لا أدرى ماذا ألم بى عندما قرأت المانشيتات التى تقول السيسى يبحث مع علماء مصر إنشاء لجنة لتنمية الضمير والأخلاق فى المجتمع.. أصارحكم أننى دخلت فى نوبة تفكير عميقة سيطرت على كل كيانى وأنا استزيد من التفاصيل عن اقتراح مجلس علماء وخبراء مصر إنشاء لجنة لتنمية الأخلاق والضمير وتعزيز قيم العمل والانتماء لتباشر عملها تحت رعاية مؤسسة الرئاسة ورد الرئيس السيسى على اقتراحهم بالثناء والتأكيد على أن منظومة القيم والأخلاق فى المجتمع تعد الحاكم الأول لسلوك المواطنين فى المجتمع وتقوم بدور جوهرى فى تقدم الشعوب والأوطان وتمثل حافزاً ووازعا لمزيد من العمل والإنتاج فضلا عن نشر الرقى والتحضر فى كل مناحى الحياة سواء فى الشارع المصرى أو على المستويين الثقافى والأدبى. وجدت نفسى أفكر فى معايير اختيار أعضاء هذه اللجنة ومعايير اختيار رئيسها.. قلت لنفسى المعايير واضحة.. سيتم اختيار الأعضاء ممن يملكون الأخلاق الفاضلة مثل الصدق والطهارة والشجاعة فى قول الحق والمروءة والكرم والشهامة أما رئيس اللجنة فسيكون ممن يملكون كل هذه القيم مع ضمير حى يقظ متقد لا يأخذ إجازات.. سألت نفسى وهل تكفى الأجهزة المعتادة التى تقدم تقاريرها التى تعطى الضوء الأخضر أمام تعيين كبار المسئولين فى مناصبهم أم أن الأمر سيتطلب استحداث جهات رقابية جديدة مثل الجهاز المركزى لكشف الكذب والإدارة العامة للذمم والرقابة الضميرية ومباحث الانفلات الأخلاقى.. وسألت نفسى هل يتعين على هذه اللجنة التعاون مع دول أخرى والنهل من أخلاقياتها وضمائرها.. وعلى الفور قلت اليابان اليابان التى تعلمنا أن شعبها يمتاز بالأدب الجم والذوق الرفيع وتقديس العمل بدرجة تجعل من يقصر فى عمله أو يفشل فى مهمة يقدم على الانتحار حتى يتخلص مما يراه عارا وخيانة لمنظومة القيم والأخلاق اليابانية، وبالطبع قلت إذن سيتم استبعاد التعاون مع اليابان. فكرت أيضا فى أقسام وإدارات هذه اللجنة.. قلت حتما سيكون على رأسها الإدارة العامة للصدق والإدارة العامة للأمانة والإدارة العامة للإخلاص والإدارة العامة لإتقان العمل.. أفقت من هذه التقسيمات للإدارات والأقسام على سؤال هل حقا نحتاج لإنشاء لجنة لتنمية الأخلاق والضمير أو بالأحرى ما جدوى مثل هذه اللجنة وما إمكانية نجاحها وهل طلب من اقترحوها العمل تحت رعاية رئاسة الجمهورية يبشر بنجاحها؟!! أسئلة كثيرة لم أجد لها إجابة لكننى وجدت نفسى أتذكر كتاب فجر الضمير الذى ألفه عالم الأثريات الأمريكى جيمس برستيد وترجمه عالم الآثار المصرى سليم حسن قبل عشرات السنين وبرهن فيه على أن المصريين القدماء من أوائل من وضعوا أسس الضمير الإنسانى.. قلت لنفسى ثانية ولدينا قوانين الماعت ال42 والتى تبرهن على أن المصرى كان فى عهود مضت يتمتع بضمير حى فها هو يتبرأ من الأفعال المشينة فيقول على سبيل المثال لا الحصر: أنا لم ارتكب خطيئة، أنا لم أسرق، أنا لم أقتل، أنا لم أكذب، أنا لم أتصرف بكبر وغطرسة، أنا لم أسلب الأخرين ممتلكاتهم، أنا لم ألوث النيل وأنا لم أغلق أذناى عن سماع كلمة الحق (مهمة جدا هذه الأخيرة) ولا أدرى لماذا تذكرت رواية يوسف السباعى التى صدرت عام 1948 (أرض النفاق)التى تحولت لفيلم سينمائى وتذكرت الحوار بين بائع الأخلاق عبد الرحيم الزرقانى وفؤاد المهندس والذى شكا من انعدام الطلب على الأخلاق الحميدة ووقوف الناس بالطوابير للحصول على حبوب النفاق والتماسها (بائع الأخلاق) العذر لهم لأن من أخذ حبوب الصدق قتل وراح ضحية مجاهرته بكلمة الحق.... الأخلاق الحسنة والسيئة وجدت منذ بدء الخليقة وستستمر ولن تستطيع ملايين اللجان تغيير ذلك والمدينة الفاضلة حلم ويوتوبيا مثلما أن اجتماع الكل على قلب رجل واحد حلم بل من أضغاث الأحلام. المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية