كثيرا ما اجتهدت فى إخفاء خوفى....فلحظة غروب الشمس -التى تتجسد وتلاحظ بقوة عندما يكون الإنسان على البحر - تخيفنى بشدة واجتهادى فى إخفاء خوفى منها قطع شوطاً كبيراً فتصورت الشمس تدخل فى قبلة حارة وساخنة جداً مع البحر...وتصورتهما الشمس والبحر يدخلان فى عناق عميق يشتعل فيه البحر دفئا وتذوب فيه الشمس رقة لكن هذه الصور التى نسجتها لإخفاء خوفى من الغروب لم تنجح لا فى القضاء أو حتى فى تحجيم خوفى فالغروب بالنسبة لى يعنى(الأفول)و(الرحيل)و(الفراق)و(الغياب) لحظات الغروب تدفعنى دفعا للتفكير فى الراحلين والغائبين وخاصة ممن كانوا بالنسبة لى شموسا تمنحنى الدفء وتمنحنى الضوء الساطع الذى يضيء لى الطريق.. .الغروب يذكرنى بالمسلسل الرهيب( حديث الصباح والمساء) المأخوذ عن قصة للأديب الكبير نجيب محفوظ والتى كانت كل حلقاته تختم بالغروب أو الرحيل والغياب أو موت شخصية من شخصيات المسلسل...المسلسل كان يدور حول الأرحام التى تدفع والأرض التى تبلع...وفى حلقة من الحلقات وفى أثناء الاحتفال ب(سبوع) مولود جديد وغناء حلقاتك برجالاتك حانت لحظة غروب الجد(لعب الدور بصورة رائعة الفنان توفيق عبدالحميد) وبمناسبة الأرض التى تبلع...بعد عدة خطوات لى فى البحر الأبيض المتوسط فى الساحل الشمالى أحسست بالأرض تمور مورا تحت قدماى واحسست بهبوط أرضى مفاجئ والامواج تجرف الرمال بقوة من تحتى.... أحسست بالغروب والشمس فى كبد السماء...أثرت السلامة وانسحبت من البحر وجلست ساكنا فى انتظار الغروب ولملمة أشيائي وايامى والعودة من حيث أتيت عدت إلى المنزل أو الشاليه (لا توجد كلمة أجمل من الدار ودارنا وأهل الدار) وجلست فى التراس ارقب القمر ...سمعت زغرودة من الجانب الأيسر من الشاليهات ورد الجانب الأيمن بزغرودة أكثر قوة....قلت خير واستسلمت للنوم الذى يداعب جفونى. فى الصباح الباكر وجدت خيوط الشمس البيضاء تملأ الغرفة ووجدت من يوقظنى برقة ويقول لابد من السفر فورا...قلت غروب جديد فى عز الشروق....سبحانك يا حي يا قيوم يامن جعلت الشروق والغرب والشمس والقمر والليل والنهار والحياة والموت آيات لعلنا نتعظ ونتدبر ولا نغتر ونتواضع ونخفض الجناح المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية