مصر والمجر تبحثان سبل تعزيز التعاون في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    حكومة المالديف تحظر دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية    سبورتنج يكسر يد الزمالك ويتوج بطلاً لكأس مصر    تأجيل محاكمة سيدة قتلت زوجها بمساعدة شقيقه بمنطقة الصف    داليا عبدالرحيم: وسائل الإعلام الجديدة أحدثت ثورة نوعية في المحتوى الاتصالي    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    طلعت عبد القوى: الحوار الوطنى توافق على تأييد كل خطوات الرئيس فى دعم غزة    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    رئيس النيابة الإدارية يشهد حفل تكريم المستشارين المحاضرين بمركز التدريب القضائي    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    حسن شحاتة يشارك بالاجتماع التنسيقي للمجموعة العربية المشاركة في مؤتمر العمل بجنيف    تراجع ترامب عن حظره تيك توك.. ونشر أول فيديو خلال بطولة ملاكمة    «في 20 دقيقة».. كيف تتخلص من سم الأسماك الخطيرة قبل انتشاره بالجسم    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    جنايات السويس تقضى بإعدام قاتل صديقه.. تسلل إلى منزله وطعنه بسكين    «حياة كريمة» توقع اتفاقية لتوفير علاجات مبتكرة للمواطنين الأكثر احتياجا    بالصور.. حسن شاكوش وحمو بيكا في عزاء والدة محمود الليثي    بعد أنباء تعرضه لنزيف حاد ب الأنف.. جورج وسوف يكشف موعد حفله المقبل    مجلس الحرب يشير على طاقم المفاوضات بعدم كشف العرض الإسرائيلي خشية تسريبه    حظك اليوم 3 يونيو 2024 لمواليد برج القوس    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    بشرى وضيوف مهرجان روتردام للفيلم العربي يزورون باخرة اللاجئين    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    فعاليات متنوعة للأطفال بالمكتبة المتنقلة ضمن أنشطة قصور الثقافة ببشاير الخير    فيلم "بنقدر ظروفك" يحتل المركز الرابع في شباك التذاكر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    طريقة عمل دجاج كنتاكي المقرمشة، أحلى من المطاعم    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    توني كروس يصل ل300 انتصار مع الريال بعد التتويج بدوري أبطال أوروبا    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    غرفة عمليات «طيبة التكنولوجية»: امتحانات نهاية العام دون شكاوى من الطلاب    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاوف أمريكية وإسرائيلية من تداعيات أول زيارة لرئيس مصري لإيران منذ أكثر من ثلاثة عقود
نشر في القاهرة يوم 04 - 09 - 2012

يأتي ذلك بينما الأجواء في إسرائيل متجهة للاستعداد لشن ضربة عسكرية مباشرة ضد المنشآت النووية الإيرانية، بالرغم من الجدل الداخلي الذي يعصف بأي صيغة توافقية داخلية في هذا الصدد، وبالرغم من معارضة الولايات المتحدة لهذه الخطوة، في خضم تطورات عام انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر إجراؤها في نوفمبر القادم، ومن غير المعروف، ما إذا كان الموقف الأمريكي سيتغير إزاء هذه الحرب المتوقعة بعد انقضاء المناسبة الانتخابية . علي صعيد ثالث، لا تبدو العلاقات المصرية الإسرائيلية تسير سيرها المعتاد في ظل تداعيات أحداث رفح الإرهابية التي أودت بحياة 16 مواطنا مصريا، مما أثار غضبا " شعبيا وسياسيا عارما "، تجددت معه الاقتراحات بتعديل اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، وتطورات أخري تتعلق بالموقف العسكري في شبه جزيرة سيناء . ويجري ذلك وغيره علي خلفية توجه أمريكي لتكثيف وجودها العسكري في الشرق الأوسط، تحسبا لتطورات الموقف في إيران، واحتمالات ضربة عسكرية لطهران، والأحداث المتوقعة في سوريا إذا ما سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد . مصر تقدر دوائر عديدة في منطقة الشرق الأوسط وفي الولايات المتحدة أهمية زيارة الرئيس محمد مرسي لطهران، وهي الأولي لرئيس مصري منذ الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979، باعتبارها تطورا نوعيا ستكون له انعكاسات مؤثرة في المستقبل القريب، سواء علي مستوي العلاقات الثنائية بين مصر وإيران، أو علي مستوي الموقف الإقليمي والعلاقات الإيرانية الخليجية، وصولا إلي مستوي العلاقات الأمريكية العربية . ومن بديهيات الظواهر الماثلة حاليا في المنطقة العربية ،أن هذه الزيارة وتداعياتها المرتقبة، ليست سوي ثمرة مباشرة لثورة 25 يناير في مصر، وسقوط حكم الرئيس مبارك، الحليف الأمريكي الدائم، ثم ما أعقب ذلك من تطورات وانتخابات جاءت بالإسلاميين إلي قمة السلطة، وتولي رئيس " إخواني " منصب الرئاسة في مصر، مما أظهر توجهات إيجابية مصرية علي المستوي الرسمي تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بصورة كانت تبدو في بعض الأحيان صريحة ومباشرة، وفي أحيان أخري " كامنة " وغير مباشرة تحسبا لمواقف عربية وعالمية، تضمر عداء صريحا ضد إيران، علي خلفية تطورات برنامجها النووي، واحتمالات وصولها إلي تصنيع القنبلة النووية، وبسبب موقفها العدائي الصريح تجاه إسرائيل . وما يمكن ملاحظته بوضوح، أنه بالنسبة لزيارة الرئيس مرسي لإيران، وما أثارته من تكهنات عربية وأمريكية، فقد حرصت القاهرة رسميا علي التقليل من شأن الزيارة والتخفيف من تأثيراتها علي الصديق الأمريكي من ناحية، والصديق الخليجي من ناحية أخري، وتكررت في سياق ذلك تصريحات المتحدث باسم الرئاسة المصرية والتي أكدت أن زيارة الرئيس لإيران هي زيارة " بروتوكولية " انطلاقا من رئاسة مصر لقمة عدم الانحياز لمدة ثلاث سنوات، وأنه من الضروري أن تسلم مصر لإيران رئاسة القمة، وعندما سئل المتحدث عن آفاق المباحثات الثنائية التي ستجري بين الرئيس محمد مرسي والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لم يجد بدا من التصريح بأنها ستتناول بعض أوجه التعاون بين البلدين . غير أن المتحدث الرئاسي كان حريصا علي تأكيد أنه ليست هناك نية لعودة التمثيل الدبلوماسي بين مصر وإيران، وأن هذا الأمر غير وارد في المرحلة الحالية، وأن المهم هو وجود التعاون والاتصال والتشاور . في الوقت نفسه، لوحظ أن بعض التصريحات التي تصدر من القاهرة تسعي لإبراز التوجه المصري الجديد بعد ثورة 25 يناير، في أن تكون لمصر سياساتها " الحرة والمستقلة " فيما يتعلق برسم خطوط واختيارات سياستها الخارجية، واختيار الدول التي تتخذ منها موقف الصداقة ودفع علاقات التعاون، بغض النظر عن موقف " الصديق الأمريكي "، فعندما أبدت واشنطن قلقها من التمثيل الدبلوماسي رفيع المستوي في قمة عدم الانحياز، وطالبت بضرورة توافق جميع الأطراف التي تشارك في القمة علي أهمية تنفيذ القرارات الخاصة بالأمم المتحدة واتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وأن تلتزم جميع الدول بتنفيذ قرارات وبنود هذه الاتفاقيات ( في إشارة إلي مسألة مقاطعة إيران والخضوع لمستلزمات العقوبات المفروضة عليها ) فإن المتحدث الرسمي المصري رد علي ذلك بأن لمصر الحق في اتخاذ ما تراه بشأن مشاركتها في قمة طهران، وأن مصر لا تقبل التدخل الخارجي في شئونها، وأن ملف العلاقات المصرية الخارجية هو من الملفات المهة والخاصة جدا، وهو من ملفات " السيادة الدولية " . ويمكن القول بوجه عام إن الخط السياسي المصري في المرحلة الراهنة يتوزع بين اتجاهين اثنين، الأول هو محاولة استرضاء الصديق الأمريكي، الذي أيد ورعي وتفاهم بقوة فيما يتعلق بوصول الإخوان المسلمين إلي السلطة، وتغاضي تماما عن الدعوات التي تحذر من تأسيس حكم ديني، أو دولة إسلامية في مصر، أما الاتجاه الثاني فيتمثل في التمسك بثوابت المشروع الإخواني، والالتزامات التي يفرضها مشروعهم الإسلامي في كل علاقاتهم، سواء منها ما كانوا يؤمنون به قبل وصولهم إلي السلطة، أو ما يتعلق بخططهم بعد التربع علي قمتها دون منافس تقريبا . ومن هنا، نري أن خطوط السياسة الداخلية و الخارجية في مصر حاليا، تسعي لاتخاذ مواقف مرنة بما يمكن معه وصفها بالسياسات "الفضفاضة"، وبحيث يمكن تغييرها أو تعديلها مستقبلا، علي حسب الأحوال، وبحيث يمكن إرضاء جميع الأطراف في وقت واحد . وتؤكد عدة أطراف معنية في مصر بأنه بالنسبة للعلاقات مع إيران علي وجه التحديد، فإنها يتعين أن تقوم علي " المصلحة القومية " ومصالح مصر العليا ، ووفقا لاستراتيجية ورؤية سياسية واضحة، وبما يتجاوز عنصر التقارب الأيديولوجي . بين الشرق والغرب تساءلت بعض الدوائر : لماذا قام الرئيس المصري بأول زياراته العالمية «خارج الدائرتين العربية والأفريقية» إلي الصين وإيران، والاتجاه شرقا، في حين كان الأولي به أن يتجه في بدايات حكمه لزيارة الولايات المتحدة والدول الأوروبية ؟ وفي معرض التفسيرات المطروحة يقال إن جولة الرئيس الخارجية لزيارة الصين وإيران ذات طابع وأهداف اقتصادية بامتياز، وتتعلق بالتصور المصري الراهن لحل المشكلة الاقتصادية وجذب الاستثمارات الخارجية، والاتجاه للحصول علي الدعم الصيني أساسا في هذا الصدد، انطلاقا من توجه الرئاسة المصرية لإعادة التوازن في العلاقات المصرية الخارجية خلال المرحلة المقبلة، والانفتاح علي عدة دوائر عالمية والاستفادة من تجاربها، وخاصة التجربة الاقتصادية في الصين، وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلي 7 مليارات و240 مليون دولار أمريكي، وتجاوز إجمالي الاستثمارات الصينية في مصر 500 مليون دولار، ورفعت الصين الحظر علي سفر السائحين من مواطنيها إلي عدد من المدن المصرية هي الغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان، وفي 15 نوفمبر 2011 تم افتتاح أول مكتب مصري ثقافي في الصين، وفي أثناء زيارة الرئيس مرسي للصين، تم توقيع 8 اتفاقيات بين البلدين تشمل مجالات الزراعة والسياحة والتجارة والاستثمارات البيئية. ومن شواهد الأمور، يبدو أن المسألة الاقتصادية في مصر تحتل مكان الصدارة علي عدة مستويات نظرا لوصول الأزمة إلي حدود خطيرة، لذلك نري أن " التجاذب " المصري الأمريكي في المرحلة الحالية يركز في الشأن المصري علي المسائل الاقتصادية في المقام الأول، وتحديدا، نتائج الزيارة التي قامت بها كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي للقاهرة مؤخرا، لمناقشة القرض المصري المرتقب من الصندوق، ويبدي الجانب الأمريكي مساندته للحوار المصري مع الصندوق، وبالإضافة إلي ذلك تؤكد واشنطن أنها بصدد اجراء حوار مع القاهرة حول احتياجات مصر علي الصعيد الاقتصادي، والمساعدات التي يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة في هذا الصدد . ومن الملاحظات المهمة أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عندما أجرت حديثا هاتفيا منذ أيام مع وزير الخارجية المصري محمد كمال عمرو، فقد ركزت في حديثها علي جانبين رئيسيين : الموقف الاقتصادي في مصر والمحادثات مع صندوق النقد الدولي، وضرورة استمرار فتح قنوات الاتصال بين مصر وإسرائيل. وفي ضوء ذلك، فإنه لا يخفي أن مسألة المساعدة الأمريكية لمصر ترتبط ارتباطا مباشرا بالموقف المصري من إسرائيل، وحتمية احترام بنود معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وإن كانت التصريحات الرسمية الأمريكية تحاول أن تبدي حرصا أيضا علي إضافة شروط أخري للدعم الأمريكي لمصر وهي : احترام الحريات ( وخاصة حريات التعبير وحرية الصحافة ) وتيسير التحول الديمقراطي، وإتاحة التعددية السياسية، واحترام حقوق الأقليات، وحقوق المرأة . وإذا كان صحيحا في ضوء التطورات التي تشهدها الساحة السياسية في مصر بعد ثورة 25 يناير أن حكم الإخوان المسلمين في مصر يحظي برضا أمريكي ظاهر، فهل يعني ذلك أنه لا يوجد " سقف أمريكي " لهذا الرضا والتأييد لسياسات الإخوان ؟ وهل هناك مسافة بين الموقف الأمريكي الرسمي تجاه حكم الإخوان المسلمين في مصر، وما يجري في كواليس السياسة الأمريكية وفي الدوائر الإعلامية من مناقشات حول أداء الإخوان ومستقبل مصر في ظل المرحلة الإخوانية ؟ إن المتابع لما تظهره بعض الدوائر الأمريكية في الشأن المصري يستنتج أن هناك مخاوف أمريكية من توسع الإخوان في السيطرة علي مقاليد الأمور، والإقدام علي إزاحة القادة العسكريين من المشهد السياسي، والاتجاه إلي " أخونة " المناصب السياسية والإعلام المصري، مما يثير تساؤلات عن «مستقبل التغيير في مصر في المرحلة القادمة» . هناك أيضا المخاوف التي يسميها الكاتب الأمريكي دينيس روس في مقالته في الواشنطن بوست " عدم اعتراف الإخوان بالحقيقة " واتجاههم باستمرار إلي تغليب فلسفتهم الخاصة في جميع الأمور، ويصل دينيس روس إلي حد مطالبة الإدارة الأمريكية بأن تتحسب في قبولها الدائم لطرح البديل الذي يطرحه الإخوان، فليسوا دائما علي صواب، وإذا كان يمكن القبول بالخلافات السياسية ومحاولة حلها، فليس مقبولا أن تساير الإدارة الأمريكية علي طول الخط ما يطرحه الإخوان من حقائق مبنية علي خيالات لا صلة لها بالواقع . ويختتم الكاتب الأمريكي مقالته بأن الموقف في مصر في ظل حكم الإخوان المسلمين يدعو إلي " القلق " ولا ينبئ بالتفاؤل خاصة بالنسبة للمسألة الديمقراطية، بالإضافة إلي إقدام مصر علي نشر قوات الجيش في سيناء، من دون إخطار إسرائيل مسبقا، طبقا لمعاهدة السلام، وبناء عليه يطالب روس حكومة بلاده بربط أية معونة أو مساعدة اقتصادية لمصر بالسلوك السياسي الذي سوف تتبناه جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا أنه " مع استمرار الانتهاكات فلا معونة ولا مساعدات اقتصادية". إيران تثمن إيران كثيرا الزيارة التاريخية للرئيس المصري الدكتور محمد مرسي إلي طهران، ويؤكد مسئولون إيرانيون أن الزيارة ومباحثات مرسي نجاد، يمكن أن تمثل فرصة طبيعية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، ويقول علي أكبر صالحي وزير خارجية إيران " إن مصر هي حجر الزاوية في المنطقة، ولها مكانة خاصة بين الدول العربية والإسلامية، وهي ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، وهناك أواصر صداقة ومحبة بين الشعبين المصري والإيراني، وقد أعادت الثورة لمصر دورها ووضعها الطبيعي في المنطقة والعالم، وأن إيران ترحب بالرئيس المصري في طهران، فهو شخصية متميزة أخلاقيا وعلميا وفكريا . " ومن الملاحظات المهمة أنه أثناء انعقاد قمة مكة الإسلامية في المملكة السعودية مؤخرا، كانت مصر قد تقدمت بمبادرة خاصة لحل الأزمة السورية وذلك عن طريق تشكيل " لجنة رباعية دولية " من كل من إيران ومصر وتركيا والسعودية لإجراء مباحثات واتصالات تؤدي إلي التوصل إلي حل سياسي سلمي للوضع المتأزم في سوريا، وتقوم وجهة النظر المصرية علي أساس جعل إيران عاملا أساسيا في الحل السياسي للمشكلة السورية، وتقدر إيران هذا التوجه المصري، خاصة أنه سبق لجماعة الإخوان المسلمين التأكيد علي تأييدهم لحق إيران في امتلاك برنامجهم النووي السلمي . كما تثمن إيران كثيرا انعقاد قمة عدم الانحياز علي أراضيها في ظل مرحلة حرجة من العزلة الدولية المفروضة عليها من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والكثير من دول العالم التي قررت احترام قرارات الأمم المتحدة وتنفيذ المقاطعة الاقتصادية وعدم التعامل مع إيران
في مجالات عديدة . ولاشك أن انعقاد قمة عدم الانحياز في إيران سيساهم في كسر عزلتها الدولية، ويكسبها عدة نقاط، ويساهم في تبييض صورتها أمام العالم بعد ما لحقها من تشويه علي أيدي وسائل الإعلام والقنوات الغربية، خاصة مع حضور العشرات من كبار المسئولين في الدول المشاركة ( 120 دولة ) فضلا عن مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي رفض الانصياع للضغط الأمريكي / الإسرائيلي بعدم الحضور بذريعة أن حركة عدم الانحياز تضم نحو ثلثي أعضاء الأمم المتحدة، ويقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية " إن قمة عدم الانحياز في طهران تمثل أكبر حدث دبلوماسي في تاريخها " ومع تولي إيران رئاسة القمة، فإن الرئيس أحمدي نجاد يمكنه الحصول علي دعم دولي لحق إيران في امتلاك برنامجها النووي السلمي، كما يمكنه المشاركة باسم حركة عدم الانحياز في الفعاليات الدولية ممثلا للحركة، وأولها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل بمدينة نيويورك . وتبدو إيران ماضية في سياستها دون تردد، متحدية جميع أشكال الضغط الدولي عليها، فمن ناحية قامت بتركيب مزيد من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في منشأة محصنة تحت الأرض، ما يزيد من مخاوف وصولها لتصنيع القنبلة النووية، وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية الموقع العسكري الذي سعت إيران إلي إخفائه، ولا تستطيع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتي الآن الكشف عن أدلة حقيقية تثبت " عسكرة " البرنامج النووي الإيراني . ومن ناحية أخري، تحرص إيران علي استعراض قوتها العسكرية أمام التهديدات العسكرية الإسرائيلية بضرب منشآتها النووية، حيث كشف الرئيس الإيراني عن عدد من الانجازات العسكرية الضخمة، ومنها تطوير ستة أسلحة من بينها صاروخ قصير المدي أكثر دقة، ومحرك بحري أكثر قوة، ومختبر محمول جوا، وتضم هذه الانجازات الجيل الجديد لصاروخ " فاتح 110 ) ويصل مداه إلي 300 كيلو متر، ومنصات إطلاق صواريخ ومصفحات ومدافع هاون وغير ذلك من معدات تزيد من القدرات العسكرية الإيرانية . وعلي صعيد مواجهة التهديدات بشن حرب علي طهران ، كشفت مصادر استخباراتية غربية أن المرشد الأعلي علي خامنئي أمر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بتكثيف هجماته ضد الغرب وحلفائه في كل مكان في العالم، وذلك ردا علي دعم الغرب للمعارضة السورية، وردا علي العقوبات الدولية المفروضة علي إيران والتي تثقل كاهلها . وتعتقد إيران أن الولايات المتحدة وأوروبا تدبر مؤامرة لإسقاط النظام السياسي في سوريا، تمهيدا بعد ذلك لإسقاط النظام السياسي الحالي في طهران . وفي اجتماع طارئ لمجلس الأمن الوطني الإيراني، أعطي خامنئي تعليمات بإطلاق تحذيرات إيرانية لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وتركيا والسعودية وقطر، بسبب ما تسلكه في سوريا، كما تقدمت إيران بشكوي إلي الأمم المتحدة ردا علي التهديدات الإسرائيلية بشن الحرب علي إيران لمخالفة ذلك لميثاق المنظمة الدولية والقانون الدولي، ولمعارضة ذلك مع الجهود الدولية لتعزيز السلم والأمن الدولي . وعلي الصعيد الإقليمي، تبدو الأمور أكثر تعقيدا وتشابكا، وتبدو الظواهر علي تناقض تام مع بواطن الأمور وخفاياها، ففي الظاهر، اتفقت إيران والسعودية علي رفع مستوي العلاقات بينهما، وحظي الرئيس الإيراني أحمدي نجاد علي تكريم بروتوكولي خاص أثناء حضوره قمة مكة الإسلامية أكثر مما حظي به رؤساء آخرون، وهناك أيضا الحديث عن تأسيس السعودية لمركز لما يسمي ب " الحوار بين المذاهب الإسلامية " ومقره الرياض، غير أن هذه الشواهد لا تخفي ما يعتمل في الصدور، وما تنطوي عليه من خلافات مذهبية واعتقادية ونزاعات سياسية، وملفات تكتنفها خلافات عاصفة بين الرياض وطهران، خاصة مع التراجع النسبي للدور السعودي إقليميا، مرة لصالح إيران، ومرة أخري لصالح الشقيق " القطري " المشاكس والمنطلق في عدة اتجاهات، ومرة ثالثة وشائكة بسبب الأحداث المتسارعة ضمن ثورات " الربيع العربي " التي قلبت جميع الثوابت رأسا علي عقب . وفي محاولة لاستعادة بعضا من النفوذ المفقود، توظف السعودية، ربما علي غير عادتها، جهازها الاستخباراتي برياسة الأمير بندر ابن سلطان، للتقارب والتفاهم والتشارك مع الصديق التركي، في محاولة لتحقيق هدف مزدوج هو : الإسراع بإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، والسعي لصد الاتجاه التوسعي الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط . إسرائيل دعا وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجيدور ليبرمان الرئيس المصري محمد مرسي لزيارة القدس، والنزول ضيفا علي الرئيس الإسرائيلي بيريز، وذلك لتحسين العلاقات بين البلدين . والحقيقة أنه من أكثر الأطراف الإقليمية التي تأثرت إلي حد الغضب من زيارة الرئيس مرسي التاريخية لإيران، وانعقاد قمة عدم الانحياز في طهران، هي إسرائيل التي يبدو أنها سعت بجهود مباشرة وغير مباشرة لمنع هذه الزيارة، ففي الإعلام الإسرائيلي ظهر بوضوح غضب قادة إسرائيل إزاء هذه الخطوة التي يبدو أنها لم تصل إلي توقعاتهم، وفي خضم انتقادات وهجوم مباشر علي الرئيس المصري تساءلت دوائر عديدة في إسرائيل : ماذا سيكون عليه موقف مصر، في حالة لو قررت إسرائيل شن ضربة عسكرية علي المنشآت النووية الإيرانية ؟ وهل ستتخذ مصر موقفا سلبيا من ذلك، أم ستنعكس هذه الحرب مباشرة علي حاضر ومستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية ؟ وهكذا، وجدت تل أبيب نفسها في مأزق مزدوج، حيث ارتبطت لديها فجأة المسألة الإيرانية بالمسألة المصرية، ما أثار ارتباكا ظاهرا في الدوائر السياسية، خاصة في ظل مرحلة حرجة ودقيقة تمر بها العلاقات بين القاهرة وتل أبيب علي خلفية حادث رفح الذي راح ضحيته 16 جنديا مصريا، وترتب عليه بدء مصر لعملية عسكرية واسعة النطاق، تضمنت تكثيف الوجود العسكري المصري في شبه جزيرة سيناء ووصول دبابات وأسلحة ثقيلة إلي عدة مناطق، الأمر الذي أغضب إسرائيل وانتقدته علي اعتبار أنه يتم بدون مشاورة مسبقة مع الجانب الإسرائيلي، وفقا لما تقضي به معاهدة السلام المبرمة بين البلدين منذ 33 عاما . وهنا من المهم أن نذكر أن الجانب الأمريكي أعرب عن رضاه الكامل عن العملية العسكرية المصرية في سيناء، وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أن مصر تحركت لمكافحة الإرهاب في سيناء من أجل حماية أمنها القومي، وأيضا أمن الجيران في المنطقة، وبينما توقعت إسرائيل أن تستخدم الولايات المتحدة قضية المعونة الأمريكية لمصر للضغط عليها من أجل سحب دباباتها من سيناء، فإن الجانب الأمريكي علي العكس شجع مصر علي ما اتخذته من اجراءات عسكرية واسعة في المنطقة، وذكرت شبكة سي بي اس الإخبارية الأمريكية أن إسرائيل سبق أن وافقت في العام الماضي لمصر علي بعض الاستثناءات في معاهدة كامب ديفيد، ونشر أسلحة ثقيلة في شرق سيناء بالقرب من الحدود مع إسرائيل، لأن إسرائيل آنذاك رأت في العناصر الإسلامية المسلحة في المنطقة تهديدا لها، وقالت الشبكة إن قادة إسرائيل يعتبرون ما يجري حاليا يتجاوز ما تم الاتفاق عليه في وقت سابق . وعلي خلفية ذلك، وبالإضافة إلي زيارة الرئيس المصري لإيران، تتوقع دوائر إسرائيلية أن مصر ستمضي في طريق تعديل معاهدة كامب ديفيد، ( وذلك علي الرغم من تطمينات الرئيس المصري عن احترام بلاده لمعاهدة السلام ) ، ولكن تعتقد تل أبيب أن مصر تتخذ خطوات تختبر بها رد الفعل الإسرائيلي تدريجيا، وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن إسرائيل تواجه لحظة مضطربة، ولا تستطيع أن تحدد علي وجه الدقة ما إذا كانت منطقة سيناء منطقة آمنة كما كانت تعتبرها في الماضي، وهي تشعر أساسا بمرحلة ضبابية منذ وصول الرئيس مرسي إلي السلطة، ثم اتخاذه مؤخرا قراره بإحالة الحرس العسكري القديم للتقاعد وكان هذا الحرس القديم بمثابة الحامي لمعاهدة السلام بين الجانبين، وهذا في وقت تتضاعف فيه إلي أبعاد قوية خطر التهديدات الإيرانية خاصة، في حالة السماح لإيران باستكمال برنامجها النووي، والوصول به إلي مستوي صناعة القنبلة النووية . بل إن حدود المخاطر التي يستشعرها الجانب الإسرائيلي تفوق ذلك، حيث يقدر القادة الإسرائيليون أن وصول إيران للسلاح النووي، سيكون مقدمة لسباق نووي في منطقة الشرق الأوسط، حيث تبدو ثلاث دول مؤهلة لهذه المرحلة وهي تركيا والسعودية ومصر، وتقول صحيفة "معاريف" إن مصر بدأت بالفعل في جهود مشوارها النووي، يساعدها في ذلك انخفاض النفوذ الأمريكي الحالي، وديناميكية الواقع الجاري في المنطقة، وأن تركيا ستحاول الحصول علي السلاح النووي بهدف زيادة نفوذها الإقليمي، أما السعودية فلديها الدافع القوي ممثلا في الخطر النووي الإيراني، وسوف تساعد قوتها الاقتصادية علي الدخول في دائرة الدول النووية . أمريكا كشفت مصادر إسرائيلية معلومات عن اتصالات مكثفة تجريها سرا الولايات المتحدة لإقناع مصر بعقد قمة مشتركة مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز أو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بحضور الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقالت «يديعوت احرونوت»: إن جهدا كبيرا يجري لإقناع الرئيس مرسي بذلك، لتحسين العلاقات بين مصر وإسرائيل، و تحقيق مكسب للرئيس باراك أوباما قبيل اجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية . وفي السياق، لا يخفي أن الولايات المتحدة لم يسعدها إطلاقا قيام الرئيس المصري بزيارة إيران، وإجرائه مباحثات مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ولا تطمئن واشنطن علي الرغم من أن الرئيس المصري حمل رسالة واضحة إلي طهران مفادها أن الموقف في سوريا لم يعد يجد معه أي إصلاح، وأن الشعب المصري يؤيد ثورة الشعب السوري، ولكن كون الزيارة تعني أساسا بداية التقارب المصري الإيراني يقلق الولايات المتحدة بشدة، وهناك أصوات أمريكية وغربية هاجمت بشدة حركة عدم الانحياز نفسها لمجرد عقد قمتها في طهران، حتي أن الكاتب رومان د . أورتيس أطلق علي القمة اسم " تحالف المستبدين". وفي ضوء العديد من التطورات الإيرانية، وأحداث أخري متصاعدة في سوريا ، و في منطقة الشرق الأوسط، أعلن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا أن الولايات المتحدة تستعد للتهديدات القادمة من الجانب الإيراني، والاضطرابات في سوريا، حيث تم اتخاذ قرار بتوجه حاملة الطائرات " يو اس اس جون ستينس " وجموعتها الضاربة إلي الشرق الأوسط في سياق خطة تنفذ قبل موعدها بأربعة أشهر، وأن هذا الانتشار السريع يأتي استجابة للكثير من التهديدات في الشرق الأوسط في الوقت الحالي . في الوقت نفسه، تشير مصادر أمريكية إلي أن البنتاجون يدرس حاليا خطة طوارئ وعدة سيناريوهات للتدخل العسكري في حالة وجود ضرورة لتأمين الأسلحة الكيميائية السورية، في حال تدهور الأوضاع، وسقوط النظام السوري . وتعتبر الولايات المتحدة أن ما تشهده المنطقة هو غير مسبوق، وبينما كان التخطيط العسكري الأمريكي في السابق يركز مباشرة علي البحث عن أسلحة الدمار الشامل في أيدي معادية، فإن الوضع في سوريا يثير الاحتمال بوقوع مخزونات الأسلحة في أيدي جماعات ناشطة أو أعضاء يائسين من نظام مهدد ، لذلك فإن الولايات المتحدة حاليا تواجه قضية جديدة تماما، ويقول تشارلز بلير من اتحاد العلماء الأمريكيين " ما يجري جديد تماما، فلم يحدث في التاريخ أن دخلت دولة تمتلك أسلحة دمار شامل في حرب أهلية " . وتقول ميليسا دالتون المسؤلة السابقة في البنتاجون والمتعاونة مع مركز الأمن الأمريكي الجديد إن النظام السوري قد يعمد إلي نقل مخزوناته من الأسلحة الكيمائية إلي أحد من الحلفاء (حزب الله أو إيران) وقالت : «إن أي مهمة عسكرية لضمان أمن المواقع الكيميائية ستكون علي الأرجح عبر تشكيل شبكة تحالف من دول حلف الأطلسي، وإسرائيل، ودول عربية».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.