مع الإعلان عن إقامة علاقة شراكة استراتيجية بينهما، توافق البلدان طبقاً بموجبها على دعم الصين للسياسات التي تتخذها دولة الإمارات فيما يتعلق بالسيادة الوطنية وسلامة الأراضي في مقابل دعم الإمارات سياسة صين واحدة، علاوة على تعزيز التعاون في مجالات إنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب والقضاء على الجريمة، وتعزيز التنسيق والتعاون بين البلدين داخل المنظمات الدولية لحماية مصالح كلا البلدين.
اتجاهات التقارب.. الاقتصاد يقود القاطرة والثقافة تدعمها
تحكم مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين منذ انطلاقها وحتى الآن سلسلة من الاتفاقيات في العديد من مجالات التعاون المشترك، من أبرزها: اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني الموقعة في عام 1985، واتفاقية إنشاء اللجنة الاقتصادية المشتركة، واتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المشتركة، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، واتفاقية التعاون في مجال الخدمات الطبية الموقعة في عام 1992، وبروتوكول استيراد النفط من الإمارات، واتفاقية تجارية بين إمارة الشارقة ووزارة التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي الصيني في سبتمبر 1999، فضلا عن اتفاقية التعاون الثقافي والإعلامي في مايو 2001، واتفاقية تبادل المجرمين بين الدولتين في عام 2002.
وعلى مدار السنوات الماضية شهدت العلاقات بين البلدين عدداً من الخطوات التي عكست تطورات ممنهجة على الصعيدين الاقتصادي الذي يعد القاطرة الرئيسة للعلاقات، والثقافي الذي يشكل داعماً مهماً لها.
على الصعيد الاقتصادي، شهد عام 2004 افتتاح سوق "التنين" التجاري أو (دراغون مارت) في دبي، وهو أكبر مركز لتجارة البضائع الصينية وتوزيعها، وأطلق عليه اسم "التنين" نظراً لحجمه الضخم وشكله على هيئة "التنين". ويرمز لتنامي العلاقات بين البلدين. وفي عام 2010 تم افتتاح أول قنصلية إماراتية في شنغهاي لتنشيط علاقات التبادل التجاري والاقتصادي والسياحي مع الصين، وإنشاء جناح ضخم لدولة الإمارات في معرض إكسبو شانغهاي الدولي في نفس العام.
وطبقاً للإحصاءات الرسمية، فقد نما حجم التجارة الثنائية بين البلدين بنسبة 35% سنوياً خلال السنوات العشر الماضية، ووضح ذلك بشكل خاص خلال السنوات الخمس الأخيرة، حتى إن الإمارات أضحت بوابة الشركات الصينية التي تعمل في منطقة الشرق الوسط. وهناك حوالي 70% من الصادرات الصينية إلى الإمارات يُعَاد تصديرها إلى دول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا وحتى أوروبا.
وبصفة عامة فإن نحو 300 ألف مواطن صيني يقيمون ويعملون في دولة الإمارات، إلى جانب أكثر من 4000 شركة صينية و249 وكالة تجارية صينية وأكثر من 5451 علامة تجارية صينية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد الإماراتية. فيما بلغ حجم استثمارات الشركات الصينية في الإمارات حوالي 2.3 مليار دولار، وهناك 650 مشروعاً للشركات الإماراتية تعمل بالصين في مختلف القطاعات الاقتصادية.
ومنذ عام 2007، أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات (بعد اليابان). وتعد الإمارات أكبر دولة من حيث التجارة غير النفطية في منطقة الخليج بالنسبة للصين؛ فقد زاد حجم التجارة الثنائية من حوالي خمسة مليارات دولار أمريكي إلى 25.7 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من عام 2006 إلى عام 2010. وبلغ حجم التبادل التجاري 35.6 مليار دولار أمريكي في عام 2011.
أما القيمة الإجمالية لحجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين، فتجاوزت 35.2 مليار دولار خلال عام 2014. ويتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 100 مليار دولار بنهاية عام 2015.
أما على صعيد تطور العلاقات الثقافية، فقد برز ذلك في الآونة الأخيرة في عدة مظاهر، لعل أبرزها إقامة معهد كونفوشيوس في جامعة دبي في ربيع عام 2011 كأول معهد يدشن من نوعه في الخليج. ونظم المعهد دورات لتعليم اللغة الصينية. ويقوم بأنشطة متعددة حول الثقافة الصينية في الجامعات الإماراتية يُلقِي خلالها معلمون صينيون محاضرات حول اللغة والثقافة الصينية في جامعة دبي وجامعة الإمارات. كما تم تأسيس مدرسة لتعليم اللغتين الصينية والعربية في أبوظبي بمبادرة من ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وشهد معرض بكين الدولي للكتاب عام 2015 اختيار الإمارات ضيف شرف فيما يعد تقديراً وتكريماً من قبل الحكومة الصينية للدور الذي تلعبه الإمارات في المحافل الدولية. وتشمل الفعاليات الثقافية كذلك تنظيم أسبوع ثقافي إماراتي في بكين، وإقامة معرض التصوير الفوتوغرافي “الإمارات في عيون الصينيين”، ليلقي الضوء على مختلف جوانب الحياة في دولة الإمارات.
وبشكل إجمالي من المنتظر أن تشهد علاقات البلدين دفعة جديدة مع المضي قدماً في مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الذي يمثل شبكة شاملة تجمع الصين ووسط آسيا وروسيا وأوروبا وتربط الصين بالخليج والبحر المتوسط، كما تربطها بجنوب شرق آسيا وجنوب آسيا والمحيط الهندي، ما يخلق شبكة تجارية إقليمية ضخمة. ويمكن لدولة الإمارات أن تضيف لهذه المبادرة الطموحة في ظل ما تتمتع به من بنية تحتية متقدمة وخدمات لوجستية متطورة، بما يؤهلها لكي تلعب دوراً محورياً على طريق الحرير الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.