اللهجة الصعيدية المقدمة في بعض الافلام والمسلسلات المصرية يعبر بعضها بصدق عن الواقع الصعيدي والبعض الاخر يقدم مجرد قشور تثير السخرية اكثر مما تقدم شيئآ حقيقيآ وعن هذه اللهجة والاعمال التي استخدمتها يقول الناقد الفني محمود عبد الشكور: "إن اللهجة الصعيدية ثلاثة عناصر متكاملة هى المفردات والتراكيب والإيقاع، بدون هذا التكامل ستخرج اللهجة مضحكة، فمن الممكن ان تكون المفردة صعيدية لكن تركيب الجملة ليس صعيدىآ (يعنى ما بنقولهاش كدة كجملة) وممكن الاتنين (المفردة وتركيب الجملة) يكونوا صعيدى لكن إيقاع وجرس الإلقاء ليس هكذا، يضاف الى ذلك الفروق الدقيقة بين المناطق المختلفة واللهجات الخاصة جدا بين مثلا قرية منياوية (كما فى دعاء الكروان) وأخرى سوهاجية (كما فى عرق البلح) وثالثة فى الأقصر (الطوق والأسورة) وإذا اعتقد الممثل إن اللهجة الصعيدية معناها أن تحوّل القاف الى جيم فقط، وإنك تصرخ وتبرق عينيك، فهو لا يعرف شيئا عن الصعيد. اللهجة واللغة عموما ليست مجرد أصوات والسلام، ولكنها تعبير عن ثقافة وشخصية وطريقة حياة والثقافة الصعيدية (واللهجة بالتبعية) شديدة الثراء لأنها تعبير وانعكاس للثقافات الثلاث الكبرى المكونة للهوية المصرية، أعنى بذلك الفرعونية والقبطية والعربية، والصيغة المثلى ليست إن الممثل يعتمد على مصحح اللهجة ولكن أن يذهب الى المكان إذا استطاع، يعايش الناس ويسمعهم فيتحدث بطريقتهم، مثلا: الثقافة الصعيدية تميل الى التجسيم والوضوح، وكانها تعكس سطوة الجبل وهو يحاصر الوادى، وكأنها تعكس صراحة وقوة الشمس فى الفضاء المكشوف، فتأتى اللهجة لتعبر عن ذلك، فلا يكفى مثلا أن تقول "ماسخ" بالسين، ولكنها تتحول عندنا الى لفظ يملأ الفم ويجسم المعنى هو:" ماصخ"، هذا الجرس للكلمة يصنع إيقاعا خرج من البيئة نفسها ، واصبح جزءا منها ، هكذا تعلمنا تدريجيا أن اللهجة هى التعبير المسموع عن طريقة الحياة ، كالجلباب الصعيدى واسع الأكمام ذى العبّ الفضفاض الذى يتناسب مع الحرارة الشديدة، وهذا هو مدخل إتقان اللهجة: فهم الثقافة والمعايشة وليس الحفظ والتلقين والتصحيح."