هيمنت الأحداث والتطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة على الاهتمامات التي عالجها العدد الثاني عشر (يوليو 2015) من دورية "اتجاهات الأحداث"، والتي تصدر شهرياً عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بأبوظبي. ظهرت ملامح هذه التطورات المتلاحقة في افتتاحية العدد بقلم الدكتور محمد عبدالسلام، المدير الأكاديمي للمركز، تحت عنوان "مداخل التفاعل مع التطورات السريعة المركبة في الشرق الأوسط"، والتي تناول فيها المفاهيم التي تشكل ملامح عالم المتغيرات والتحولات الكبرى في العلاقات الدولية؛ فالتغيرات تتم بشكل أسرع من القدرة على ملاحقتها أحياناً، ويجري ذلك وفق أنماط شديدة التعقيد لا تسير في اتجاه واحد، مما يقود إلى أحداث غير متوقعة. وأشارت الافتتاحية إلى أحد النماذج التوضيحية التقليدية التي يتكرر استخدامها للتعبير عن مشكلات التعامل مع الواقع المتغير، وهو ما يرتبط بالفارق بين "التنشين" على هدف ثابت و"التصويب" على هدف متحرك، إذ تبدأ المشكلة الحقيقية عندما يتم تجاوز النماذج البسيطة من التفكير إلى نماذج تعبر أكثر عما يدور، لتمارس العديد من الدول استراتيجيات مثل الاحتواء والتحجيم بعيداً عن الحسم بأساليب فعالة؛ فربما يكون هذا أنسب الوسائل للتعامل طريقة مختلفة مع عالم شديد التعقيد. وألقت دراسة العدد الضوء على الداخل التركي حيث هناك العديد من التحولات المتوقعة بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 يونيو الماضي، فتحت عنوان "تحولات أنقرة.. المساران المحتملان لتحقيق التوازن أو الأزمة المفتوحة داخل تركيا"، يناقش خورشيد دلي، الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون التركية والكردية بداية أفول حزب العدالة والتنمية، وطموحات أروغان، ودور المؤسسة العسكرية في المشهد السياسي، علاوة على الانقسامات الأفقية والعمودية في تركيا، والصعود السياسي للكرد في الداخل التركي. ويطرح باب "آراء المستقبل" عدداً من التساؤلات والقضايا، أولها جاء تحت عنوان "ماذا يريد الهاكرز؟"، إذ حاول عادل عبدالمنعم، خبير أمن المعلومات بالاتحاد الدولي للاتصالات، توضيح سمات "الهاكرز" وماذا يدور في أذهانهم. أما المفكر البحريني الدكتور علي محمد فخرو، فقد ناقش تساؤلاً مفاده "كيف يفكر المهاجر غير الشرعي؟" من خلال تناوله لدوافع الهجرة الغير شرعية، وكيف يفكر المهاجر غير الشرعي حينما يسعى نحو المجهول. الموضوع الثالث في هذا اللاب حمل عنوان "لماذا يتزايد الاندفاع الاستهلاكي في رمضان؟"، حيث تناولت الكاتبة الإماراتية، عائشة سلطان، الثقافة الاستهلاكية العربية، وكيف أن للإعلانات دور مهم في زيادة الاستهلاك في شهر رمضان، بالإضافة إلى دور العوامل النفسية والاجتماعية. من جانبه حاول المستشار الإعلامي والرئيس السابق لشبكة بي بي سي العربية، حسام السكري، تقديم إجابة لسؤال مهم يشغل المواطن العربي، وهو: "لماذا يغيب الإعلام المهني في العالم العربي؟". أما باب التحليلات، فقد قدم تحليلات مختلفة ذات أبعاد أمنية وسياسية واقتصادية وتكنولوجية ومجتمعية. وجاء الموضوع الأول للباحثة الدكتورة رضوى عمار تحت عنوان "علاقات المصالح.. تعاون استراتيجي دون ثقة في العلاقات الدولية"، إذ تناولت مفهوم الثقة وعوامل تآكلها في العلاقات الدولية، ومدى تأثير الثقة على التعاون بين الدول. واستكمالاً للقضايا ذات الطابع الأمني والسياسي معاً، أوضح الدكتور خالد حنفي في موضوع "حساسية الصراع.. تداعيات متصاعدة للتدخلات الخارجية في الصراعات الداخلية"، مفهوم حساسية الصراع، ولماذا تصاعدت مداخل حساسية الصراع؟ وكذلك تداعيات حساسية الصراع، وأخيراً حساسية الصراع والتدخلات الرسمية. وتحت عنوان "عوائق الفاعلية.. المتاعب المتتالية لتحالفات الدول في مواجهة الإرهاب" يحلل الدكتور شادي عبدالوهاب لماذا يختلف الحلفاء حول تعريفهم للإرهاب، حيث تتفاوت المصالح بين أعضاء التحالف، متطرقاً إلى التهديدات الانتقامية للتنظيمات الإرهابية، وكيف يُمكن تجنب الأعباء المترتبة على التحالف، بالإضافة إلى تدني شعبية التحالف مع الولاياتالمتحدة وعلاقة ذلك الصراعات الداخلية في بعض الدول. وفي السياق ذاته كتب نائب رئيس التحرير بمركز المسبار للدراسات والبحوث، عمر البشير الترابي، تحليلاً تحت عنوان "تجفيف المنابع.. الآليات غير العسكرية لمواجهة تنظيم داعش"، ناقش فيه أبعاد المواجهة غير العسكرية مع داعش، وآليات استعادة الاستقرار في بؤر الإرهاب، وكيفية احتواء تدفقات المقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى مكافحة التدفقات المالية للإرهابيين ومكافحة الاستراتيجية الإعلامية لداعش، وأخيراً تقييم فاعلية الآليات التنسيقية الدولية. وانتقالاً إلى موضوع أمني له أبعاد اجتماعية، كتبت الدكتورة إسراء إسماعيل، تحليلاً عنوانه: "المعادلات الحرجة.. ماذا يحدث عندما تتصادم اعتبارات الأمن مع الحقوق المدنية؟"، حيث أوضحت تداعيات إجراءات مكافحة التنظيمات الإرهابية والإرهاب على الحريات، وإشكاليات التوفيق بين الأمن والحرية. وإلى الموضوعات ذات الأبعاد الاجتماعية، تتناول الباحثة سارة يحيى موضوع "العدالة الموازية.. أسباب اللجوء إلى وسائل بديلة لتسوية المنازعات القانونية"، وفيه تقدم نشوء وتطور نظم العدالة الموازية، والعدالة الموازية في قوانين الدول العربية، وبعض النماذج التطبيقية للعدالة الموازية، ومؤسسات التدريب على العدالة الموازية، ثم العدالة الموازية الإلكترونية. من جانبه يناقش الدكتور محمد مجاهد الزيات موضوع "الترحيل القسري.. تغيرات ديموغرافية واسعة في المشرق العربي"، حيث يوضح ماهية التغيير الديموغرافي في القانون الدولي، وتداعيات تغيير الخريطة الديموغرافية في كل من العراق وسوريا ولبنان على التركيبة السكانية. وفيما يختص بالموضوعات الاقتصادية، يناقش الباحث محمد عبد المعطي موضوع "إشكالية مزمنة.. أبعاد غير تقليدية لفرض الضرائب في السياسات العامة"، حيث يشير إلى أسباب ومؤشرات تصاعد ما يعرف ب "سياسات الجباية"، واتجاهاتها، والتداعيات المحتملة لتصاعد معدلات الضرائب، وأخيراً بدائل تعزيز الكفاءة الضريبية. وتتناول الباحثة نوران شريف مراد "صراعات الأجواء.. تنافس حاد بين شركات الطيران العالمية"، لتوضح التحولات الاقتصادية في صناعة الطيران، ومؤشرات التنافس العالمي بين شركات الطيران، ودلالات التنافس بين شركات الطيران الكبرى، وأخيراً مستقبل التنافس العالمي في الأجواء. وفيما يتعلق بموضوعات باب (كيف يفكر العالم الثاني؟)، والذي يركز على تناول التهديدات والاضطرابات والتوتر في مناطق ودول مهمة بالعالم وفقاً لباحثين ومتخصصين من داخل هذه المناطق؛ فقد جاء أولها تحت عنوان "تهديدات متصاعدة.. قلق إزاء تمدد داعش في جنوب شرق آسيا، وناقش الموضوع الثاني عودة الحركات الاحتجاجية إلى شوارع أمريكا اللاتينية، ثم تناول الموضوع الثالث "التوتر المحتدم والتشاحن الأمريكي – الروسي تحت مظلة حلف الناتو، وأخيراً ناقش الموضوع الرابع "معضلة ملكية الأرض في قارة أفريقيا". أما "مكتبة المستقبل"، فقد ركزت في هذا العدد على موضوع "الدول المتداعية" والسيناريوهات المحتملة لتصاعد قوة الفاعلين من غير الدول في الشرق الأوسط، من خلال رصد وعرض موجز لأهم ما تداولته مراكز الفكر والبحث العالمية في هذا الصدد. وقد ناقش ملحق "مفاهيم المستقبل"، والمعني بتحليل المفاهيم والمقولات النظرية الأساسية التي تساهم في تحليل ظاهرة ما، فقد جاء تحت عنوان "Psychological Operations .. الملامح العامة للعمليات النفسية في حروب الجيل الرابع"، واهتمت موضوعاته الأربعة بالعمليات النفسية من حيث أبعادها وكيفية إدارتها وتطبيقاتها، وكذلك التحكم عن بعد في توظيف المتطرفين للعمليات النفسية في تجنيد الإرهابيين، وأيضاً المجتمعات الهشة والتطرق للنقاط الخمسة في الدول القابلة للاختراق، وأخيراً تحديات جدية في كيفية مواجهة الدول للعمليات النفسية، وكتب موضوعات هذا الملحق كل من الدكتور معتزبالله عبدالفتاح، والدكتور قدري حفني، والدكتور سعيد المصري، والأستاذ مصطفى سالم. أما ملحق "تقرير المستقبل"، والذي حمل "كيف يروننا؟ الكتب الأكثر انتشاراً حول الإسلام والمسلمين في دور النشر الغربية بعد عام 2011"، فقد قدم للقراء عرضاً موجزاً لأبرز الكتب الغربية التي تتناول الإسلام والمسلمين، موضحاً أهم الرؤى السائدة وكيفية التعامل معها واستشراف مستقبلها، وكذلك موضوع الإسلاميين والسلطة منذ الانتفاضات العربية، وأخيراً وجهة نظر بعض الكتابات في كيفية مواجهة التنظيمات المتطرفة من "القاعدة" إلى "داعش".